عندما تجمع «داعش» «الشيطان الأكبر» بـ«محور الشر»

لا تقف ظاهرة “الدولة الاسلامية” على ذبح الرقاب وقطع الرؤوس ونشر الارهاب في العالم، بل استطاعت أن تجمع “الشيطان الأكبر” بـ”محور الشر”، إذ تدور تساؤلات حول مصير الغزل الأميركي – الايراني الأخير، والتوتر بين تل ابيب وواشنطن، وخوف الحلفاء من صفقة ترسمها اميركا، من شأنها صرف النظر عن محاولات التوسع الايراني في المنطقة.

مؤشرات اتفاق دول الست على اتفاق مع ايران قبل حزيران غير متوافرة، والمخاوف أثيرت بسبب تقاطع المصالح بين الطرفين، إذ اعترف وزير الخارجية جون كيري بأن الولايات المتحدة وايران لديهما مصالح مشتركة في التصدي لـ”داعش” حتى وإن لم ينسقا عسكرياً ضد هذا التنظيم. حاول كيري طمأنة الحلفاء بعدم التنسيق مع ايران، إلا ان وجود مستشارين عسكريين أميركيين والقيادي الايراني قاسم سليماني على الأرض العراقية، يشكك في إمكانية هذا الامر، خصوصاً في ظل صرف اميركا نظرها عن تدخل ايران المباشر في القتال في جنوب سوريا، فما مصير هذا الغزل وما انعكاسه على الأزمة السورية؟ وهل من الممكن أن تعود العلاقات الديبلوماسية بين الدولتين بعد 35 سنة من انقطاعها، كمولود شبيه بعودة العلاقات الكوبية – اميركية؟

أميركا سلاح جوي لايران
بحسب سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، يجب الفصل بين الادارة الأميركية والكونغرس من جهة وروحاني والمتشددين الايرانيين من جهة ثانية، معتبراً في حديث لـ”النهار” ان تطور العلاقة يحصل بين “البيت الأبيض وروحاني، وهو أمر يزعج حلفاء أميركا ويريح أعداءها”.
ويرى الرئيس الاميركي باراك اوباما أنه “إذا خلص الى اتفاقية انفتاح وتحالف مع ايران مثلما عمل الرئيس الاميركي السابق ريتشارد نيكسون، فذلك سيضمن له  مساعدة ايرانية على ضبط الأمور في الشرق الاوسط، وهو ما يزعج الحلفاء، خصوصاً بنيامين نتنياهو الذي قال في خطابه: ايران بات لديها 4 عواصم في العالم العربي، وهل تريديون سيطرتها على العالم العربي كله؟”. ويتابع طبارة: “في المقابل هناك من يشد اوباما الى الوراء وهو الكونغرس، فرغم مقاطعة 55 عضواً من أصل 435 في الكونغرس جلسة خطاب نتنياهو، كان 25 عضواً واقفين يصفقون له، بمعنى الموافقة على كلامه ولذلك سيحاول اوباما متابعة هذه الطريقة والكونغرس سيحاول اعادته، وننتظر مواجهة قوية في الاشهر المقبلة بين الكونغرس واوباما”.

لا ربط

ولا يرى سفير لبنان السابق لدى واشنطن عبد الله أبو حبيب أي ربط بين الملف النووي الايراني والعراقي، ويقول: “من الواضح ان الأميركي بات سلاح الطيران للعمليات الايرانية – العراقية ضد “داعش”، وهناك غرفتان عسكريتان ايرانية عراقية، وعراقية اميركية، قد يكون العراقيون أنفسهم لدى الطرفين”، ويتابع: “نعم هناك صرف نظر قوي عن التدخل الايراني في العراق، كما من المعروف ان الاميركي يضرب “داعش” في سوريا، ويعرف الاميركيون أن النظام السوري هو المستفيد الاول من هذا الأمر، لكنهم ببساطة يدركون ان العدو الاول حاليا “داعش” وليس ايران او سوريا، بينما اعداء ايران لا يفهمون ذلك”.
أما الباحث طلال عتريسي فيلفت في حديث لـ”النهار” إلى أن “التعاون في الموضوع العراقي بين ايران وأميركا غير مباشر لأن المستشارين الاميركيين لا ينسقون مباشرة مع الايرانيين هناك، بل هناك تقاطع مصالح، وتبيّن أن التقديرات الأميركية لانجازات الجيش العراقي متدنية جداً مقارنة بتقديرات العراقيين والايرانيين العالية، فالاميركي يقول ان التحرير هو بنسبة ضئيلة جداً للأراضي التي تسيطر عليها داعش وان الاخيرة ضعفت بنسبة قليلة، في حين ان تقديرات العراقية والايرانية عالية جدا”.

علاقات ديبلوماسية
بعد عودة الحياة إلى العلاقات الكوبية – الأميركية، يتخوف البعض من اقدام ادارة الرئيس الاميركي من عودة العلاقات الديبلوماسية مع ايران، لكن أبو حبيب يشير إلى أن “الجميع يتحدث أنه لم يتم البحث في عودة العلاقات”، لكنه يعتقد أن “الخطوة التالية ربما ستكون سرية، تماماً كما كانت مع كوبا، إلى ان يتخذ القرار باعلانها”، فيما يستبعد عتريسي أن “يقدم الاتفاق بوجه “داعش” أي جديد، خصوصاً ان موضوع المفاوضات النووية لم ينتهِ بعد، واذا انتهى بأمر ايجابي، فيمكن القول أن ذلك يفتح المجال لتطوير التعاون أكان في العراق أو أي منطقة أخرى، لكن طالما لم يحسم الموضوع فلا يمكننا ان نتوقع تطويراً لأي تعاون”. ويتابع: “لا شك أن هناك اصراراً أميركياً على توقيع الاتفاق ورفض اسرائيلي، لكن لم يظهر حتى الآن ان الاتفاق قد يبرم في شكل نهائي لأن موضوع رفع العقوبات في شكل تام لم يحل بعد وتم الاتفاق على أمور فنية وتقنية”.
اما طبارة فلا يستبعد تطور العلاقات مع ايران “لأن أوباما مصرّ على أن يترك هذا الارث، وهو عبارة عن صلح مع ايران بعد كل هذه السنوات، وسيكمل في طريقه، لكن السؤال: هل سيسمح له الكونغرس بمتابعة هذه الطريق؟”.

الأزمة السورية
دخلت ايران  معركة جنوب سوريا في شكل مفضوح، ولم تنتقد أميركا هذا التدخل المباشر، فهل ينعكس تطور العلاقة على حل الأزمة السورية؟ يشير عتريسي إلى أن “النظام السوري في حالة اشتباك ولم يصل إلى بداية مرحلة التفاهم، وهناك حالة استنزاف للطرفين. ايران وحلفاؤها يحاولون القيام بانجازات، أما الأميركي فلم يدخل بعد في شكل قوي، حتى يتفقا على حل لسوريا، كما أن حلفاءه لم يقتنعوا بعد بهذه المسألة”. ولم يرَ طبارة أنه “اذا حصل اتفاقٌ مع ايران وعلّق أوباما العقوبات، فانها ستقوى، فهو لا يستطيع إزالة العقوبات المقررة من الكونغرس، لكن له الحق بتعليقها ويستطيع أي رئيس آخر أن يرفع التعليق من جديد، لهذا فان تعليقها في شكل كامل حالياً، سيقوي ايران وستدخل رساميل كبيرة لها، وسيقوي هذا الأمر تدخلها وقوتها في سوريا، لكن أعتقد ان الأزمة السورية طويلة”، فيما يستبعد أبو حبيب أن تتطور العلاقة لناحية ايجاد الحل لسوريا، ويقول: “لا يستطيع الأميركي أن يسير بمشروع في سوريا من دون السعودية”.

(النهار)

السابق
قطر تضغط على «النصرة» لفك ارتباطها بـ«القاعدة»
التالي
صور نادرة لميريام كلينك قبل 22 عامًا في مسابقة ملكة جمال لبنان تصدم الجميع!