كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم الخامس والتسعين بعد المئة على التوالي.
إلى الحوار در في كل الاتجاهات، لكن المفارقة اللافتة للانتباه أن لا أحد يعوّل على نتائج الحوارات المرتقبة لإحداث خرق في جدار الفراغ الرئاسي، طالما أن الأبواب الإقليمية ما زالت موصدة حتى الآن.
وها هو الجيش في عين العاصفة يواجه الخطر تلو الخطر، ويخضع لامتحان القدرة على مواجهة إرهاب متفلت من كل الضوابط، في ظل انقسام سياسي محلي متصل بمواقف اللاعبين الإقليميين من الأزمة السورية.
وها هي كفررمان، بلدة الشهداء المقاومين، تشيّع بالأمس المعاون في الجيش محمود علي نور الدين الذي استشهد، أمس الأول، في منطقة عرسال، وها هو الجيش يحكم الطوق لليوم الثاني على التوالي، على بعض تجمعات النازحين السوريين، في البقاعين الشمالي والأوسط، في ضوء معلومات أمنية عن احتمال اختباء مجموعات إرهابية بداخلها، وبينها “صيد ثمين جدا”!
وفي وزارة الدفاع في اليرزة، تمضي “الموقوفة الأغلى” العراقية سجى حميد الدليمي، الزوجة السابقة لأبي بكر البغدادي، أسبوعها الثالث، في نقطة توقيف مخصصة لها، بحماية استثنائية تتولاها مجندات في الجيش اللبناني بإشراف القيادة مباشرة. وعلى مسافة قريبة منها، تقبع الموقوفة السورية آلاء (علياء) العقيلي التي لا تقل أهمية عنها، وهي زوجة القيادي في “النصرة” الملقب بـ”أبو أنس الشيشاني”.
ووفق معلومات خاصة لـ”السفير”، فان المحققات طلبن من الدليمي والعقيلي أن تحدداً احتياجاتهما حتى تؤمن لهما، بما فيها “الفوط الصحية”، فأجابت الأولى، بأنها حامل ولا تحتاج لمثل هذه “الفوط”. بعد ذلك، أجري لها “فحص حمل”، فتبين أنها حامل بالفعل. أما العقيلي، فقد تبين أنها غير حامل.
وأظهرت مجريات التحقيق مع الدليمي أن دورها الأساس لا يتعلق بالتجنيد أو أية مهمة إرهابية محددة، بقدر ما يتعلق بتمويل “النصرة” حيث كانت تتولى جمع تبرعات أو تأمين وصولها الى المجموعات الارهابية في سوريا. وتبين في هذا الإطار، أن ثمة تحويلات وصلتها من جهات خارجية، خصوصاً من دولة قطر.
وسمح للأطباء بمعاينة كل من الدليمي والعقيلي، كما سمح لهما بالتواصل مع أولادهما الذين وضعوا في أحد مراكز الرعاية الاجتماعية في ظل حراسة مشددة من الجيش.
ووفق المعلومات، فان الدليمي رفضت الكشف عن هوية والد جنينها، وأصرت أنها لم تغادر لبنان منذ الإفراج عنها في آذار 2014، ما يوحي بأنها حملت خلال فترة وجودها على الأراضي اللبنانية.
غير أن المحققين يضعون كل الاحتمالات في الحسبان، بما فيها احتمال أن يكون جنينها من البغدادي (ما يعني أنها زارت العراق أو الرقة في شمال سوريا)، وهذا أمر لا يمكن حسمه إلا من خلال الحمض النووي الذي يحتاج الى تقنية عالية جداً، مخافة أن يؤدي أي خطأ طبي إلى إجهاض الجنين.
وإذا ابتعدت “الشبهة” عن البغدادي، فان التحقيقات تتمحور حول هوية زوج سجى الدليمي الأخير، خصوصاً أنها أبلغت المحققين لحظة خروجها من السجون السورية، أنها لم تكن آنذاك “على ذمة أحد”!
وبحسب المعلومات، فان المحققين وخلال محاولتهم استنطاق الطفلة هاجر، نجلة سجى الدليمي، وجدوا صعوبة في حملها على الإقرار باسمها، إذ بدت وكأنها تلقت تدريبات مكثفة على هذا الأمر برغم صغر سنها.
ويتمحور التحقيق مع سجى الدليمي حول الغاية من وجودها في لبنان، وهل دخلت فور إتمام صفقة راهبات معلولا ام في وقت لاحق ومتى وعن طريق أي معبر وأين أقامت ومن تولى تسهيل أمورها اللوجستية وهل تم التنسيق مع جهات محلية وما هي هويتها، وهل بدلت مكان إقامتها أكثر من مرة بين طرابلس وعكار والبقاع (وربما مخيم عين الحلوة)، ومن كان يؤمن لها تنقلاتها ومهمة الحماية، ومن زودها بالهوية المزورة، ومن هي الجهة التي تصرف عليها وعلى أولادها؟
وردا على سؤال، قال مصدر معني لـ”السفير” إن الدليمي موقوفة بسبب ارتباط اسمها بالبغدادي أولاً، وكونها على اتصال مع مجموعات إرهابية على الأراضي اللبنانية ثانياً، ولحملها أوراقاً مزورة ثالثاً، مشيراً إلى أن عملية تحليل “داتا” الاتصالات في هاتفها الخلوي لم تنجز نهائياً حتى الآن.
العقيلي لا تقل اهمية عن الدليمي
وإذا كان إلقاء القبض على الدليمي يعد صيدا ثمينا، فان المحققين يتعاملون بالقدر ذاته من الأهمية مع آلاء العقيلي زوجة القيادي في “النصرة” المدعو “أبو انس الشيشاني” وشقيقها راكان العقيلي وولديها.
وبحسب مراسل “السفير” في الشمال غسان ريفي، فان توقيف زوجة الشيشاني أثار بلبلة في صفوف بعض الجهات العلمائية المتشددة المعروفة بتواصلها الدائم مع المجموعات المسلحة في جرود عرسال.
وكشف مراسل “السفير” أن اعتقال زوجة الشيشاني أغضب “أبو أنس” فبادر إلى الاتصال بأحد كبار مشايخ “هيئة العلماء المسلمين” وطالبه بالتحرّك سريعا لإطلاق سراح زوجته، مهددا “بالويل والثبور وعظائم الأمور”.. إن لم يفرجوا عنها أو أصابها هي أو أحد أولاده أي مكروه.
وكشفت مصادر أمنية واسعة الاطلاع في الشمال لـ”السفير” عن قيام مجموعة تضم نحو عشرين شخصا من طرابلس وبعض الأقضية الشمالية بمغادرة لبنان عن طريق مطار بيروت إلى تركيا، في الأسابيع القليلة الماضية، وعبرها إلى سوريا للقتال الى جانب “داعش”. وقالت إن أعمار هؤلاء تتراوح ما بين 19 إلى 22 عاما، لافتة الانتباه إلى أن عملية رصدهم وملاحقتهم معقدة وصعبة للغاية، خصوصا وأنهم أشخاص غير مشبوهين ومعظمهم من طلاب المدارس والجامعات، ويغادرون لبنان بشكل رسمي وبجوازات سفر شرعية بحجة السياحة.
واستبعدت المصادر وجود جهات في طرابلس تعمل على تجنيد الشبان للقتال إلى جانب “داعش”، مشيرة إلى أن ترتيب عملية الانتقال تحصل عبر شبكة الانترنت، لافتة الانتباه الى أن التحقيقات التي جرت مع بعض الذين أوقفوا مؤخرا أكدت وجود شخص من طرابلس يشغل منصب مساعد قاضي مدينة الرقة في “الدولة الاسلامية”، وهو الذي يتواصل مع الشبان ويؤمن انتقالهم من تركيا إلى سوريا، ثم يتم توزيعهم على المعسكرات.
وعلمت “السفير” أن والد أحد الشبان ممن غادروا مؤخرا للالتحاق بـ”داعش”، أبلغ الأجهزة الأمنية بأن ولده أقنعه بأنه ذاهب الى بيروت لقضاء أيام عدة لدى أصدقائه، ثم انقطعت أخباره، إلى أن اتصل به بعد نحو عشرة أيام وأبلغه بأنه “على الجبهة”، في عين العرب “الى جانب المجاهدين”.