رفضت وزارة الداخلية والبلديات في “كتاب معلّل”، أمس الخميس 17 أيار 2018، تسليم المرشحة جمانة عطالله سلوم، التي خاضت الانتخابات في دائرة بيروت الأولى، إعلانات الفرز في الدائرة، متذرّعةً بأحكام المادة 107 من القانون رقم 44/2017، متناسيةً أحكام المادة 104 من القانون نفسه، التي تنصّ على أن “يعطى رئيس قلم الاقتراع على اثر فرز أوراق الاقتراع الرسمية النتيجة المؤقتة ويوقّع عليها، ويرفق فوراً الإعلان الذي يتضمن النتيجة هذه على باب قلم الاقتراع، ويعطي كلاًّ من المرشحين أو مندوبيهم صورة طبق الأصل عن هذا الإعلان بناء لطلبهم”.
لقد طلبت المرشحة عبر وكيلها ا الأستاذ ملحم خلف، “صورة طبق الأصل”، فلماذا رفضت الوزارة تسليمها هذا الحق؟
هل تخشى وزارة الداخلية انكشاف التزوير في العملية الانتخابية؟ وتحديداً في دائرة بيروت الأولى؟
اقرأ أيضاً: بدائل لا نصيب لها من اسمها
فإذا لم يكن ثمة ما تخشاه الوزارة، في هذا الصدد وفي غيره، في دائرة بيروت الأولى، وفي غيرها من الدوائر الانتخابية، فلماذا لا تعلن أمام الملأ، وعملاً بمبدأ الشفافية، والنزاهة، والحيادية، أنها لا تخشى شيئاً، وأنها بدل أن تنتظر قيام المرشحين المتضررين بتقديم طلبات مماثلة للطلب الذي تقدمت به المرشحة جمانة عطالله سلوم، تضع أمامهم اعلانات النتائج، وكل المستندات العلنية وغير السرية، والمحاضر، وخصوصا أن تسليم هذه المستندات يحصّن شفافية العملية الانتخابية، وقد يُغني بعض المرشّحين المعنيين عن تقديم طعونهم؟
أما ان ترفض الوزارة، في مرحلة أولى، تبلّغ طلبات المرشحين، وأن تنتظر تدخل وزير الداخلية لإلزام الوزارة التبلّغ، وأن ترفض هذه الوزارة، في مرحلة ثانية، هذه الطلبات، وتردّها، فهذا يفضي الى الضبابية في مواقفها والى التشكيك في شفافيتها.
فهل ثمة، يا ترى، ما يقلق الوزارة؟
هل ثمة ما يجعلها تشعر بالإحراج؟
هل ثمة ما يدعوها إلى التعتيم، وإلى عدم تطبيق القانون، وهي المؤتمنة على حسن إنفاذه، وتفادياً لماذا؟
هل إن تضارب الأرقام ما بين لوائج الشطب المعلنة من الوزارة واللوائح المستخدمة يوم الانتخاب، هو ما يقلقها، وقد يكون بمثابة كرة ثلج فضائحية محتملة، من شأنها أن تجرف في طريقها “منتخَبين”، وخصوصاً إذا بيّنت المقارنة أن الأرقام التي نالوها، هي غير الأرقام التي يستحقون نيلها؟
هل ثمة رؤوس يمكن أن تتدحرج من جراء ذلك؟
إني لا أتهم.
إني أسأل فحسب.
وأنا أسأل بصفتي صحافياً.
وخصوصاً أن مهمة الصحافي الأساسية أن يكون مؤتمناً على الحقيقة، وعلى وجدان الناس، وعلى أسئلتهم، وعلى الديموقراطية.
علماً أن في مقدور أيّ مواطن، أيّ مراقب، وأيّ قانوني، أن ينتقل إلى مرحلة “الهجوم”، وإشهار الأسلحة الديموقراطية والقانونية، التي تكشف بالوثائق والأدلة، في حال توافرها، أحجام الانتهاكات والارتكابات غير المسبوقة، التي تخطت الآلاف المؤلفة، بحسب هيئة مراقبة الانتخابات.
تهمّني الحقيقة. لا شيء سوى الحقيقة. أياً تكن النتائج المترتبة عليها، ليس في بيروت الأولى فحسب، بل في الدوائر الخمس عشرة كلها.
لقد حفلت الجرائد، ووسائل التواصل، والتلفزيونات، والمواقع الالكترونية، والفيديوات، والتسجيلات الصوتية، والصور، بما يمكن اعتبارها إخبارات قانونية موثّقة، من شأنها أن تُبطِل العملية الانتخابية برمتها.
ألا يجب، والحال هذه، أن تختار وزارة الداخلية اعتماد الشفافية، وهذا واجبها، في كل مراحل العملية الانتخابية، الأمر الذي من شأنه أن يجنّب الجمهورية التشكيك في صحة الانتخابات ونزاهتها، ويجنّب المجلس الدستوري درس الكثير من الطعون؟
فليتحمّل المسؤولون مسؤولياتهم، كلٌّ بمفرده، ومجتمعين.
ولتتحمّل السلطات منفردةً ومجتمعةً، هذه المسؤولية، ومعها “العهد” الذي يفترض أنه يحمي الدستور، ويُحِقّ الحق، ويزهق الباطل.
إني لا أتهم. إني “أُخبِر” فحسب.
فاعتبروا هذا المقال بمثابة “إخبار”.