السعودية والنفط: خطة فطام

اضافة الى ازمة النفط تواجه السعودية التهديد الاسلامي المتطرف الداخلي والتهديد الايراني الخارجي. وقد بقي السعوديون بدون حلفاء

اطلقت في الاسبوع الماضي في السعودية خطة “السعودية 2030” التي تضع صيغة الحلم والطريق للعائلة المالكمة لمواجهة التحديات الوجودية التي تقف أمامها وعلى رأسها تراجع مداخيل النفط التي كان اقتصادها يعتمد عليها، قوة وثراء المملكمة وبقاءها اعتمد على النفط حتى الآن.

ليس صدفة أنه تم تختيار 2030: السعودية ستحتفل في تلك السنة بذكرة مرور 100 سنة على اكتشاف النفط. لقد جلب النفط معه الثراء الكبير وخصوصا في العقود الاخيرة حيث زادت اسعاره بشكل كبير. من 3 دولار عشية حرب يوم الغفران في تشرين الاول 1973 الى سعر خيالي بلغ 150 دولار للبرميل في 2008. هذا يعني ادخال اكثر من 500 مليار دولار سنويا لخزينة المملكة.

لكن فترة الرخاء ستنتهي قريبا. ان تعلق العالم بالنفط يتراجع، والى جانب اكتشاف آبار نفط وغاز جديدة فان لدى الانسانية اليوم مصادر طاقة جديدة واكثر نقاء. والدليل هو ان سعر برميل النفط اقل من 30 دولار في بداية السنة.

وبنظرة الى الخلف يتبين ان النفط لم يساعد في تقدم السعودية وسكانها، بل ملأ جيوب بعض ابناء العائلة المالكة. المملكة موجودة، ورغم المبالغ الخيالية التي دخلت الى الخزينة فانها ما زالت في اسفل التصنيف الدولي في كل ما يتعلق بمستوى التعليم للسكان، وفي مستوى مؤسسات التعليم العالي والبحث الاكاديمي. وبشكل عام في مستوى البنية العلمية، التكنولوجية والاقتصادية، دون الحديث عن الحرية والتطور والديمقراطية ومكانة المرأة.

يتبين أن المملكة استخدمت ارباح النفط من اجل الحفاظ على الوضع القائم سياسيا واجتماعيا، وبكلمات اخرى، من اجل رشوة السكان الذين يحصلون على المساعدة السخية من الدولة، فقط لانهم يتنفسون الهواء فيها. وقد دفع السعوديون مبالغ كبيرة لنشر الايديولوجيا الوهابية الراديكالية على شكل القاعدة. وهذا عن طريق المدارس التي اقاموها في جميع انحاء العالم للجاليات العربية والاسلامية في اوروبا ومركز آسيا.

إلا أن بعض خريجي هذه المدارس انضموا الى منظمات مثل القاعدة وداعش وحولوا العائلة المالكة في السعودية الى هدف للارهاب.

الجانب الاقتصادي والاجتماعي هو احد التحديات التي تواجهها اليوم السعودية. واضافة الى ازمة النفط يوجد ايضا تهديد اسلامي راديكالي داخلي، وبالطبع التهديد الايراني من الخارج. في هذه اللحظة بقي السعوديون بدون حلفاء. ففي نهاية المطاف، 100 سنة من النفط كانت ايضا 100 سنة من الرعاية الامريكية للمملكة التي كان السعوديون يستندون اليها عند الحاجة. لكن ادارة الرئيس اوباما قالت بشكل واضح ان واشنطن تريد الانفصال عن المنطقة وان الولايات المتحدة تفضل ايران على حلفائها الغارقين مثل السعودية.

الحلم الذي تحمله خطة “السعودية 2030” يشير الى أنه في القيادة السعودية هناك من يفهم الخطر ويواجه التحدي. هدف الخطة هو وقوف السعودية على قدميها وتحويلها الى قوة اقليمية قادرة على الدفاع عن نفسها على اساس مصادر قوة بديلة للنفط مثل بنية اقتصادية متقدمة وتطوير القوى البشرية. تشمل الخطة اقامة صندوق استثمارات بقيمة 2 تريليون دولار، تستثمر في الاقتصاد العاليم، وبخصخصة صناعة النفط السعودية والاستعداد لاستيعاب مهاجرين مثقفين من العالم العربي والاسلامي (غرين كارد سعودي) وايضا اصلاحات اقتصادية واجتماعية داخلية تشمل تقليص الرفاه (الرشوة التي تمنح للمواطنين) وتقدم وضع المرأة.

المشكلة هي في التطبيق، خصوصا في مجال رعاية المصادر البشرية. طالما أن الجهات الدينية تستمر في السيطرة على الحياة في الدولة، فان الرشوة على شكل الدعم الحكومي والسخاء ستستمر في التدفق الى جيوب المواطنين وسيتم استبعاد النساء عن الساحة العامة في الدولة والحريات الاساسية سيتم سلبها من السكان، ومن المشكوك أنه يمكن أخذ الدولة الى الامام بغض النظر عن كمية الدولارات في الخزينة.

(اسرائيل اليوم – البروفيسور ايال زيسر)

السابق
موقع إيراني يطالب الصدر بترك السياسة.. ويسأل: ماذا يريد؟
التالي
«داعش» يقر بمقتل رأسه الثانية