
على الرغم من اعلان المديرية العامة للأمن العام في لبنان برآسة اللواء عباس ابراهيم تقريرها حول مرسوم التجنيس وهو ما كان متوقعاً، وتضمن ملاحظات بحق 85 إسماً وارداً في المرسوم، غير ان المرسوم أصبح منجزاً دون الاخذ بملاحظات التقرير، وأصبح بالتالي ساري المفعول بعد ان صدر بالجريدة الرسمية.
وتتراوح الملاحظات بحق هؤلاء بين وجود ملاحقات قضائية أو أمنية في لبنان وفي سائر دول العالم، أو وجود أحكام قضائية بحق بعضهم.
وكان اللواء ابراهيم قد استبق التوقعات وأكد أن هذه التحقيقات قد لا تصل لمجلس الشورى.
هذا واشارت أوساط إعلامية إلى أن مرسوم التجنيس أصبح نافذا والطعون تنتظر مجلس شورى الدولة، معتبرةً ان تكليف الامن العام هو شكلي وإضاعة لوقت الناس.
الاعلامي والمحلل السياسي، الياس الزغبي أكد في حديث لـ “جنوبية” أن ” مرسوم التجنيس بكل ما احاط به من إشكالات وتعتيم وتمرير يُشكل أسوأ ما أصاب هذا العهد منذ عشرين شهراً حتى الآن، فكل المراسيم والقرارات والتعيينات والالتزامات والتمريرات داخل الحكومة وخارجها كانت تجد تبريرا ما، أو ربما كان يمكن تمريرها بالحد الادنى من الخسائر.”
وأضاف أن ” مرسوم التجنيس يدل على أن هذه السلطة وهذا العهد قد ارتكبا خطأ جسيماً لا يستطيعان من جهة تصحيحه ولا يبادران إلى العودة عن الخطأ كفضيلة، لذلك هناك امعان في تجهيل هذا المرسوم وتمريره بحجج شتى وتحويله أو تجييره إلى الأمن العام وكأنها خطوة مسرحية يراد منها تمرير هذا المرسوم تحت غطاء شرعي مع ان المسألة تشكل فضيحة ذهاباً وإياباً، أي في إتخاذ المرسوم بحد ذاته ثم إعادة تمريره بهذه الطريقة الملتوية”.
وفي الختام أشار الاعلامي والمحلل السياسي، الياس الزغبي إلى أنه “إذا كان المطلوب هو انتظار قرار مجلس شورى الدولة، فلماذا من الاساس تم تكليف الأمن العام بتصحيحه، وجميع الاطراف المعنية بهذا المرسوم اعترفت بأن هناك اخلالاً كبيراً في عشرات الأسماء المشبوهة قضائياً وامنياً ورغم ذلك تحاول السلطة بكل فروعها خداع الرأى العام وتمرير المرسوم وكان من الاجدى منذ ان افتضح امره، أن يتمتع العهد والسلطة بالشجاعة الادبية الكافية لطمس هذا المرسوم وابطاله مع أثاره السلبية وارتداداته الخطيرة على الحكم بأجمعه”.
ومن جهته أكد الخبير الدستوريّ المُحامي ماجد فيّاض أن “مرسوم التجنيس نافذ منذ ان صدر لانه نشر في الجريدة الرسمية وحاز على التواقيع اللازمة عليه، وبما أنه قد تم تقديم طعون امام مجلس شورى الدولة تحديداً من الحزب التقدمي الاشتراكي ومن حزب القوات اللبنانية فمهمة المجلس اليوم هو ان ينظر فيما إذا كان هناك من صفة ومصلحة لمن تقدم بالطعن”، موضحاً أنه “إذا وجد ان هناك صفة ومصلحة لمن تقدم بالطعن يتم تخطي عتبة الشكل وندخل في البحث في اساس المرسوم بجهة ما إذا كان قانونياً ولا يخالف الدستور، وتختلف عندئذ الاراء بين كثيرين حول قانونيته ودستوريته”.

إقرأ أيضاً: صفقة مرسوم تجنيس «المحظيين العرب والسوريين» تفاجىء اللبنانيين
وأضاف فيّاض أنه ” من جهة القانونية هناك عيوب شابته، اولها السؤال ما اذا كان يحق لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الداخلية أن يتخذوا قراراً بإعطاء الجنسية بموجب مرسوم وضعوا تواقيعهم عليه في حين أن قانون الجنسية لا يشير إلى هذا الحق بتاتاً، وإن كان قد جرى العرف فيما مضى على إعطاء الجنسية بموجب مراسيم مشابهة، لكن النظر القانوني المدقق في قانون الجنسية لا يفسح من وجهة نظرنا بأي حق بإعطاء الجنسية بموجب هذه المراسيم مادام ان قانون الجنسية لم ينص على ذلك، ناهيك أن مسألة منح الجنسية باتت من صلاحيات السلطة التنفيذية مجلس الوزراء”.
إقرأ أيضاً: مرسوم التجنيس: ثنائية مارونية – سنية تستفزّ الثنائية الشيعية
وفي الختام أكد الخبير الدستوريّ المُحامي ماجد فيّاض أن” ما اثاره الطعنان يظهر ما يعتبر مخالفاً للدستور من حيث وقت منح الجنسية بما يتعارض مع نص قانون التوطين، وهذه الامور المطروحة الآن أمام مجلس شورى الدولة يتخذ بشأنها القرار الحاسم علماً بأنه أصبح هؤلاء الذين منحوا الجنسية بموجب المرسوم مكتسبين حق في الجنسية إلى أن يصدر القرار القضائي، إما برد الطعنين وإما بإبطال المرسوم، عندها في الحالة الأخيرة، قد تترتب حقوق لمن تجنسوا بوجه الدولة اللبنانية بسبب الحق المكتسب التي حازوه، لانه كان يقتضي أن يقوم الامن العام بالتدقيق في الاسماء قبل ان يصدر المرسوم وليس ان يكلف بالمهمة التي هي من صلاحياته والتي كان يجب ان تعطى اليه قبل الصدور وليس بعده “.