![](https://janoubia.com/wp-content/uploads/2015/03/NABIL.jpg)
تحتمل تطورات من النوع الذي وضع تيار “المستقبل” ورئيسه تحت أضواء بالغة السخونة أي حالة إنكار لذاك الشيء الاستثنائي الذي جاءت نتائج الانتخابات البلدية لتضعه في مقدم تداعياتها السياسية. واذا كانت نتائج معركة طرابلس استنفدت القرائح في استخلاص عبرها واسبابها، فلعلنا لا نبالغ إن تساءلنا بإزاء مبادرة متجرئة لوزير الداخلية، لماذا تتوالد من تيار “المستقبل” وحده تقريبا “ظواهر” كتلك التي لم يعد ممثله الوحيد في الحكومة (بعد خروج الوزير أشرف ريفي منه) يتردد معها في كشف رزمة من الحقائق “المحظرة” عن الافصاح العلني؟
مهما قيل في “فعلة” الوزير نهاد المشنوق يبقى لتيار “المستقبل” وحده ان يحدد الأضرار او يستنبط منها الفوائد. ولا زلنا من الذين يعترفون بان ثمة غموضا يغلف مآل تيار هو احد اكبر التيارات اللبنانية التي قامت عليها انتفاضة 14 آذار بكل ما صنعته من وقائع وطنية ضخمة. نأخذ زاوية التداعيات المتصلة بالفريق السيادي لا لنقلل اهمية مسؤولية تيار “المستقبل” في إجراء مراجعاته وانما للتوقف عند خطورة تعامل الآخرين، حلفاء كانوا ام خصوما للحريرية، من منطلق توظيف سياسي يحصر تداعيات التراجعات التي اصابت هذا التيار بأوضاعه الذاتية فقط . ونعني بذلك تقليل خطورة سقوط منطق التسويات وحتى ما اصطلح على تسميته ربط النزاع ما دام ” شاهد من أهله” كالوزير المشنوق اعاد الكثير من خسائر التيار الى انتهاجه هذه السياسات.
اقرا ايضًا: نديم قطيش: واقع الحريري كواقع كمال جنبلاط عشية اغتياله
بطبيعة الحال لا يمكن تحميل الحلفاء أو الخصوم تبعة أوضاع ذاتية للتيار الذي يثير الكثير من الاضطراب والا ما كنا نشهد تسليط الأضواء عليه وحده دون جميع القوى التي خرجت بدورها من جولات الانتخابات بما لا ينفع معه اصطناع بطولات. ما يعنينا هنا ان ندرك اذا كانت القوى السياسية تقدر معنى انهيار منطق التسوية ايا يكن الطرف الحامل لواءه. وتاليا هل ترانا نفاجأ يوما بصوت “مخالف” من تيار او طرف آخر يعترف بان اقفال الأبواب تباعا على التسويات المؤلمة التي لا تهضمها القواعد الشعبية المعبأة من شأنه ان يطيح بالمنطق التسووي في لبنان؟ واذا وقع هذا المحظور فأي واقع سيتجه اليه لبنان في المرحلة الفاصلة عن انتخابات نيابية نظنها ستكون انتخابات العصر الحقيقية؟
اذا كان التسليم بالمنطق الديموقراطي يملي على تيار “المستقبل” احتواء نتائج موجعة أصابته في أماكن شديدة الحساسية فان الأدعى ان نتساءل ايضا عن نصف الكوب الفارغ لدى الآخرين الذين يعرفون مثلما يعرف الوزير المشنوق وأكثر ويصمتون او يشمتون. فإما عصر شفافية يكشف كل شيء، واما الى اختراق رئاسي سريع يمنع سقوط التسوية سقوطا مدمرا على رؤوس الجميع. ولا تسوية بين النمطين.