ملاكمة بين خالد الضاهر ونهاد المشنوق في ساحة النور

نهاد المشنوق وخالد الضاهر
لقد كان واضحاً من نبرة الضاهر ومن معه أنّ القلوب حبلى من ممارسات وزير الداخلية نهاد المشنوق، حين هاجمه وهدّده بردّة فعل كبيرة إذا كان "متورّطا" في ما جرى بطرابلس. فلم يتردّد الضاهر في التصويب على المشنوق، وحين فعل تعالت - بشكل مُعبِّر - صيحات "الله اكبر" من المشاركين خلفه في التحرّك، ما يشي بأنّ القضية ليست "رمّانة" بل "قلوب مليانة".

لا اعتراض بطبيعة الحال على إزالة الملصقات والصور والمجسّمات الحزبية والفئوية، على رمزيتها، هي خطوة في الاتجاه الصحيح، وخيرٌ أن تأتي متأخرة من ألَّا تأتي أبداً… ولكن.

في زمن الشعور بالمظلومية والاستنسابية، وفي وقت تتم إزالة صور وملصقات ومجسّمات من مناطق معيّنة، وتترك في مناطقَ “معينة” أخرى تحت حججٍ وأعذار لا يتقبّلها الجميع، حينها فإنّ اللغط بشأن إزالة مجسّم ما يسمّى “ساحة النور” في طرابلس، يصير مفهوماً.
لا شك أنّ النائب خالد الضاهر ارتكب هفوةً شنيعة في مقاربته للأزمة، فلم يكن موفّقاً بالمرة. بل ربما أساء إلى ما يعتبرها قضية حقّ يدافع عنها هو أكثر من العاملين على إزالة المجسّم أنفسهم..
لقد كان واضحاً من نبرة الضاهر ومن معه أنّ القلوب حبلى من ممارسات وزير الداخلية نهاد المشنوق، حين هاجمه وهدّده بردّة فعل كبيرة إذا كان “متورّطا” في ما جرى بطرابلس. وزير يُفترض أنّه من صفوف الناقمين، إذ أنّه لم يسجّل أيَّ نجاح يذكر إلا في حديقته “المذهبية” الخلفية الأضعف دون غيرها، والأمثلة عديدة..
لم يتردّد النائب الضاهر في التصويب على المشنوق، وحين فعل تعالت -بشكل مُعبِّر – صيحات “الله اكبر” من المشاركين خلفه في التحرّك، ما يشي بأنّ القضية ليست “رمّانة” بل “قلوب مليانة”.

والعارفون يقولون إنّ الخلاف بات مستفحلا بين قيادة تيّار المستقبل وبين النائب المشاغب خالد الضاهر، وحظوظ التعايش تبدو سائرة  إلى الاضمحلال.

ربما لا خلاف بين اللبنانيين على “إسم الجلالة” وحده دون غيره من الشعارات والمجسمات والرموز. مجسّم ساحة عبد الحميد كرامي (المسمّاة اغتصاباً بـ”ساحة النور”) ليس استثناءً، اللهم إلا إذا عدنا في الذاكرة إلى سنينَ خلت حين قامت ما يسمّى بـ”حركة التوحيد الإسلامية” بإزالة تمثال أحد أبطال “الإستقلال” لتنصّب مكانه المجسّم موضوع هذا المقال.!
رُبَّ قائل إنّ الهدف من إزالة المجسم المثير للّغط، وإن كان ضمن خطة “شاملة” رسمياً (استنسابية واقعياً)، هو فعلا، من بين أهدافٍ اخرى، هدفه إعادة الاعتبار إلى ابن الفيحاء عبد الحميد كرامي. إلا أنّه في المقابل لا يمكن إسقاط أنّ كثيرين من الطرابلسيين، حتّى من غير المنتمين إلى منظمات وحركات متطرّفة، لا يعنيهم من الأمر إلا الحفاظ على “إسم الجلالة” ولا يأخذون في الاعتبار الخلفيات السياسية التي يحملها من قام بوضع المجسّم على أنقاض مجسّم أحد رجالات الاستقلال الطرابلسيين.

من هنا ومع عدم تبنّينا لخطاب النائب خالد الضاهر بالتأكيدا، ومع الأخذ بعين الإعتبار كامل “إنجازات” وزير الداخلية (المحسوب نظرياً على الطرف الناقم) فإنّه كان حرياً على “الدولة” أن تتأنّى قليلاً. فإمّا تنزع كل الشعارات والمجسّمات والصور من على مساحة 10452 كيلومتر مربع، هي مساحة الجمهورية اللبنانية، وإما تكمل تعايشها مع هذا “التفصيل” من “الشواذات”، وهو على كل حال ليس أكثرها إلحاحاً على سبيل التغيير الإيجابي.
فالاستنسابية وترسيخ الشعور بالمظلومية يُوسّع مساحة بيئة التطرّف، والتاريخ الحديثُ شاهِدٌ وشهيد.

السابق
فرنسا تعتقل ستة يشتبه في انتمائهم لشبكة ارهابية
التالي
رحلةٌ في عالم الأفلام المقرصنة