ما تفعله «اليقظة» أحياناً

وائل عبد الفتاح

هذه سنة «الخارج» في مصر.

فالأحداث تؤكد أن إيقاع بناء النظام الحاكم يعتمد على «الخارج» بما يفوق أو يلغي «الداخل» تقريباً.
ولهذا اعتبر «المؤتمر الاقتصادي» معركة اختصر في التعبير عنها مقولة السيسي في خطاب الختام: «مصر تستيقظ الآن..؟». من دون أن يفصّل أية يقظة، أو بماذا تختلف عن «الصحوة الكبرى» التي أعلنها مبارك في مؤتمر اقتصادي توسط عشريته الثانية وتمخض عن مشروع توشكى، الشهير بأغانيه وإحباطاته الكبيرة.
مؤتمر السيسي يختلف من حيث لحظة التاريخ والدفع الدولي في تدشين نظام بدأ بعد إزاحة «الإخوان»، وارتباكات العالم التي وصفت في الإعلام بأنها «مؤامرة على مصر..» وهكذا عندما يجتمع العالم في شرم الشيخ فإنه إعلان عن فصل جديد يتحوّل معه العداء تدريجياً إلى «اندماج» مع «النظام العالمي. وموقع مصر فيه كدولة محورية على مستوى الأمن… وفي الاقتصاد «دولة خدمات».. تبنى فيها قواعد للاستثمار «عابر الجنسيات» بينما يصبح هامشياً بناء «اقتصاد» تنمية للمجتمع تتحق فيه إلى جانب حل المشكلات التي نتجت أصلاً عن (خطة الإصلاح المزمن الذي استمر مع مبارك 30 عاماً…)… وتطوير المجتمع بضم هوامشه والمطرودين من سياساته إلى «بقع الأمان..» بعيداً عن أحزمة البؤس.

وفي هذا انتصار لا يمكن إغفاله في مفاتيح تأسيس أنظمة «متوافقة» مع العالم..
لكنه انتصار يحمل مفارقته، مع القلب الصلب ذي الطبيعة العسكرية / القائمة على «العالم يعادينا…»، أي أن المؤسسة التي بيدها الحكم الآن، ستتعايش الفترة المقبلة مع ما يشبه «الإدارة الدولية للاقتصاد المصري»، بما يمليه ذلك من فواتير ستدفعها قطاعات اجتماعية واسعة.

وهنا مفارقة ثانية، فهذه التحولات، كما المؤتمر الإنقاذي، ليست جديدة، لكن الرئيس السيسي يحتمي هذه المرة بما لديه من «شعبية» ليتخلص من التردد في اتجاه «اقتصاد حر» لا أعباء اجتماعية فيه على الدولة. وهو ما لم يجرؤ عليه مبارك في أعتى لحظات تحكّم «النيوليبراليين» في إدارته.

ولأن هناك إلحاحاً على «الأزمة المالية» التي قد تصل في حزيران حسب التقديرات إلى «العتمة» فإن عقل الأزمة قرر «المغامرة» التي يحميها تأييد خليجي من جناح «السعودية / الإمارات / الكويت» لتظل مصر حائط الأمان في توازن إقليمي لم تحسم خيوطه بعد.

ولأن «الخارج» هو العنصر الفعّال، فإن ما لم تعلنه البروباغندا المصاحبة لليقظة، أن الانتظار سيد الموقف، وسيؤثر توزيع الأوزان النسبي بعد «نهاية» الاتفاق بين أميركا و(أوروبا) مع إيران (والتقارير الأميركية التي أبعدت إيران و»حزب الله» عن قائمة تحديات الإرهاب تشير إلى أن المفاوضات رغم صعوبتها تسير نحو الاتفاق، وهذا طبعاً سيؤثر على أوزان السعودية وتركيا وروسيا، كما سيترتب عليه تعامل مختلف مع صعود الجنرال قاسم سليماني المقابل/ الموازي/ المفارق بشكل ما مع صعود السيسي (بظروفه المصرية المغايرة والمختلفة عن التركيبة الإيرانية).

ستوضع في الاعتبار أيضاً نتائج الانتخابات الإسرائيلية، باعتبارها عنصراً أزيح قليلاً عن تأثيره القديم، لكنه ما زال مؤثراً فيما يتعلق بالوجود الفلسطيني بين «الهدنة» و «الانتفاضة الجديدة» أو بين اتفاقات مع «حماس» أو إعلان دولة فلسطينية، وكيف سيضع ذلك «الإخوان» أو أطرافهم التنظيمية في مستقبل يرسم من دونهم

السابق
مفاعيل الحوار تمتد إلى الضاحية وأجراس بكركي تقرع بعد انتخاب الرئيس
التالي
توقيف شخص في الهرمل لحيازته كمية من الحشيشة