زينة العاصفة «طائفية»

العاصفة زينة
في العاصفة "زينة" طائفية، شهوةٌ أكلت أصحابها قبل غيرهم، وأطاحت برؤس طوائفها أولئك الذين يعتبرون ما لهم لهم، وما لغيرهم لغيرهم ولهم. وفي العاصفة رياضة، همجية طيّرت جماهر كرة القدم من الملاعب، وطيرت أنف بعض اللاعبين من زملئهم في الفرق المنافسة وطيرت ما بقي لدى الشعب اللبناني من روحٍ رياضية.

من المستحيل أن يرمي شخص نفسه في الماء من دون أن يبتل، ومن المستحيل أن يفصل رأس إنسان عن جسده دون أن يموت، ومن المستحيل أن يسير قطار من دون سككه، ومن المستحيل مثلهم، أن يمر حدث أو ظاهرة ما في لبنان من دون أن يقوم الجميع بتسييسها، ومن هذه الأمور، وليس آخرها، العاصفة “زينة” .

فلا أظنها مذيعة قناة المنار، أسمتها خطأً العاصفة “زينب” فربما المسكينة بفطرتها أحبت أن ترى العاصفة من منظارها الخاص أو سيستها بحكم الواقع الموجود، ولكن فلنتوقف قليلاً قبل إطلاق اللون السياسي أو الطائفي على العاصفة، فهناك حل بديل عادة يستخدمه اللبنانيون كمخرج طوارئ، فإذا لم يستطيعوا تسييس نفس الحدث، حاولوا الحصول على نسخة ثانية توافق ما لديهم من نزعة طائفية أو سياسية.

ففي لبنان عندنا تشكيلة من العواصف مما لذ وطاب من الأنواع… عاصفة سياسية عاصفة رئاسية عاصفة اقتصادية عاصفة مالية عاصفة طائفية عاصفة رياضية عاصفة غذائية وغيرها وغيرها الكثير.

وكل عاصفة تلعن أختها، وكل عاصفة تقتلع أشجار الصبر المتبقية لدى وجدان الشعب اللبناني، وكل عاصفة تمطر بوابل من المشاكل والهموم ما يعجز عن تحمله أقوى العتاة وأشد الناس صبراً، لا يعلمون كيف تبدأ ولا متى تنتهي، لا يعلمون سوى أنهم ريشةٌ في مهبها تقذفهم ذات اليمين وذات الشمال، وتلعب بهم فترقيهم إلى أعلى المستويات ثم تنزل بهم أسفل سافلين.

ففي السياسة عاصفة بل عواصف من المشاكل والتناقضات لا يمكن لها أن تهدأ، حيث أكدت الأرصاد السياسية في البلاد أن لبنان لا يمكن له أن يعيش إذا توقفت هذه العاصفة، فهي كأنما يتوقف قلبه عن الخفقان ودمه عن الجريان وهواءه عن التنفس.

وفي الرئاسة، عاصفة أشد صقيعاً وأبرد من ثلج كانون، أنا ومن خلفي الطوفان، أنا ومن خلفي الجليد، أنا ومن خلفي الأعاصير، أنا ومن خلفي الرياح والأمطار أنا ومن خلفي كل شيء، المهم هي الأنا!

وفي العاصفة الاقتصادية، فقد سوّت بين أمرين، الأمر الأول، رفعت أسعار السلع والمواد الاستهلاكية عالياً عالياً جداً، والأمر الثاني هوَت بحالات الأسر والأفراد أرضاً وسوتهم أرضاً.

وفي العاصفة المالية، مجرًى هوائي شديد الإندفاع، أطار كل ما لدينا من أوراق مالية، لم تبقِ ولم تذر وجعلها هباءً مندثر.

وفي العاصفة طائفية، شهوةٌ أكلت أصحابها قبل غيرهم، وأطاحت برؤس طوائفها أولئك الذين يعتبرون ما لهم لهم، وما لغيرهم لغيرهم ولهم. وفي العاصفة رياضة، همجية طيّرت جماهر كرة القدم من الملاعب، وطيرت أنف بعض اللاعبين من زملئهم في الفرق المنافسة وطيرت ما بقي لدى الشعب اللبناني من روحٍ رياضية.

وفي العاصفة الغذائية، طارت كل أصناف الطعام والغذاء والشراب، وما تركت لنا ما نأكله سوى قليلاً من النبات، وقليلاً من قليلٍ من أصناف تم تهريبها من ناظري الوزير وائل أبو فاعور.

ولو بقينا نسرد في العواصف اللبنانية إلى ما شاء الله لما اتسع المكان ولا الزمان لها، ولكن هي نصيحة صغيرة للشعب اللبناني، يكفي “جلأنة” عند كل حدث، فالعاصفة زينة كلها على بعضها، لا تعادل يوماً أو يومين من حياة القاطنين في كندا مثلاً، حيث هناك كل يوم عندهم زينة وغير زينة، فرفقاً بأنفسكم.. ورفقاً بنا.

السابق
الركض في الشتاء تدابير ومحاذير
التالي
حكيم: المشاورات حول ملف النفايات مستمرة للتوصل إلى حل إيجابي بسرعة