اسرائيل على عادتها العسكرية في عدوانها لازالت هي التي توقع بالنار الضربة الأخيرة، وهذا ما حصل في القنيطرة ومحيطها في الأيام القليلة الماضية، قذائف سورية تسقط في الجولان بسبب مواجهات بين الجيش السوري ومقاتلي المعارضة السورية على مقربة من المناطق المحتلة، لكن لا خسائر بشرية ولا مادية اسرائيلية. اسرائيل ردّت بغارات جوية على مرابض مدفعية للجيش السوري وعادت طائراتها إلى قواعدها سالمة. لكن لا الجيش السوري تبنى اطلاق القذائف، ولا اسرائيل تذهب بعيداً في إحراج النظام وكشف لعبته المفيدة لاسرائيل، ما دامت المعادلة القائمة على الحدود مع سوريا مضبوطة باتفاق ضمني مع النظام وباتفاق استراتيجي مع روسيا، اتفاق توج بمشهد رمزي وعميق الدلالة قبل أشهر باهداء روسيا دبابة اسرائيلية كان غنمها الجيش السوري، ومن دون أن يهتز وجدان “الممانعة” ولا اهتزت اوداجها.
إقرأ أيضاً: الجيش السوري يؤكد إسقاط طائرة حربية إسرائيلية وطائرة استطلاع والجيش الاسرائيلي ينفي
التجارة بقتال اسرائيل دائماً تكون في خطاب الممانعة السورية، متلازمة مع جريمة ترتكبها بحق الشعب وتحاول التغطية عليها. حجم النار الذي استخدمه الجيش السوري في قتل المدنيين السوريين ومعارضيه فضلاً عن تدمير المدن، كان كفيلاً بأن يدمر اسرائيل. النظام المتسلط في سورية، يحتاج دائماً إلى ما يساعده على تغطية سلوكه الإجرامي، واللعبة القديمة المتجددة هي قتال اسرائيل بالتأكيد بالشعارات، واسرائيل تطرب لهذه الشعارات لاسيما إذا كانت متلازمة مع قمع الشعوب العربية، وأكثر هذه الأيام عبر التغيير الديمغرافي الذي تقوم به فصائل الممانعة المذهبية والطائفية في مناطق سوريا لا سيما الجنوب ومحيط دمشق وصولاً الى حمص والقلمون.
إقرأ أيضاً: هل سترد تل أبيب في الزمان والمكان المناسبين؟
لعبة النظام السوري متناغمة بالكامل مع النظرية الإسرائيلية والسياسة الإيرانية، أي وضع الاقليات في مواجهة الأكثرية السنية، وهذا ما يجري بشكل منظم ومدروس وبروح نضالية عالية ويجري تعميده بالدم وبالشهداء والأولياء والقديسين. اسرائيل شديدة الإطمئنان للمعادلة القائمة على حدودها مع سوريا، وبالتالي لا مانع أن تسمح اسرائيل للأسد وحلفائه بالاستعراض اللفظي، مادامت البراميل والصواريخ القاتلة تبقى حكراً على السوريين ومادام حصد الأرواح هو في حقل الشعب السوري، ولايمسّ أيّ مستوطن في الجولان. لذا لا مانع أن يستمر الاستعراض اللفظي الممانع ضد اسرائيل مادام هذا الاستعراض يشكل غطاء للممانعة في مواصلة جريمتها ضد الشعب السوري وضد كل ارضية أجتماعية عربية يمكن أن تشكل خطراً على اسرائيل.