اللجوء السوري والتوطين: حقيقة أم شوفينية لبنانية؟

نتيجة الحروب يدفع الشعب أثمانا باهظة، منها ما يتحمله اللاجئ ومنها ما يتحمله البلد المضيف؟ فما هو تعليق كل من الدكتور عماد شمعون، رئيس المجلس الوطني الفيدرالي، ونبيل الحلبي، المحامي الناشط في الدفاع عن اللاجئين السوريين على بعض البيانات التي تدعو الى محاربة الوجودين السوري والفلسطيني في لبنان؟

تطالعنا كل يوم بيانات وتقارير مجهولة المصدر، ولكنها معروفة الغايات والأهداف، تفصح عن عنصرية مبالغ بها. وهي متخفيّة بثوب الوضع الاقتصادي السيئ، وهو مطلب محق ويتفق عليه جميع اللبنانيين.

اقرأ أيضاً: عنصرية ما بعدها عنصرية: تلوث الهواء بسبب السوريين!

ففي هذا البيان العنصري يتضح مدى “الشوفينية” اللبنانية التي تولدت جرّاء الحرب الاهلية اللبنانية، حيث ان اللبناني لا يتوقف عن لصق أزماته المادية والاقتصادية والسياسية بالفلسطينيين، ويرجع اسباب اندلاع الحرب الاهلية الى الوجود الفلسطيني في لبنان، علما ان لبنان استفاد ماديا واقتصاديا بشكل كبير من الوجود الفلسطيني على أرضه.
ولا مجال لتعداد اسماء رجال الاعمال والمتمولين والاقتصاديين الذين اغنوا لبنان وادخلوا الى الخزينة من الرؤوس المالية ما لا يحصى. وكان الصحفي طلال سلمان قد أورد جزءا من أسماء هؤلاء الذين منحتهم السلطة اللبنانية الجنسيّة، كما منحت الأرمن في وقت من الأوقات هذه الجنسية، وهي التي استفادت من اليد العاملة الأرمنية، والمهارات المهنية التي غيّرت وجه الاقتصاد اللباني الفقير أصلا، والذي كان يعتمد على الانفتاح الاقتصادي، كونه بلد قائم على نظام رأسمالي حرّ يسمح بتهريب رؤوس الأموال من بعض الدول العربية، ذات الانظمة الاشتراكية.
واللافت ان الأموال السورية، التي دخلت الى لبنان منذ اندلاع الاحداث على أرضها في العام 2011، كبيرة جدا، اضافة الى عمليات الانفاق وحركة المساعدات التي تدخل من المؤسسات التابعة لمنظمات الامم المتحدة.
ولا يمكن غضّ الطرف عن ان الوجود السوري الحديث في لبنان، الذي سبّب نقصا في التغذية الكهربائية، والمياه، اضافة الى التأثير على اليد العاملة اللبنانية، الا ان ذلك يُعد مشكلة قديمة جديدة.
اما بالنسبة للوجود الفلسطيني الذي يُقلق الكثيرون، وخاصة من ذويّ النزعة العنصرية، فلا بد من التذكير ان الفلسطيني يعيش في لبنان، ويعمل فيه، وفيه يصرف أمواله ويتعلم فيه، لا طموح لديه للتوطين، بل لا زال ينادي بحق العودة.
ويعود الخوف من توطين الفلسطينيين والسوريين الى هاجس التغيير الديموغرافي الذي سيرفع عدد المسلمين مقارنة بعدد المسيحيين في حال تم ذلك.
ومن المهم الاشارة الى ان هذه المخاوف ليست في محلها فيما يخص الفلسطينيين، اضافة الى انه من المبكر الحديث عن مخاوف تجاه الوجود السوري، كون الازمة السورية لم تنته بعد، وثمة مناطق آمنة في سوريا تسمح بعودة النازحين، اضافة الى انه لا لوجود لاحتلال في سوريا كما هو حاصل في فلسطين.

بيان
وعودة الفلسطيني ليست بيده، فالاحتلال يمنعه من العودة، وهو مطرود من معظم الدول العربية ذات الانظمة الرجعية التي استجلبت العمالة الاسيوية ولم تعتمد على العمالة العربية.
لذا، الخوف من التوطين الفلسطيني بات وراء ظهورنا، اما الخوف من توطين السوريين فمن المبكر الحديث عنه.
فماذا يقول رئيس المجلس الوطني الفيدرالي الدكتور عماد شمعون تعليقا على الموضوع لـ”جنوبية: “عانى لبنان كثيرا من اللجوء الفلسطيني، ولاننا نعرف ماذا يعني لجوء فاننا نعيش ازمة اللجوء السوري، خاصة ان اعدادهم مضاعفة، ونحن بلد صغير لا يتحمل هذه الاعداد. والقصة ليست قصة لا إنسانيتنا. اذ لا يمكننا ان ننسى ان اللبناني يحتاج الى عطف انساني هو ايضا. فالسعودية بلد كبير المساحة لماذا لا تنقلهم اليها، ولديها امكانيات هائلة اما نحن فنعاني من خطر ديموغرافي ونخاف من التوطين. ونتحمل عبئا اكبر من طاقتنا. ونحن نؤيد اقامة مناطق آمنة داخل سوريا”.

الدكتور عماد شمعون

“وأرى ان موقف السلطة اللبنانية خبيث حين عينت وزيرا للنازحين، مؤيد لبقاء النازحين في لبنان”.
وردا على سؤال عن ان اللبناني هاجر الى القارة الاميركية وعاش ونال الجنسية؟ اعتبر شمعون ان هذا السؤال خاطئ، فالهجرة اللبنانية بدأت في العام 1800، وكان اللبنانيون يهاجرون على دفعات، وليس دفعة واحدة. وهذا السؤال فيه الكثير من الشطارة، فالهجرة اللبنانيّة تمت منذ 150 سنة. اضافة الى ان العاصمة البرازيلية هي قارة، اما لبنان فبلد صغير جدا والكثافة السكانية عالية فيه”. “ونحن نطالب بحق العودة الآمنة ونصرخ ضد السوري، ومع الدعوة الى مقاطعتهم”.
وردا على سؤال حول اطلاعه على عمليات تسجيل رسمية للسوريين في لبنان؟ قال شمعون “عدد الولادات الهائل، والتسجيل في المدارس، والعمالة السورية كل ذلك لا يشجعّهم على العودة. وإن لم يحصلوا على وثائق رسمية. فالعمال باقون، والمزاحمة للاقتصاد كبيرة. ونحن لا نقوم بأي عمل سوى الصراخ. فالجهود يجب ان تكون منظمة وهذه مسؤولية رأس الهرم في الدولة اللبنانية التي من واجبها حماية الوجود اللبناني”.
وهل يميز بين السوري المسيحي أو السوري المسلم؟ قال شمعون “نحن نتكلم عن الجميع، سواء السوري المسيحي او السوري المسلم، فالامر غير طبيعي، اذ ان 90% من المقيمين على أرض لبنان هم من السوريين”. وختم “انا اقاطع المحال والعمال السوريين، لأني بذلك لا أحرم اللبناني من فرصة ربح مادي ولو بسيط”.
بالمقابل، اعتبر المحامي نبيل الحلبي ان “نغمة البيانات ليست بجديدة، بل قديمة جدا، وهي من عمر الوجود الفلسطيني في لبنان، وهذا الوجود الذي جاء نتيجة تقاعس الأنظمة العربية وتخاذلها وخياناتها، فالشعب الفلسطيني لم يأت الى لبنان من قرارة نفسه. ونحن مع الاسف نسمع هذه الموجة العنصرية التي هدفها منع اللاجئين الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم المدنيّة”.
وتابع “تصوري حجم معاناة العائلات الفلسطينية لجهة عدم التملك، رغم ان كل مصاريفهم وعيشهم هنا في لبنان، وهم لا يريدون التوطين، فاللبناني يهاجر من هنا، فما بالنا بالفلسطيني؟”.

اقرأ أيضاً: الخطر الداهم في سورية وليس جنوب لبنان

“وهذا الكلام الطائفي العنصري نسمعه كل فترة قبل الانتخابات من اجل تجييش الاصوات. فأين كانت حين كان الجيش السوري هنا، وكان هناك حوالي 40 ألف سوري؟ وأين كانت حين كان كل وزراء العمل تابعون لجهة سياسية معينة”.

المحامي نبيل الحلبي

“علينا رعايتهم لحين عودتهم الى بلادهم، فلبنان ممر وليس مقر، فلا أحد يرغب بالاقامة هنا، مع الاشارة الى ان العمالة السورية تدفع مبالغ طائلة للأمن العام، ولوزارة العمل، اضافة الى الاموال التي تصل من المنظمات الدولية، ومن ايجارات المنازل، والإنفاق والمداخيل، ورؤوس الاموال التي انتقلت الى البنوك اللبنانية”.
وأكد الحلبي انه “لا مناطق آمنة في سوريا، ولا يمكن عودتهم لان معظم النازحين السوريين هنا من المعارضة، رغم اني ادعو الى العودة لكل من يجد له مكانا آمنا هناك”. وختم الحلبي “انا ارى ان الموضوع موضوعا طائفيّا”.

السابق
بيرين سات مغرمة بشاب حلبي.. والأتراك يعترضون!
التالي
تحذيرات من أسلمة لبنان: فنيش استند إلى الشرع الإسلامي في منع لعبة MMA