بلا مزح: الميزان المكسور للعدل العسكري المعصور

ميشال سماحة

يبدو أن الشعب اللبناني لم يصل بعد إلى العمق المطلوب لفهم أبعاد الحكم على ميشال سماحة وتداعياته على صورة لبنان الرائدة في العالم.

ولا بأس في أن نبدأ باستشراف تحليلي لهذا الحدث الجلل، من إشادة غير مسبوقة، قدمها “اتحاد المجرمين الدوليين”، امتدح خلالها “المستوى الانحرافي الرائد للمحكمة العسكرية اللبنانية”. هذا ناهيك عن بيان التضامن مع المحكمة الذي أصدرته منظمة “تي أن تي بلا حدود”. والبيان الترحيبي الصادر عن نقابة “المفجرين المتحدين”.

وإذا تجاوزنا هذا البعد المؤسساتي الإقليمي والدولي، يمكن أن نلاحظ الارتياح العام لنقابة “تجار الحشيش اللبنانيين”، إذ تمنت أن “تشمل الظروف التخفيفية التي تبتكرها المحكمة العسكرية متعاطي ومروجي وزارعي الحشيش وأن تتم مساواتهم بإخوانهم من زارعي العبوات في رحاب الوطن”.

من جانبه طالب كارلوس بنقل ملفه القضائي فورا إلى لبنان. وشاركه بالمطالبة إيهود أولمرت الذي جزم محاميه بأن الحكم الذي سيصدره عليه القضاء العسكري اللبناني، بكل جرائم حرب تموز، “لن يساوي شيئا أمام حكم المحكمة الإسرائلية علي بتهمة الشك باحتمال إقدامي على محاولة السعي الى إغراء فتاة”.

طبعا لا يخفى على أحد الارتياح الكبير الذي تركه الحكم في أوساط “رابطة النشالين العرب”، إضافة إلى “الهيئة الدولية للأمر بالمنكر والنهي عن المعروف”.

فقد عبّر العاملون في هذه القطاعات عن سرورهم لوصول قضيتهم إلى الطريق السليم. فقد أبدى القضاء لأول مرة في تاريخه تفهمه وتضامنه مع المجرم، الأمر الذي لم يتوفر منذ قوانين الألواح الاثني عشر وشرائع حامورابي، ونواميس الهنود الحمر.

من جانبه عبر رئيس “الاتحاد العربي للجريمة المنظمة” عن فخره بكون القضاء العسكري اللبناني كان سباقا على مستوى العالم بتفهم وتدعيم مسيرة الجريمة في الوطن العربي، حاملا على بعض القضاة “الذين دفعهم ضميرهم الحي الى اتخاذ مواقف مسيئة لنضالات المجرمين العرب وتاريخهم، الذي أسهم في التنمية البشرية عبر الحدّ من الكثافة السكانية”.

بدوره أصدر علي مملوك بيانا أكد على مشاركته في مخطط سماحة. بل أعلن أنه المسؤول اﻷول عن كل شاردة وواردة، واضعا نفسه بتصرف المحكمة العسكرية اللبنانية. كما شدد على ضرورة إصدارها حكما سريعا في قضيته. وقال: “أنا على يقين بأنها ستعيد إلي مبلغ ال ١٧٠ الف دولار الذي لطشه سماحة وكفوري، مع الفوائد والعوائد”.

وحدها المطربة نانسي عجرم غردت خارج السرب، وحملت على حكم القضاء العسكري مؤكدة أنها سترفع دعوى على المحكمة العسكرية أمام القضاء الدولي، وقالت: “كفى تلاعبا وتشبيحا. لا يوجد أي مادة في قانون الأحكام العسكرية والمدنية و لا حتى الأحكام الخنفشارية تشير الى نصف سنة”. وأكدت أن الحكم على سماحة مستمد من الروح التشريعية لاغنيتها “آه ونص”. وتساءلت: “أين حقوق الملكية الفكرية؟ أين القضاء الحر في لبنان”.

وبمعزل عن قضية نانسي المحقة نستطيع القول إن القضاء العسكري اللبناني سجل للبنان سابقة جديدة. وأثبت أن ثقافة الرنجر التي شحبرت شفاه كثيرين من الصحافيين العرب لا يمكن أن تذهب سدى. وسيكتب التاريخ بحروف من كاوتشوك أن قضاة لبنانيين تضامنوا مع إخوتهم الإعلاميين العرب “شفة بشفة”.

*خبير محلف في زرع العبوات على أنواعها

السابق
عون: مصرّون على المحافظة على المؤسسة العسكرية بالنخبة التي تشرّف الموقع
التالي
هل بدأ الربيع الايراني من مهاباد؟