ينقسم المجتمع اليوم إلى قسمين: مجتمع واقعي ومجتمع افتراضي يضم الأخير عدد من مستخدمي الانترنت في العالم يصل إلى 2 مليار ونصف مستخدم أي 35% من عدد سكان الأرض وسيصبحون 40% حتى نهاية العام 2014. يتواصل هؤلاء المستخدمين عبر شبكة واحدة واتصال مشترك ينتج تفاعلات هائلة.
أنجبت هذه الشبكة مجتمعاً الكترونياً متكاملاً يتواصل عبر مواقع الفايسبوك وتويتر والواتسآب وغيرهامن المواقع. أكثر من مليار مستخدم للفيسبوك في العالم. ويبلغ عدد مستخدمي الفيسبوك في لبنان مليون ونصف مستخدم، يقسم الدكتور نديم منصوري حياة الفرد في عصرنا الحاضر إلى حياتين واحدة واقعية وأخرى افتراضية. في الحياة الافتراضية يتبادل الناس الأفكار والهموم هذا التجاوب له إمكانيات وإيجابيات في جمع العالم في مكان واحد يتجاوز حدود المكان والزمان عبر وسيط يؤمن التواصل بكلفة شبه مجانية. أمّن سهولة التواصل تجارياً واقتصادياً واجتماعياً حيث شدّ روابط العائلة البعيدة عن بعضها كالمغتربين مثلاً. كما قدمت الشبكة للفرد مساحة كبيرة للتعبير عن رأيه عبر تغريدة في التويتر أو بوست في الفيسبوك.
أصبح المواطن إعلامياً ينقل الخبر قبل وسائل الإعلام التقليدية ويشير الدكتور منصوري إلى ان التواصل الالكتروني أدى إلى التفاعل بين الناس وفهم طريقة تفكير الآخرين. كما أن حرية التعبير هي مسألة إيجابية، منها أنتجت الشبكة الالكترونية ما يعرف بالاقتصاد المعرفي أي أن المعرفة أصبحت سلعة يتم تصديرها واستيرادها، فأي فكرة لبرنامج قيم ينتج أسعاراً خيالية وإنتاجاً كبيراً. كما يسهّل التواصل الالكتروني المعاملات التجارية إلى أقصى حد. ويفتح الأسواق إلى أبعد حدود، إضافة إلى التسوق الالكتروني.
في الإطار السياسي يقول منصوري فتحت مواقع التواصل المجال للتعبير عن الرأي بعد الربيع العربي فكان منصة للتأثير بالآخرين. كما أن هذه المساحة من التعبير باتت تحرك من خلالها الحملات الانتخابية، أصبح البعد السياسي للشبكة تواصل النائب مع ناخبيه بطريقة مباشرة تُدار من خلال شبكة الانترنت الحملات الانتخابية. كما استخدم الرئيس الأميركي أوباما مواقع التواصل في حملته الانتخابية. كما أن تصريحات السياسيين في الحملات الانتخابية تذاع عبر المواقع لإبداء الرأي. تعكس الشبكة الالكترونية سلبيات عديدة، كما يرويها الدكتور منصوري بقوله: يخضع الانترنت لسيطرة الولايات المتحدة الأميركية بالرغم من المطالبة بجعلها مستقلة. الانترنت اختراع أميركي كما إدارته أميركية. ويترتب على هذا الأمر أن الانترنت خاضع سياسياً واجتماعياً للإدارة الأميركية مما يؤدي إلى الاستعمار الالكتروني. تسيطر الشبكة الالكترونية ثقافياً على مجمل شعوب العالم كما توحّد الأذواق والأفكار، وتقوم بإخضاع الشعوب عبر وسيط الانترنت بشكل غير مباشر.
التجسس الالكتروني على الصفحات الشخصية وغيرها مما يؤدي أحياناً إلى إلغاء صفحات معينة. كما أصبحت الشبكة تبث الكثير من المواقع التي تخدم فكراً معيناً، كالفكر التكفيري الذي يبث الأفكار التي تؤثر بالكثير من الشباب أو ما يُسمى بالجهاد الالكتروني. الذي استخدمته القاعدة للتواصل مع أفراد يتأثرون بهذه الأفكار وبالتالي تؤدي إلى تجييشهم. المخدرات الرقمية من سلبيات الانترنت التي تنشرها بعض المواقع، حيث يضع المستخدم سماعات في أذنيه ويطلب جرعة معينة فترسل له ذبذبات عبر السمع تطال الدماغ وتعطله وتخدره. في الإطار الاجتماعي انعدم التواصل، حيث أصبح كل فرد يستخدم الانترنت من أربع إلى خمس ساعات يومياً، حيث يمضي وقتاً بالمجتمع الافتراضي أكثر من المجتمع الواقعي. ويطلق عليهم الدكتور منصوري الأونلاينيون على الشبكة والأوفلاينيون في الحياة الواقعية. ولا تواصل اجتماعياً من خلال شبكات التواصل، حيث عزز التواصل الالكتروني الفردية في المجتمع. الأمراض العصبية وأمراض العيون والروماتيزم هي من سلبيات استخدام الشبكة الالكترونية.
كما يشير الدكتور منصوري، إلى أن أخطر المواقع برأيه فهي المخدرات الرقمية ومواقع التكفيريين، والإباحية. إن أي استخدام للانترنت إذا زاد عن حده فهو سلبي. في ظل خضوع كل هذه المواقع للتجسس والمراقبة يجب ان نفكر كيف نضبط الأسوأ، حيث تخضع المواقع لإدارة مشكوك بأمرها. فالمكسب من هذه المواقع كبير جداً، كموقع أو برنامج فيبر اليهودي الذي يتجسس بشكل مباشر على كافة الاتصالات والأحاديث. هنا يُطرح السؤال لماذا تقدم الخدمات المجانية للاتصالات في المقابل نجد دول كالصين وإيران وروسيا لديها برامج خاصة بها، كما وضعت محظورات على بعض المواقع، حيث منعت الفيسبوك والغوغل.
أما الدول العربية فهي دول مستهلكة للمعلومة وليست منتجة لها، حيث تتداول الموجود على الشبكة وتبلغ نسبة الإنتاج الرقمي العربي 2% من الإنتاج العالمي، رغم عدد مستخدمي الشبكة العرب والذي يعد بالملايين هنا يطرح سؤال كيف نستطيع أن نزيد الإنتاج الرقمي العربي؟ على صعيد لبنان لا قوانين وتشريعات لحماية البينات، فكيف ننتج ولا حماية لإنتاجنا. في هذا الصدد يقول الدكتور منصوري: قدمنا اقتراحات للمجلس النيابي لوضع تشريعات لحماية البيانات للمستخدمين. لأنه لا توجد محاكم خاصة بالجرائم الالكترونية في لبنان ولا قوانين تشريعية توضع حيث لكل حالة جرمية عقوبتها.