«القواعد الأساسية» الأميركية لاتفاق نووي مع إيران

عرضت واشنطن، أمس الجمعة، ما قالت إنه “القواعد الأساسية” لاتفاق دولي محتمل مع إيران حول ملفها النووي، قبل أسبوع من جولة أخرى من المفاوضات بين طهران ومجموعة “5+1” للتوصل إلى اتفاق نهائي في الموعد المحدد في 31 آذار المقبل. وفي الوقت نفسه، وافق أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، ليل أمس الجمعة، على قانون ملزم للإدارة الأميركية بمراجعة الكونغرس في خصوص أي اتفاق مع إيران في شأن برنامجها النووي.

وفي غضون ذلك، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن المحادثات الرامية إلى الحد من البرنامج النووي الإيراني حققت تقدماً كبيراً، فيما يستعد البيت الأبيض إلى سيل من الانتقادات أثناء زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للولايات المتحدة هذا الأسبوع.
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية إن واشنطن “ظلت حازمة بشأن بعض القواعد الأساسية” للتوصل إلى “اتفاق جيد” لذلك وافقت على تمديد المفاوضات من قبل.
وتابع المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته “لن نقبل باتفاق إلا بعد أن تسد أمام إيران كل طرق حيازة المواد الإنشطارية التي تحتاج إليها لإنتاج سلاح نووي”.
وشدد مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية على أنه ليس هناك حتى اللحظة ما يضمن التوصل إلى اتفاق، لكن “المفاوضات تقدمت بشكل كبير وتم تقليص الهوة” بين الجانبين.
وكشف هؤلاء المسؤولون للصحافيين عن بعض جوانب الاتفاق المحتمل، فعرض أحدهم أبرز المبادئ التي لم تتزحزح عنها الولايات المتحدة، ومنها عدم السماح لإيران بإنتاج بلوتونيوم يمكن استخدامه لغايات عسكرية في مفاعل “آراك” النووي.
وأضافوا أن واشنطن متمسكة أيضاً في مبدأ عدم السماح لإيران في استخدام مصنع “فوردو” من أجل تخصيب اليورانيوم، ما يعني أنه سيسمح للجمهورية الإيرانية بأن تستخدم مفاعلاً واحداً فقط لتخصيب اليورانيوم هو مفاعل “ناتنز”.
وتابع أن أي اتفاق يتم التوصل إليه يجب أن يضمن أن إيران ستكون بحاجة لفترة عام على الأقل لتجميع ما يكفي من المواد لصنع قنبلة نووية، كما يتعين على طهران “أن تقلص بصورة كبيرة” عدد أجهزة الطرد المركزي الموجودة لديها.
وأوضح أنه يتعين على طهران أن تسمح بإجراء عمليات تفتيش في منشآتها النووية وكذلك في مناجم اليورانيوم الإيرانية.
وأكد هذا المسؤول أن الولايات المتحدة تريد اتفاقاً يتيح عملية تخفيف “تدريجية” للعقوبات الدولية المفروضة على إيران.

وفي سياق متصل، يلزم “قانون مراجعة اتفاق إيران النووي” الرئيس الأميركي باراك أوباما بتقديم نص الإتفاق إلى الكونغرس قبل إقراره نهائياً، ويحظر عليه تعليق أو إلغاء عقوبات على إيران أجازها الكونغرس لمدة ستين يوماً بعد التوصل لإتفاق .
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الجمهوري بوب كوركر، الذي تبنى هذا الإقتراح مع أكبر الديموقراطيين في اللجنة السيناتور بوب مينينديز وآخرين: “من المهم الحفاظ على كمال عقوبات الكونغرس”.
وأضاف أن مشروع القانون يخلق “آلية مراجعة مسؤولة تعطي الكونغرس فرصة الموافقة أو عدم الموافقة على الإتفاق قبل أن تتمكن الإدارة من محاولة إلغاء هذه العقوبات”.
وكانت لجنة العلاقات الخارجية أجازت مشروع قانون جديد للعقوبات على إيران هذا الشهر. ولكن النواب يمهلون المحادثات بين طهران والدول الست، ومن بينها الولايات المتحدة حتى موعد نهائي في 24 آذار، قبل نقل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ بأكمله.

ومن جهة ثانية، يلتقي وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، في سويسرا هذا الأسبوع، أي بالتزامن مع زيارة نتنياهو واشنطن.
ومن المتوقع أن يوجه رئيس الوزراء الإسرائيلي انتقادات لاذعة للمفاوضات. إذ انتقد نواب جمهوريون أميركيون المحادثات مع إيران أيضاً.
وقال مسؤول أميركي إن المنتقدين بحاجة لتقديم بديل أفضل من الجهود الديبلوماسية.، مضيفاً:
“بصراحة أعتقد أن التحدي أمام من ينتقدون هذا الاتفاق ومن بينهم رئيس الوزراء نتنياهو هو توضيح كيف يمكن للأساليب الأخرى أن تجدي نفعا أكبر؟”.
وأكد انه من “دون اتفاق لا نملك أي رؤية لبرنامج إيران النووي. وبوجود اتفاق سيكون لدينا قدر من الإطلاع على برنامج إيران وقدرة أكبر بكثير على رصد أي جهد سري محتمل للسعي لامتلاك سلاح”.
لكن المسؤول سعى إلى الحد من التوقعات بالتوصل لاتفاق خلال المحادثات في مدينة مونترو السويسرية الخميس المقبل، والتي سيشارك فيها وزير الطاقة الأميركي إرنست مونيز.
وقال “من الواضح أن المفاوضات تقدمت كثيراً وضاقت الفجوات لكننا لا نعلم إن كنا سنتمكن من إبرام اتفاق جيد لأن هذا سيعتمد في نهاية المطاف على القرارات الإيرانية”.

في المقابل، وصف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اليوم السبت بـ”غير المثمرة” جهود رئيس الحكومة الإسرائيلي للحيلولة دون التوصل إلى اتفاق حول النووي الإيراني.
وقال ظريف، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الايطالي باولو جينتيلوني: “من المؤسف أن ترى مجموعة معينة مصالحها في التوتر والأزمات.. يقف السيد نتنياهو ضد أي حل ما يؤكد الجهود المبذولة لاستغلال أزمة مصطنعة لنسيان واقع المنطقة المتمثل بالاحتلال وقمع الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم”.
وأضاف أن “هذه سياسة قديمة تهدف إلى منع الهدوء في المنطقة عبر بث المخاوف ونشر الأكاذيب. اعتقد أن هذه الجهود غير مثمرة ولا يجب أن تمنع اتفاقاً” حول الملف النووي.
وينقل نتنياهو حملته ضد حيازة إيران أسلحة نووية إلى الكونغرس الأميركي، الأسبوع الحالي ليطلب منه نسف أي اتفاق مرتقب بين الولايات المتحدة وإيران.
وقد أثار غضب البيت الأبيض والبرلمانيين الديموقراطيين بقبوله دعوة الجمهوريين لإلقاء خطاب في الكابيتول وصفته صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية بانه “خطاب حياته”.
ويقول معلقون اسرائيليون ومسؤولون أميركيون ان من شأن خطاب نتنياهو، الثلاثاء المقبل، أن يعرض للخطر دعم الحزبين الأميركيين التاريخي لإسرائيل. ويأتي الخطاب قبل إسبوعين من انتخابات الكنيست التي يأمل نتنياهو ان تتيح له تشكيل حكومة لولاية ثالثة على التوالي.
وتأكيداً لرفضهم خطوة نتنياهو، أعلن عدد من البرلمانيين الديموقراطيين مقاطعتهم للخطاب.
وكتب بين كاسبيت في صحيفة “معاريف” الاسرائيلية إن “فرص الإطاحة بالاتفاق (مع ايران) تعتمد على إقناع غالبية ثلثي أعضاء الكونغرس. وبالتالي سيكون بمقدور تلك الغالبية أن تصوت لصالح فرض عقوبات جديدة على إيران متخطية بذلك فيتو متوقع من قبل الرئيس (باراك) أوباما”.
وتابع أن “بعد فضح هذه الخدعة، ارتفع عدد أعضاء الكونغرس الذين تراجعوا وقرروا عدم دعم هذا المسار ضد رئيسهم وبالتالي تراجعت نسبة نجاحها”.
وانتقدت مستشارة الأمن القومي الأميركية سوزان رايس قبول نتنياهو الدعوة لإلقاء الخطاب. وقالت إن “ما حصل في الأسابيع الماضية بسبب دعوة وجهها رئيس مجلس النواب وقبولها من قبل رئيس الوزراء نتنياهو قبل إسبوعين من انتخابات تعني أن هناك سياسة تحزب من قبل الطرفين”. وتابعت “الأمر المؤسف هو إنني اعتقد بان ذلك يترك أثراً مدمراً على العلاقة”.
بدوره قال المحلل السياسي في “معهد دراسات الأمن القومي” الإسرائيلي مارك هيلير، إن الخطاب وُضع تحت إطار سياسة التحزب. وأبلغ وكالة “فرانس برس”، انه “ليس مفاجئاً أن يحاول الجمهوريون فعل ذلك، المفاجئ أكثر أن يقبل نتنياهو باستخدامه بهذه الطريقة خاصة أنه شخص من المفترض أن يفهم أميركا وأن يفهم أهمية الحصول على تأييد الحزبين في العلاقات الأميركية – الإسرائيلية”.
ورفض الرئيس الأميركي ان يلتقي بنتنياهو، خلال تلك الزيارة، فيما سيكون كل من نائب الرئيس جو بايدن ووزير الخارجية جون كيري خارج البلاد.
كما أن حليف نتنياهو وشريكه في الائتلاف الحكومي وزير الخارجية افيغدور ليبرلمان اعتبر أن الخطاب “ليس بهذه الأهمية”. وقال، في مقابلة تلفزيونية “ليس هناك أي اتفاق من شأنه منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية، ولذلك علينا أن نتولى زمام الأمور”.

 

 

 

السابق
مكاري: مصلحة المسيحيين في تطبيق المادة 65
التالي
مَن هو المعارض الروسي بوريس نيمتسوف وماذا قال قبل اغتياله؟