سيارة ميشال سماحة التي تتسع لمحور كامل

لم يكن ميشال سماحة وحده عند نقل المتفجرات بالسيارة. رافقه محورٌ بأكمله ولا يمكن الإغفال عن هذه النقطة ومدلولاتها.

يقال ان في علم الجريمة يوجد ما يسمى بالظن المتاخم للعلم، وهذا كما هو معروف يمكن تحصيله من خلال مؤشرات ظرفية او مقدمات نفسية وحتى من أفعال او ردات فعل ما بعد الجريمة.

طبعا لسنا هنا في وارد الكلام الجنائي او مقاربة جريمة ميشال سماحة قضائيا، بل ان جل ما يعنينا هو الدخول من بوابة هذه الحادثة لنطل على بعدها السياسي وعلى تبعاتها السياسية وما قد تحمله من مدلولات يجب الوقوف عندها مطولا. خصوصا بعد التحول الكبير الذي طال القضية إثر اعترافات وإقرار سماحة بما جنته يداه، وانتقالها من مجرد اتهام وتحولها بعد ذلك الى جريمة موصوفة كاملة المعالم، لأن الاعتراف هو سيد الأدلة.

بديهيات القول ان الإرهابي المجرم ميشال سماحة لم يكن شخصا عاديا ولم يكن يتصرف بشكل فردي وبدوافع بعيدة عن مكانته وما كان يمثل ومن كان يمثل. فهو بما لا مجال فيه للشك كان ركنا أساسيا في محور الممانعة، بل لطالما قُدّم على انه احد اهم المنظرين والداعين والمبشرين بهذا المحور.

شاشة المنار مثلا كانت بمثابة منبره الدائم، فما كان يمر أيام الا ويحل ضيفا مكرما عليها، ولا يحصل احتفال عام للحزب الا وكرسي ميشال سماحة محجوز له في الصفوف الامامية، فضلا عن الندوات الخاصة والنشاطات التي كانت تقام من اجله، هذا غير الجولات والزيارات على قرى الجنوب وحسينياته ومساجده التي فتّحت أبوابها امامه وله.

كل ما تقدم مع زيادة موقعه كمستشار شخصي لبشار الأسد، وهذا معلوم عند الجميع. لذا يجب بحسب منطق الأمور ان يرتّب حيثية مختلفة عن اعتبار فعلته حادثة خارجة عن سياقها المفترض، ومقاربتها على أنها حادث فردي او فعل شخصي. بحيث يصبح من بديهيات القول ان الفعل الجريمة الذي اقترفه هذا الإرهابي يجب ان يطال بشكل مباشر من حيث المسؤولية الأخلاقية كامل الفريق الذي ينتمي اليه. فمن غير المنطق ومن غير المبرر ان يتحمل ميشال سماحة وحده تبعات ما اعترف به من نيات جرمية وتحضيرات إرهابية، او ما كان يريد ان يقترفه من جريمة بحق الأبرياء ومن خلفهم بحق كل الوطن، وذلك عبر محاولة إحداث فتنة هي اشد من القتل قد وقى الله البلاد شرها.

وبناء على ما تقدم فإن المسؤولية الحقيقية حتما تطال كل محور الممانعة بكل تشعباته وتفاصيله من رأس الهرم فيه وصولا الى القواعد “المضللة”…. وعليه يجب على كل المنضوين تحت لواء هذا المحور ان يعوا جيدا المكان الذي هم فيه ولا تأخذهم الشعارات والضوضاء الى أماكن من سراب ومواقع لا تمت للحقيقة بصلة، فحدث بهذا الحجم وبهذا الوضوح وبهذا البيان يجب ان يشكل تحول وان يُحدث مفارقة عند كل ذي لب او من كان على عيونه غشاوة.

فمن غير الطبيعي ان يكون ما قبل اعتراف سماحة هو كما بعده، اللهم الا ان كان هناك  من لم تشكل عنده هذه المحطة مفصلا كبيرا ووقفة طويلة. ما يعني أنه راض عما كان يسعى لتنفيذه ميشال سماحة، وبالتالي يكون هذا الراضي بمثابة الشريك الحقيقي بالجريمة، على قاعدة الحديث النبوي: الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم.

هنا يمكن القول بكل اسف وبكل حرقة، وبعد مراقبة بسيطة لردة الفعل وما تبعها من قبل محور الممانعة على ضوء الاعترافات والتلبس، أن المحصلة الواضحة عن ردات الفعل  تكاد تلامس الصفر. بما يعني ان الجواب الحقيقي عن السؤال الذي اثير في الاعلام حول الشريك الفعلي والاتهام المباشر لجميل السيد بوصفه كان داخل السيارة الآثمة، وانكاره فيما بعد، وعن جهله بمحتوياتها من خلال عبارته عن  “السيارة التي لا تتسع لحمارين”… ليصبح الجواب الحقيقي والفعلي عن الشريك والشركاء بما يتجاوز “الحمارين” ليصل الى ابعد من ذلك بكثير فيطال كل من هو راض ببقائه حيث هو، ليتبين ان سيارة الموت تلك يمكن ان تتسع لمحور بكامله.

السابق
هل سيعترف حزب الله بغارة اسرائيل على مواقعه في القلمون ؟
التالي
عن أخطاء العرب بحق الشيعة العرب