العراق يُسقط علم «داعش» في تكريت

مقاتلون من القوات العراقية و«الحشد الشعبي» ينزلون راية لـ «داعش» في تكريت، أمس (رويترز)

استعاد العراق بعد تضحيات كبيرة مدينة تكريت التي احتلها تنظيم «داعش» في العام 2014، ورفعت القوات العراقية العلم الوطني بدل أعلام العصابات التكفيرية في وسط المدينة التي يبدو ان بعض المجموعات المسلحة ما زالت تتحصن في بعض احيائها.
وجاء استكمال القوات العراقية مدعومة بفصائل «الحشد الشعبي»، المرحلة الأخيرة من العملية العسكرية التي بدأتها لاستعادة مدينة تكريت، بعد أن راوحت هذه القوات مكانها لعشرة أيام بضغط من الولايات المتحدة التي أصرت على مشاركة طائراتها في العملية. وأعلنت قوات «الحشد الشعبي» عودتها عن القرار الذي اتخذته بمقاطعة العملية احتجاجا على مشاركة الطائرات الأميركية، وساهمت في استكمالها، على الرغم من إعلان واشنطن المتكرر عن رفضها لوجود قوات «حليفة لايران» فيها.
ويبدو أن رئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي، قد نجح في لعب دور الوسيط الذي تمكن من إخراج أحد أشكال التآلف التي ساهمت في إيجاد المخرج المناسب لإنهاء العملية، ليتولى بنفسه الإعلان عن دخول القوات العراقية إلى وسط تكريت ورفع العلم العراقي فوق مبنى المحافظة في المدينة خلال «مؤتمر السفراء العراقيين الرابع» في بغداد، أمس.
وأعلن العبادي في المؤتمر الذي حضره كل من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري، أنه تم «تحرير» مدينة تكريت من تنظيم «داعش»، مؤكداً أن القوات العراقية «تقوم بتطهير باقي المناطق بسبب تفخيخ داعش المنازل والطرق»، مشيراً إلى مشاركة القوات العراقية إلى جانب «المتطوعين من مختلف المحافظات وأبناء العشائر» في العملية التي شارك فيها أيضا «الطيران العراقي وطيران التحالف الدولي».
وفي هذا السياق أوضح المتحدث باسم مكتب رئيس الحكومة سعد الحديثي في حديث لـ «السفير» أن «القوات العراقية مع قوات المتطوعين من الحشد الشعبي، استطاعت أن تصل إلى مركز ووسط المدينة في تكريت.. كما تمكنت من السيطرة بالكامل على الجانب الجنوبي والغربي من المدينة».
ولفت الحديثي إلى أن القوات العراقية ما زالت «تتوغل في منطقة القصور الرئاسية، كما يجري العمل على تحرير الأجزاء المتبقية من المدينة»، مؤكداً لـ «السفير» أن الوحدات التي شاركت في العملية هي «قوات الجيش والشرطة والمتطوعون من الحشد الشعبي وأبناء العشائر من محافظة صلاح الدين»، ومشدداً على أن العملية حظيت «بدعم واسناد من قبل طيران الجيش والقوة الجوية العراقية، بالاضافة إلى وجود غطاء جوي من قبل طيران التحالف الدولي».
بدوره، أكد المتحدث باسم «الحشد الشعبي» كريم النوري لـ «السفير» أنه «تم تحرير تكريت بالكامل، ولم يتبقَ سوى تطهير ما تبقى من عبوات»، مشدداً على أن بعض «القصور الرئاسية وبعض المؤسسات مفخخ»، مشيراً إلى أن التنسيق يتم «مع مجلس المحافظة في كيفية مسك الأرض والحفاظ عليها».
ولطالما كالت واشنطن وحلفاؤها سلسلة انتقادات لمشاركة «الحشد الشعبي» في المعارك، على الرغم من النجاحات الكبيرة التي حققها، وجاءت آخر الانتقادات على لسان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون خلال زيارته لبغداد، أمس الاول، متحدثا عن «انتهاكات» تقوم بها القوات «غير الحكومية» في مسعى لرفع الشرعية عن قوات «الحشد» مستقبلا.
وفي هذا السياق قال النوري إن «داعش لن يعودوا وانتهوا، والآن نفكر بعودة النازحين وسوف نتجه باتجاه مناطق أخرى تكون أكثر أهمية»، مشددا على أنها «قد تكون منطقة الصينية، التي تعد معقلا للارهاب، أو ربما الشرقاط»، لافتاً إلى إمكانية التوجه نحو «الرمادي أو الموصل»، لكنه أكد أن القرارات باطلاق هذه العمليات «ترجع إلى تقدير الموقف من القوات المسلحة، وقد تكون هناك مفاجآت تخلق متغيرات».
من جانبه، طابق رئيس اللجنة الامنية في محافظة صلاح الدين جاسم جبارة حديث النوري مؤكداً أنه «تم تحرير مدينة تكريت بالكامل»، كما قام قائد شرطة صلاح الدين اللواء حمد النامس وضباط من الشرطة والجيش بجولة في تكريت لتقييم الوضع الامني داخل المدينة، وإعادة توزيع قوات الشرطة لتولي حماية الأحياء والمنازل، حيث أكد جبارة أن «شرطة صلاح الدين ستقوم بواجب الأمن والانتشار في المدينة لحمايتها».
ورفع محافظ صلاح الدين رائد الجبوري ورئيس مجلس المحافظة أحمد الكريم وكبار قادة الشرطة والجيش، العلم العراقي على مباني المحافظة ومجلس المحافظة. وفي هذا السياق شدد النوري لـ «السفير» على أن «أبناء محافظة صلاح الدين شاركوا في العملية العسكرية»، مثنيا على «تعاون مجلس المحافظة ورئيسها أحمد الكريم.. ومحافظها رائد الجبوري، وأبناء صلاح الدين الذين تطوعوا (مع الحشد) وكانوا يتميزون بالبسالة والبطولة والرجولة».
وكانت عدة فصائل من «الحشد الشعبي» قد اعترضت على مشاركة «التحالف الدولي» في عملية تكريت، ولفتت إلى أنها تواصل عملياتها رغم تنفيذ «التحالف» ضربات على المدينة، كان آخرها يوم أمس، بحسب ما ذكر بيان صدر عن القيادة الأميركية الوسطى، بينما أعلنت واشنطن أنها شاركت في العمليات بعد تقديم بغداد ضمانات لتولي «القوات الحكومية» المهمة الرئيسية في الهجوم.
وكان متحدث باسم البنتاغون انتقد فصائل «الحشد»، الأسبوع الماضي، وقال إنه «تمت ازاحتها كليا من أرض المعركة»، معتبراً أن «مغادرتها أرض المعركة أمر مرحب به»، إلا أن نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس أكد في حديث لوكالة «اسوشيتد برس» أن مقاتلي «الحشد» أعادوا مشاركتهم في عملية تكريت بعد أقل من أسبوع على مقاطعتها.
وقال المهندس إن مقاتلي «الحشد» شاركوا في المعارك من المحور الجنوبي كما أنهم سيشاركون في الهجوم من المحاور الشمالية والغربية، كما نقل مراسل الوكالة مشاهدته جنودا عراقيين يحاصرون القصور الرئاسية والمجمع الحكومي، حيث أكد مصدر متابع أن المدينة ستكون تحت سيطرة القوات العراقية بشكل كامل خلال الـ24 ساعة المقبلة.
ولم يجزم «التحالف الدولي» بسيطرة القوات العراقية على تكريت بشكل كامل، وقالت المتحدثة باسم «التحالف» كيم ميكلسن إن «بعض أحياء المدينة لا تزال تحت سيطرة داعش وثمة عمل كبير يجب القيام به»، كما لفتت مصادر ميدانية إلى أن مئات المسلحين «المستعدين للقتال حتى الموت» ما زالو يتحصنون في المدينة، ويسيطرون على ثلاثة أحياء فيها.
إلا أن قائد الشرطة الاتحادية اللواء رائد شاكر جودت أكد أن القوات العراقية تمكنت من «السيطرة على بداية أبنية المجمع الحكومي، والمستشفى العام والزراعة والأبنية المحيطة بها… داخل تكريت»، وقال: «أنا أتكلم داخل تكريت وإخوانكم وأبناؤكم يطهرون المنطقة دارا دارا وشارعا شارعا»، ومضى قائلا «كل من هو عراقي قادر على حمل السلاح حضر.. إخواني في الحشد الشعبي حضروا من جميع طيوفهم ومقاتليهم.. السماء عراقية مئة بالمئة».
وأكدت «كتائب حزب الله» و «عصائب أهل الحق» انضمامهم إلى العملية بعد أن وافق العبادي على وقف الضربات الجوية الاميركية، وقالوا ان الضربات الجوية في المدينة ينفذها الجيش العراقي فقط، كما أكد ذلك ضابط من الشرطة العراقية.

(السفير)

السابق
سلام يهدد: الموقف لم يخرج عن البيان
التالي
التطورات الأقليمية توتر المنطقة من العراق الى لوزان مروراً باليمن