تفاصيل دخول «داعش» اليرموك

لم يكن ينقص مخيم اليرموك الجائع إلا تنظيم “الدولة الاسلامية” لتكتمل قصة الموت في جنوب دمشق، من معدة خاوية وجسد متألّم من العطش والجوع إلى رؤوس معلقة على سياج الشوارع، وما الأكثر دهشة سوى ان تكون “جبهة النصرة” المسهل غير المباشر لدخول “داعش” إلى المخيم.

20 ألف شخص
وبحسب ما روى عضو اتحاد تنسيقيات الثورة السورية عن جنوب دمشق محمد النصر لـ “النهار” فإن جنوب دمشق، خصوصاً 8 مناطق منه: مخيّم اليرموك، حيّ التقدّم، حيّ القدم، الحجر الأسود، بيت سحم، ببيلا، يلدا والعسالي، يعيش حصاراً مشدداً من قوات النظام، ويسانده في محاصرة “اليرموك” ميليشات جيش الدفاع الوطني المتواجدة في شارع نسرين الملاصق للمخيم، ومقاتلين فلسطينيين من: القيادة العامة للجبهة الشعبية، فتح الانتفاضة وجبهة النضال، يستخدمون الرغيف سلاحاً لإذلال 20 ألف شخص (غالبيّتهم فلسطينيون)، بينهم نحو 3000 مقاتل ينقسمون بين:
“جبهة النصرة”: نحو 1200 مقاتل، أميرها ملقب بـ”ابو خضر”، يتواجدون في المنطقة الممتدة بين شارع اليرموك الرئيسي وشارع الثلاثين وقرب دوار فلسطين في شارع فلسطين في المخيّم.
“أكناف بيت المقدس”: نحو 1200 مقاتل، فصيل تابع لـ “حركة حماس”، يتواجدون في جزء من شارع فلسطين وفي محيط بلدية اليرموك ( شمال المخيم).
وأحرار الشام: نحو 300 الى 400 عنصر، يتواجدون في نقاط في شارع الـ 30 ، وهناك فصائل صغيرة أخرى.
“داعش” يسيطر على معظم مخيم اليرموك
174 وفاة جوع
يحاصر النظام المخيّم من ثلاث جهات: حي الزاهرة، منطقة القاعة وشارع نسرين الذي يسكنه غالبية علوية وفيه “ميليشيات الأسد”، فيما تهتمّ الميليشيات الفلسطينية بمدخل المخيّم الذي يربط شارع فلسطين واليرموك الرئيسيَّين بدوار البطيخة (تقع بين القاعة والزاهرة).
هذا المخيّم الذي شهد وفاة 174 شخصاً بسبب الجوع ونقص الدواء وسوء التغذية، يعتبره النظام بحسب النصر “ورقة رابحة، باعتباره قضية دولية، وفي حال شهد جنوب دمشق هدنة، فإن المخيّم سيكون آخر المناطق التي يمكن أن تشهد هدنة، خصوصًا انه تم الاتفاق سابقًا ولـ5 مرات على تحييد المخيّم عما يجري، ليعود ويفشلها النظام، أما هدفه فهو انسحاب المسلحين نهائياً ودخول ميليشياته، وهذا أمر مرفوض بالنسبة إلى الأهالي الذين لا يثقون بميليشيات وجيش الأسد، فضلاً عن أن غالبيتهم أصبحوا مطلوبين للنظام الذي يعتبر كل من رفض الخروج من المخيم ارهابياً”.
لا إمداد
من أين تحصل الفصائل في الجنوب على الامداد؟ يجيب: “الذخائر المتوافرة هي التي حصلت عليها الفصائل قبل الحصار، ولهذا السبب تعتبر جبهة جنوب دمشق هادئة، لأنه لا إمكانية أبدًا لتقدّم المعارضة، فالذخائر متوافرة بكميات محدودة ولا تكفي للهجوم بل للدفاع فقط، وغالبية الفصائل تعتمد على تفخيخ المناطق المتقدّمة وأعمال القنص”.

كيف دخلت “داعش”؟
محمد النصر الذي تحدثنا معه عبر “سكايب” وهو تحت مرمى قناصة “داعش” داخل المخيم، أعلمنا بمعطياته حول التطورات التي دفعت عناصر “الدولة الاسلامية” إلى دخول المخيم، ويقول: “لدى “داعش” 1000 عنصر، ويعتبر الأكثر امتلاكاً للذخائر والسلاح والمال في الجنوب، وتعتبر الأكثر امتلاكًا للذخيرة والسلاح والمال والغذاء ويقودها هناك أميرها أبو صياح فرامة، فهي كانت متواجدة اساساً في منطقتي يلدا والحجر الأسود في شكل رسمي، وبسبب اعتدائها على مقرّات جيش الاسلام وأجناد الشام منذ سنة، قاتلتها غالبية الفصائلة فانسحبت إلى الحجر الأسود”.
يضيف: “حصلت محاولات اغتيال عدة في جنوب دمشق اتهمت بها “داعش”، والتي حصلت في “اليرموك” تحديداً، غالبيتها تستهدف أشخاصاً مقربين أو موالين لأكناف بيت المقدس أو ناشطين، ومنذ نحو 4 ايام (30 آذار) تم اغتيال يحي حوراني الملقب بأبو صهيب وهو ناشط طبّي قريب من “حماس”… فاتهمت أكناف بيت المقدس “داعش” وأوقفت 20 شخصاً من أنصارها في المخيم”.
لم تتحمّل “داعش” الرد، فدخل عناصرها بعلم “جبهة النصرة” إلى المخيم، ويوضح النصر: “دخلوا في 31 آذار بشكل مفاجىء ولم تمنعهم “جبهة النصرة”، التي تعتبر صاحبة النفوذ الأكبر”، ويتابع: “فور دخولها تناقلت أخبار قطع الرؤوس لعدد من عناصر أكناف بيت المقدس، فيما وقفت النصرة (التي سهّلت مرور داعش) وأحرار الشام على الحياد”.
وذكّر بأنه “رغم وقوف النصرة على الحياد إلا انها عرقلت دخول فصائل من مناطق الجنوب الاخرى كجيش ابابيل وشام الرسول وجيش الاسلام لمؤازرة أكناف بيت المقدس، ورغم ذلك وصلت مساعدة لا تزال ضعيفة من الفصائل خارج المخيم التي أصدرت بياناً هددت فيه النصرة بقتالها مع “داعش” في حال عرقلت دخولها”.

كيف ستنتهي؟
يستبعد النصر “أن تقضي “داعش” على أكناف بيت المقدس”، مرجحاً عودة التنظيم إلى الحجر الأسود بعد نجاح الفصائل الاخرى بالدخول لمؤازة الـ “أكناف”، لكنه يعتبر أن المفارقة هي في “تدخل النصرة في المعارك مباشرة، فهي بالتأكيد لن تدخل إلى جانب “أكناف بيت المقدس” لأنها على عداء تاريخي معهم”.
والنتيجة حتى اليوم: المعارك مستمرّة و”داعش” سيطر على مناطق “حي العروبة، أجزاء من حي المغاربة ونقاط في محيط مسجد فلسطين وشارع الـ 15، ونهاية شارع حمص وتقدّم اليوم على محور شارع صفد ومشفى الباسل”.
كما يعتبر الصحافي الميداني في جنوب دمشق مطر اسماعيل أن سيطرة “داعش” على المخيم والقضاء على أكناف بيت المقدس “حلم بعيد المنال”، موضحاً أن “النصرة لم تبايع “داعش” وإنما سهلت مرورها، وبالتالي هي متواطئة معها ومشاركة ضمنياً بالمعركة، ولكنها تعيد وتكرر أنها على الحياد، الأمر الذي ينفيه الواقع”، مرجحاً انتهاء المعارك بـ “دحر داعش من المخيم إلى معقلها في الحجر الأسود”.

كيلو الرز بـ 10 ألاف ليرة
وبالعودة إلى حال المخيّم، سألنا النصر عن كيفية حصول الأهالي على الطعام؟ فقال: “توزِّع الانروا المساعدات في شارع راما عند مدخل مخيم اليرموك، في منطقة واقعة تحت سيطرة النظام، لكن المشكلة بالجهة التي تشرف على التوزيع وهي الميليشيات الفلسطينية التي توقف التوزيع في شكل تعسفي، بحجة أن المقاتلين يطلقون النار على اللجان، ومنذ فترة توقفت مثلاً لمدة 4 أشهر، ما يدفع الناس للجوء إلى المناطق التي تسود فيها هدنة (يلدا، بيبلا وبيت سحم)، حيث يعطي النظام الطعام بقدر حجم السكان فيها، وتباع الفتات في السوق بأسعار مضاعفة، فكيلو الرز مثلاً الذي يبلغ ثمنه في العادة 200 ليرة سورية يباع بـ 10 الاف ليرة سورية”، مشيراً إلى أن “يلدا هي الملاصقة للمخيّم ويلجأ إليها السكان”، لكنه يؤكد أيضاً أن “النظام يوقف أحياناً الغذاء عن هذه المناطق”.

(النهار)

السابق
هل من دور وسطي لحركة أمل في ظل الصراعات المتصاعدة؟
التالي
الايرانيون في الشوارع للاحتفال بالاتفاق النووي: نحن الرابحون