برعاية نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، رئيس مجلس أمناء الجامعة الإسلامية في لبنان سماحة آية الله الشيخ عبد الأمير قبلان ممثلاً بالمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان وبدعوة من رئيسة الجامعة ا.د. دينا المولى احتفلت الجامعة بتخريج 553 خريجا وخريجة للسنة الدراسية 2015-2016 في قصر المؤاتمرات في الوردانية حضرها الى ذوي الخريجين حشد من الشخصيات التربوية والقضائية والثافية والعسكرية وعلماء الدين وعمداء واساتذة الجامعة.
بداية كلمة ترحيب لعريف الحفل مدير شؤون الطلاب د. غادي مقلد اكد فيها ان الجامعة الاسلامية في لبنان أسست لتكون منارة للتعليم العالي، وهي تخرج الجامعة اليوم الدفعة الثامنة عشرة من طلابها ، سفراء الى ميادين العمل التي سوف تشهد على الأصالة العلمية للجامعة وعلى جودتها ورزانتها. وبعد اي الذكر الحكيم للشيخ احمد الحاج والنشيد الوطني، القى كلمة الخريجين باللغات الثالث كل من: شيرين عبيد،روان زيتون ومروى شقير.
والقت رئيسة الجامعة د. المولى كلمة استهلتها بتوجيه التحية الى جميع المتخرجين والأهالي، و العمداء والمدراء والهيئة التعليمية وسائر الموظفين والإداريين الذين أشرفوا على تنظيم هذا الحفل، مشيرة الى ان الجامعة الإسلامية تهدف الى تنمية شخصية الطالب لتصبح قيادية متكاملة ومسؤولة تتحلى بمهارات التعليم والإبتكار من خلال ترسيخ ضمان جودة التعليم والبحث العلمي وتجديده بصورة ابداعية تأخذ في اعتبارها أرقى المعايير الدولية ومستجدات العصر والتطورات التكنولوجية المتسارعة، وتوظيفها بالأسلوب الأمثل لتمكين “المتعلمين” من المعرفة والكفايات والمهارات والأخلاقيات الإسلامية النبيلة والسلوكيات الإنسانية والثقافية الهادفة الى تأمين نجاحهم والتقاطهم الفرص بالإضافة الى تلبية متطلباتهم كمواطنين فاعلين في المجتمع وسوق العمل في لبنان وفي جميع أنحاء العالم. أما هويتها ….. إسلامية، فما كان الإسلام يوماً إلا رسالة تسامح وانفتاح ورحمة، هي جامعة لكل الوطن، لبنان وطن رسالة، جامعتنا الإسلامية حدودها الوطن في المكان وحدودها الإنسان في كل مكان وزمان. اما رسالتها،فهي رسالة علمية بإمتياز وهي أيضاً أسلوب حياة نبني من خلالها الإنسان علماً وثقافة ووطنية.فالعلم يحتم الإنفتاح على كل ما هو حديث ومتطور في جامعات العالم. فتحديث مناهجنا بشكل مستمر لم يعد اجتهاداً أو ترفاً اكاديمياً. فتعتبر الجامعة الإسلامية “الطالب” محور العملية التعليمية المحفزة للتنمية الاقتصادية والإجتماعية المستدامة بهدف الإنخراط في خدمة المجتمع ولتمكينه من النجاح كمواطن وكقيادي يسهم إيجابيا في بناء الوطن.فلا بد من انشاء وتطوير نظام لضمان جودة التعليم مما يتيح للجامعة دخولها مجالات التصنيف والتنافس مع الجامعات العربية والعالمية بهدف تؤامة وشراكات مثمرة على قاعدة الكفاءة والفائدة المتبادلة لتوفير بيئة تعليمية جامعة وحاضنة لكل الوطن. فلقد آن الأوان للإنتقال بطرق التدريس من التلقين الى مشاركة الطالب في صنع واعداد المحاضرات ومناقشتها.اما دور الأستاذ فيكمن في التوجيه والإرشاد وتصحيح المسارات المنهجية الخاطئة والعمل على اعادة تقييم المناهج والبرامج التعليمية والبحثية تنسجم مع التغييرات العالمية.نعم نريد جامعة بعيدة كل البعد عن النمطية المعروفة في اكثر الجامعات العربية المهزومة من داخلها بسبب الموروثات البالية والتي خرّجت من صفوفها طبائع الاستبداد.وسنجعل هذه الرسالة مفهومة ونافذة في الجامعة الإسلامية في لبنان على مختلف المستويات الأكاديمية والإدارية والخدماتية مؤسسة قابلة للتجديد والتقييم الذاتي.فالطائفية لا تعنينا، والقبيلة ليست منا والمذهبية لا تعرفنا،فحدودنا الوطن وطنياً، والعالم معرفة وعلماً.فرسالتنا حرية لأنه لا معرفة تدرك دون حرية. إن هدفنا هو المواطن لأن الشعب في التعريف القانوني هو مجموع المواطنين.
واكدت د. المولى ان الجامعة الإسلامية في لبنان ليست فقط جامعة الوطن بل جامعة للوطن، لكل الوطن. كما ارادها صاحب الحلم الإمام المغيّب موسى الصدر وحققها الراحل الإمام شمس الدين وعمل على تطويرها وتوسعها واحتضانها الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان وحامل الأمانة دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، أرادوها الجامعة الأولى في الوطن العربي، منارة للعلم على صعيد الوطن ومهداً للمواطنة ودولة المؤسسات.نحن نؤمن أن لبنان وطن نهائي لجميع اللبنانيين، بحيث لا يجوز المس بهوية وطبيعة الكيان اللبناني.مع الإمام السيد موسى الصدر تبلورت علاقة جديدة، علاقة على قاعدة الاندماج الوطني والانخراطي في الحياة العامة وبناء جسور الثقة كخيار وطريق لمعالجة الخلل. فالمشروع الوطني ينطلق من ثوابت على قاعدة الاجماع الوطني العام، وبما يحقق مصالح المواطن والوطن.فحركة الإمام الصدر استقطبت حولها وجذبت اليها الإعجاب والتقدير واكتسبت صفة الدفاع عن حق الانسان في لبنان لا الدفاع عن حق الطائفة. فكان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ليكون الاطار المنظم والجامع لواقع يؤكد على الهوية المنفتحة على الهويات الأخرى المكونة للمجتمع اللبناني. وجسّدت الجامعة الإسلامية هذه الهوية والرسالة.
وخاطبت الخريجين بالقول…تعالوا ننشد في حياتنا لحن الخلود للرسالة السماوية قولاً وعملاً، مستلهمين فكر السادة المؤسسين، العلماء والمجاهدين والقادة المؤمنين بالوطن.أنتم رسل العلم والمحبة والتسامح والحوار.أدعوكم أن تقدموا العلم بوجه إنساني وحضاري، فلا يغتاب أحدكم الآخر في لحظة غضب، بل كونوا قدوة في التضحية دون وجل، والعطاء دون منّة، والتواضع دون انكسار.وتذكروا من علمكم ومن سهر حتى تتعلموا……… إنهم أهلكم. عيشوا الزمن في لحظاته، فاللحظة الجميلة إن ذهبت لا تعود. تقدموا بغد أفضل وكونوا أمناء على رسالتكم في محبة وطنكم. فهنيئاً لكم هذا الحفل، عنوان إنجاز صنعتموه أنتم وحققتموه أنتم فحقاً أنتم صنّاع مستقبل الوطن، من جامعة لكل الوطن.عشتم وعاشت الجامعة الإسلامية في لبنان وعاش لبنان.
والقى ممثل راعي الحفل المفتي احمد قبلان كلمة جاء فيها: ان العالم يعيش اليوم مخاض “معركة العلم” على طريقة “عقل الشركات” في عصر كاد يتحوّل إلى سوق للسلع التقنية وعالم الإبتكارات الممولة لدرجة أن 96 بالمئة من الأصول المالية في العالم مملوكة لشركات محتكرة، كما أنها تهيمن على 81 بالمئة من وظائف العالم، على طريقة “الإطباق والسيطرة على العقول والمنتجات الفكرية والتقنية”، ولذلك فإن مقولة بول نيتز: (العالم مملوك من أشخاص يعدّون على الأصابع، فيما البقية مجرّد موظفين وعمال) صحيحة إلى حدّ كبير، وليس المطلوب أن نستسلم، لأن مزيداً من العلم يعني مزيداً من فكّ الإرتباط بمراكز الهيمنة والإحتكار، وهذا الأمر يحتاج إلى تضحيات ونقابات لإعادة تجميع القوى المتعلّمة، خاصةً في بلادنا، لأن آخر دراسات أكدت أن سوق العمل في لبنان تتقاسمه مجموعة لا تزيد عن 300 إطاراً مهني ضمن مجموعات متنوّعة وأسماء مختلفة، ما يؤسس لسوق مهيمنة وفشل بتحقيق العدل الوظيفي، وهو ما طالبنا به الحكومة وأكدنا عليه، لأنّ مزيداً من انسحاب العمل الحكومي من هذا القطاع يعني مزيداً من الهيمنة غير العادلة، بدليل أن أرقام البطالة والبطالة المقنَّعة والتمييز الوظيفي والغبن بالأجور وإدارة الشق الوظيفي مردّه فشل السياسات الحكومية. إلاّ أنّ ما يعزّينا هو إصرار هذه الأجيال على العلم ما يزيد من خيارات “كسر الإحتكار” ويؤسس لمرحلة جديدة على مستوى السوق وهامش المنافسة، وأنتم اليوم تحظون بفرصة جديدة، ضمن مربعات تتغير فيها الوجوه والأسواق ما يساعدكم على تطوير مشروعات استثمار العلم، وهو جزء مِن الإرادة الأخلاقية والوطنية التي يجب أن تتحول بلحظة ما إلى “قوة” قادرة على التغيير وكسر المعادلات القائمة، لأن بلداً يعيش على “السوق المفتوحة” سيخسر طموح أجياله وفرصة عملهم واستثماراتهم، كما أن السياسات الحكومية التي تنسحب من تنظيم أسواق العلم ستخسر وجودها لصالح الشركات النّهِمة التي لا تعترف إلا بالأرباح والمنافع الضيِقة، حتى أن آدم سميث أقرّ آواخر حياته أنّ “العقل التجاري الفردي غريزي إلى حدّ الجنون”، ولا نريد لهذا البلد أن يتحوّل سوقاً للغرائز المجنونة. لذلك يُفترض بالحكومة أن تقرأ البلد بعيون أجياله، وإلا فإن مزيداً من الإستهتار بحقوق الأجيال-خاصةً الحقوق المهنية – سيعني كارثة وجودية لهذا البلد، وليس خافياً على أحد أن لبنان يعيش وسط حرائق تكاد تلتهم الشرق الأوسط.لذلك المطلوب دمج سوق العلم بسوق العمل وتطوير الرقابة الحكومية والضمانات المهنية والخروج من عقلية “شراء العلم” وابتزاز الأجيال، لأن ذلك يؤسس لمقولة(دعه يعمل دعه يمر) التي كادت تحطّم بريطانيا في عز امبراطوريتها.
وتابع…غير خافٍ على أحد أن السياسة والإقتصاد وسوق العمل والقطاع التربوي والمؤشّر المعيشي جذع واحد يتأثر واحدهم بالآخر، وهذا يعني أن أي فشل سياسي سيعني فشلاً اقتصادياً ومهنياً وتربوياً ومعيشياً، وهو ما نعاني منه في هذا البلد، لذلك نريد وطناً للدعم العلمي، ودولة للمؤسسات، وشراكة سياسية تحول دون الشلل، وسياسات اجتماعية عادلة، وثقة وطنية أكبر من الأطماع الجزئية، وإدارة لا فساد فيها ولا تمييز، ومشروع دمج سياسي يعبّر عنه قانون انتخاب نسبي يُؤكّد حاجة البعض للبعض ويكسر النديّة والخصومات السيئة، ورئيس جمهوريّة للجميع في بلد الجميع، وهذا يفترض الإتفاق على حلول وطنية لا حلول سياسية، لأن المشكلة لدينا تكمن في “أي لبنان نريد وليس أي سياسة نريد”، كما أننا مطالبون بالإجابة عن أي دولة من باب الإجابة عن “أي مواطن نريد”، وأنتم تعلمون أن لبنان مهدد بمخاطر استراتيجية كبيرة، ووضع المنطقة يعيش عقدة عداوات دولية وإقليمية، وسط سباق تسلح محموم، وفرز معسكرات، وفوضى حرب تكاد تأخذ المنطقة إلى المجهول، ولا نملك لمواجهة هذه المخاطر الكبيرة إلا الوحدة الوطنية، والعدالة الإجتماعية، والتمسك بالعيش المشترك، وتأكيد شراكة الجيش والشّعب والمقاومة، والإصرار على العلم، لأن الأمم التي تتعلم لا تزول، والدول التي تعتمد على العلم تبلغ أكبر مراتب النفوذ الإقليمي والدولي، وقد قيل: أعطني علماً وعدلاً أعطك ما يذهل العالم.
وختم بالقول… لا بدّ من التنويه بكلّ بادرة تطوّر إداري أو مهني أو عمل دؤوب لحفظ هذه المؤسسة وتطويرها، لأننا نؤمن بضرورة حفظ هذه المؤسسة وتطويرها لتنفيذ مبدأ “العلم أولاً”، على قاعدة “كرامة الإنسان أولاً” لوطن أكبر وأهم وأكثر استيعاباً وعدلاً، سوى أن الظروف قد تمنع من ذلك جزئيّاً، إلا أننا مصرّون على تحقيق طموح الله بالإنسان، ومن توكّل على الله نال ما أراد. مبارك لكم هذا الحفل، وإلى مزيد من حشود المتخرجين وأصحاب الميزة العلميّة علّ مزيداً من العلم يعيد بناء هذا البلد على ركيزة العلم والعدل والرفاهية وتحقيق طموح الناس والوطن.. إن شاء الله.
وفي الختام سلمت الرئيسة المولى الخريجين شهاداتهم معلنةً تثبيتهم.