قمة مسقط ترسم خريطة جديدة للمنطقة خطة تركية -إسرائيلية لتغيير قواعد اللعبة

كتبت “البناء” تقول: بالرغم من كون الاجتماع الذي يضمّ لثلاثة أيام، وزيري خارجية أميركا وإيران جون كيري ومحمد جواد ظريف إلى مفوضة شؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، في عاصمة سلطنة عمان، مسقط، يجري على مستوى وزراء، إلا أنّ المراقبين المتابعين للسياسات الدولية والإقليمية، يضعونه في مصاف تتقدم على القمم التي تضمّ الرؤساء.

قمة مسقط التي أكد وزير خارجيتها سعيد بن علوي أنّ لها تتمات، تتمثل بمساع عمانية، لمحادثات إيرانية سعودية، وأخرى إيرانية أميركية، تثير القلق التركي و”الإسرائيلي” بصورة تجعل كلّ الأحلام التي تختزنها القيادات التركية و”الإسرائيلية” على كفّ عفريت، فقد ضربت واشنطن عرض الحائط بمطالب أنقرة وتل أبيب وتحفظاتهما وتهديداتهما وعروضهما، فلا منحت الرئيس التركي رجب أردوغان ما كان ينتظر من دور في العلاقات مع طهران، ولا وفرت لـ”إسرائيل” ما كانت تطلبه من تمهّل وتباطؤ في التفاهمات مع إيران.
رمزية ما يجري في مسقط، تبدأ من كون اعتماد العاصمة العمانية طلباً إيرانياً، والقبول الأوروبي الأميركي يعني تلبية لطلب يريد أن يطلق من مسقط مشروع زعامة إيران للشرق الأوسط الجديد، بينما إيران لم تتراجع لا نووياً، بما يرضي أميركا و”إسرائيل”، ولا إقليمياً بما يجعل المقاومة خارج جدول الأعمال الإيراني.

لا يزال الرهان التركي “الإسرائيلي” على جذب السعودية، المتردّدة بسبب القلق من الفشل في تغيير قواعد اللعبة من جهة، والمنشغلة من جهة ثانية بهموم الداخل مع تنامي ظاهرة “داعش” التي كشفتها الخلايا النائمة في ضوء الاعتقالات التي أعقبت اعتداء “الدواعش” على محافظة الأحساء، إضافة إلى قلقها الدائم من خاصرتها اليمنية.

المعلومات المتوافرة لدى دوائر ديبلوماسية رفيعة تكشف وجود خطة تركية “إسرائيلية” قد تشعل المنطقة، وتدخلها في أتون حرب إقليمية كبرى، إذا تورّطت “إسرائيل” وتركيا بتنفيذ المتداول من خطوات بدأت مؤشراتها تثير قلق المتابعين والمعنيين.

ترصد الدوائر الأمنية في لبنان وسورية، وتؤكد تقارير غربية تصل إلى قيادات البلدين، أنّ التحركات الجارية جنوب سورية وجنوب لبنان، خصوصاً من قبل “جبهة النصرة”، بدعم “إسرائيلي” مكشوف، قد تصل إلى حدّ رفع منسوب التورّط “الإسرائيلي” في ظروف لا تبدو سبباً للراحة لقادة تل أبيب، في المواجهة مع الداخل الفلسطيني ويبدي بعض صنّاع القرار الأمني والعسكري رغبة في التصعيد، لشدّ الاهتمام الدولي وفرض الحدث “الإسرائيلي” على جدول الأعمال.

كذلك التحركات في شمال سورية، بدفع تركيا لـ”داعش” للتمدّد خارج جبهة عين العرب، ومغادرتها نحو الريف الشرقي لحلب تمهيداً للوصل مع المدينة، واسترداد الأحياء التي تمسك بها مجموعات محلية لربطها بالقرار التركي، خشية تجاوبها مع المسعى المعدّل للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، الذي صار بعد لقاءاته مع القيادات السورية أقرب إلى مطالبة المجموعات المسلحة الراغبة في التهدئة باتخاذ مواقف تشبه اللجان الكردية التي تدافع عن عين العرب، باعتبار المعارضة الداخلية يجب أن تكون سياسية وحصر المواجهة العسكرية بـ”النصرة” و”داعش”، لذلك يجهد الأتراك أيضاً، بعد مساندتهم لسيطرة “النصرة” على ريف إدلب لدفعها للتقدّم نحو الريف الغربي لحلب، وتأمين مدخل لاختراق الطوق الذي نجح الجيش السوري بإقامته حول المدينة.
المراقبون العسكريون يرون استحالة نجاح أيّ من المسعيين التركي و”الإسرائيلي” من دون تورّط مباشر ومكشوف، فعلى جبهة الجنوب لا يمكن للتهديد الذي تمثله “النصرة” أن ينجح بتحقيق أي اختراق من دون قيام الجيش “الإسرائيلي” بنقل مجموعات “النصرة” على عاتقه وتسليمها مزارع شبعا، وهذا ما باتت تعلم “إسرائيل” أنه إعلان حرب منذ عملية مزارع شبعا الأخيرة والرسالة التي تضمّنتها، كما يعلم الأتراك أن “جبهة النصرة” و”داعش” أعجز من أن يخترقا الستار الناري الذي يحمي الطوق الذي يقيمه الجيش السوري حول حلب، ولذلك لا بدّ من كثافة نارية يوفرها الجيش التركي مباشرة، وما يعنيه من تورّط بحرب مباشرة مع الجيش السوري في ضوء ما يؤكده المسؤولون السوريون، من أنهم لن يسمحوا بتكرار ما جرى في مدينة كسب مرة جديدة.

الأيام الخمسة عشر الفاصلة عن موعد الرابع والعشرين من الشهر الجاري، الموعد المقرّر لنهاية التفاوض الإيراني مع دول الخمسة زائداً واحداً مرشحة للمزيد من التوتر، انطلاقاً مما يرسمه كل من الاحتمالات المتوقعة لهذه المفاوضات، حيث الفشل ووقف التفاوض نجاح كامل لأعداء إيران في السيطرة على القرار الغربي، وإعلان الذهاب بالمنطقة مرة أخرى نحو الفوضى المسلحة، خصوصاً في ظلّ تعثر الحرب على الإرهاب التي يتوقف على التفاهم الإيراني الأميركي منحها جرعة نجاح، وتمديد المهلة يعني مواصلة التردّد الأميركي والغربي، وبالتالي رفع الآمال “الإسرائيلية” والتركية بالمزيد من القدرة على ابتزاز الإدارة الأميركية، التي تعيش حالة ضعف بعد نتائج الانتخابات النصفية وبدء الاستعداد للانتخابات الرئاسية.
المنطقة كلها وربما العالم، في حال حبس أنفاس لخمسة عشر يوماً، سيتقرّر بعدها مصير الصفيح الساخن الذي ترقص عليه المنطقة، بين خيار الذهاب إلى الغليان أم التبريد.

الرفاعي يدخل عرسال بهوية مزورة

في هذا المناخ من التحسّب للتطورات تابع الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية ملاحقة الجماعات المسلحة وتحقيق المزيد من النجاحات. وفي هذا السياق، اعتقل الجيش اللبناني عند أحد حواجزه شرق عرسال مسؤول “جبهة القلمون” ورئيس ما يسمى “المجلس العسكري” في “الجيش السوري الحر” عبدالله الرفاعي. وأكدت مصادر أمنية لـ”البناء” “أن توقيفه جاء بعد محاولة المدعو خالد الحجيري إدخاله إلى عرسال بسيارة شفروليه بيضاء، وبهوية مزورة تحمل اسم مصطفى الحجيري.

من ناحية أخرى سلم الجندي عمر خالد شمطية الذي فر من الجيش بتاريخ 18/10/2014 نفسه إلى فرع مخابرات منطقة الشمال، بعدما ادعى في وقت سابق أنه انشق عن الجيش، وانتمى إلى “جبهة النصرة”، في حين قتل الشيخ المتشدد نبيل علي سكاف الملقب بـ”أبو مصعب” وهو من منطقة بحنين في المنية أثناء قتاله إلى جانب المجموعات المسلحة في القلمون.

“الدروز” ملتزمون الخيار السياسي للدولة السورية

في سياق آخر، يخيم القلق والتوتر على قرى شبعا، العرقوب، حاصبيا وراشيا على خلفية الاشتباكات التي وقعت في قرية عرنة بين مقاتلين من “الدفاع الوطني” و”اللجان الشعبية” من جهة، ومسلحي “جبهة النصرة” من جهة أخرى.

وأكدت مصادر أمنية لـ”البناء” “أن الجيش اللبناني أجهض محاولة ربط الجبهتين اللبنانية والسورية وتوسيع نواة المنطقة الأمنية التي تريد “إسرائيل” إنشاءها في الجولان”، مشيراً إلى “أن الجيش منع دخول الجرحى إلى مستشفيات البقاع لتلقي العلاج، واكتفى بالسماح للصليب الأحمر بمعالجة عدد من جرحى المسلحين السوريين في خراج بلدة شبعا”.

وشدد المصدر على “أن هذه الاشتباكات لم تنجح في زج الدروز في حرب ضد الدولة السورية، فهم أثبتوا في معركتهم ضد المسلحين أنهم ملتزمون القرار والخيار السياسي للدولة”.

إذ أكدت مصادر مطلعة لـ”البناء” “أن أهالي شبعا سيتصدون لمحاولة نقل سيناريو عرسال إلى قرى شبعا والعرقوب، شدد النائب قاسم هاشم لـ”البناء” على أن الأجواء أفضل من جيدة”، نافياً المعلومات التي تتحدث عن زعزعة الاستقرار، ومشيراً إلى “أن المعطيات لم تتبدل منذ أشهر حتى اليوم”.

الرئيس الأسد يستقبل اللواء السيد

إلى ذلك، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد أمس اللواء الركن المتقاعد جميل السيد، وتم التشاور بحسب البيان الصادر عن السيد في الأوضاع المحلية والإقليمية بما فيها تطور الأوضاع إيجاباً في سورية لجهة الإنجازات التي يحققها الجيش السوري في مواجهة الإرهاب بما يؤدي إلى تهيئة المناخات الملائمة للحل السياسي في سورية.
وأشار الرئيس الأسد بحسب البيان إلى “أن الظروف الحالية باتت أكثر ملاءمة لمواجهة الإرهاب العابر للحدود بين لبنان وسورية”، معتبراً “أن التنسيق في هذا المجال بين الجيشين اللبناني والسوري من شأنه أن يخفف الأعباء الأمنية عن البلدين وأن يساهم في تعزيز أمن لبنان واستقراره”.

الهبة الإيرانية

بموازاة ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة عادية الخميس المقبل برئاسة الرئيس تمام سلام، ستبحث في تقرير الهبة الإيرانية الذي أعدته قيادة الجيش بشقيها التقني المتعلق بنوعية السلاح، والسياسي المتصل بالقرار 1747 الذي يحظر استيراد السلاح من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفي السياق رفض وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش في حديث لـ”البناء” التعليق على ما ستؤول إليه الأمور في جلسة مجلس الوزراء”، داعياً إلى انتظار الجلسة وما سيصدر عنها”، مشدداً على “أن الهبة لا علاقة لها بالقرار 1747 الذي يسري على بيع أو توريد أو نقل السلاح”.

وإذ أشار إلى دول عدة استفادت من المساعدات العسكرية الإيرانية غير المشروطة كالعراق، رأى فنيش أن عدم قبول الهبة الإيرانية من قبل مجلس الوزراء مرده التدخلات السياسية الغربية، وتغليب لخيار سياسي على حساب مصلحة الدولة والجيش”، مشدداً على “أن الجمهورية الإسلامية قامت بواجبها، وعدم قبول الهبة خسارة للبنان”.

المشنوق في مصر

أما وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق فبدأ زيارة رسمية لمصر تستمر ثلاثة أيام، مؤكداً فور وصوله “أن هناك هدفاً مشتركاً من الزيارة وهو محاربة الإرهاب ومنع التطرف، مشيراً إلى “أننا نسعى بكل الاتجاهات العربية والأجنبية سواء مع دول مجلس التعاون، أو مع الاتحاد الروسي، أو مع القاهرة الآن، كي يكون هناك تعاون عسكري وأمني وخبراتي، ضد أنصار بيت المقدس، أو داعش، أو أي تنظيم من هؤلاء”.

هل يتراجع “الوطني الحر”؟

وفيما البلد تشهد استراحة قصيرة بعد عملية التمديد للمجلس، حيث يفترض أن ينشر قانون التمديد غداً الثلاثاء وفقاً للمادة 56 من الدستور، بالتالي يصبح ساري المفعول. بدت معارضة التمديد متفاوتة، منها ما هو في السياق العام للمواقف السابقة والتي ليس لها تأثير يذكر، ومنها ما يتعلق بحركة التيار الوطني الحر الذي يسعى إلى تقديم طعن كما فعل في التمديد السابق.

وفي السياق، أنهى الخبراء الدستوريون والقانونيون في التيار الوطني الحر مراجعة الطعن في دستورية قانون التمديد للمجلس النيابي. وأكدت مصادر نيابية في التيار لـ”البناء” “أن المراجعة النهائية للطعن الموقعة من عشرة نواب ستتبلور في اجتماع تكتل التغيير والإصلاح يوم غد الثلاثاء، لتقدم أمام المجلس الدستوري منتصف الأسبوع”. في حين أشارت مصادر نيابية أخرى في التيار إلى “أنّ قرار الطعن ليس نهائياً فهو ينتظر مداولات يوم غد، لا سيما أن الطعن في التمديد السابق لم يبت به المجلس الدستوري لاعتبارات سياسية”.

الراعي يدعو إلى ثورة بيضاء

ورداً على خطوة التمديد، أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي بحسب ما نقل عنه زواره لـ”البناء” “أنه لم يعد يعترف بكل التركيبة السياسية الحالية المرتهنة إلى الخارج من دون استثناء”، مشيراً إلى “أنه يتطلع إلى عملية تجديد للحالة السياسية في لبنان التي من شأنها أن تجدد الدولة، عبر تحريك المجتمع المدني من خلال إحداث ثورة بيضاء في لبنان علها تحدث تغييراً في المعادلات السياسية القائمة”.

لا جديد في الرئاسة

أما على صعيد رئاسة الجمهورية، فقد أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ”البناء” “أنه لم يطرأ أي جديد حتى الآن في هذا الخصوص”، لافتاً إلى “أن الأمور لا تزال تراوح مكانها”.
وشدد بري مرة أخرى على “أنه سيترأس اجتماع اللجنة النيابية المكلفة دراسة قانون الانتخاب شخصياً في 17 من الجاري، في إطار ما أكد عليه سابقاً وما دون في محضر جلسة التمديد”، ساعياً إلى “استئناف درس القانون المختلط بين النسبي والأكثري في محاولة جادة للتوصل إلى توافق حول هذا الأمر”.

المقاومة لا تأخذ إذناً من أحد

وأكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في إطار جولته على البقاع الغربي، “أن المقاومة لا تأخذ إذناً من أحد وحينما تأخذ إذناً من أحد لا تعدّ مقاومة. فإما أن هناك قضية محقة هي تفرض وجود مقاومة وتنتهي المقاومة حين انتهاء هذه القضية وحينها لا يعود هناك مبرر لوجود هذه المقاومة أو حينما تكون هذه القضية موجودة ومعنى ذلك أن المقاومة موجودة والشعب الذي لا يقاوم يكون متخاذلاً وهذا لا يحتاج إذناً من محافل دولية”. وأمل باسيل “أن نصبح جميعنا مقاومين بالمعنيين، بالمقاومة ضد إسرائيل والمقاومة لبناء الدولة في لبنان لكي نستطيع البقاء”.

الأرثوذكسي أسوأ من “داعش”

وأكدت مصادر نيابية في كتلة التحرير والتنمية لـ” البناء” “أن اقتراح القانون الذي قدّمه النائبان في “التغيير والإصلاح” ألان عون ونعمة الله أبي نصر والذي يستند إلى مشروع اللقاء الأرثوذكسي مرفوض، لأن الظروف اليوم غير مؤاتية لطرح قوانين كهذه”، مشيرة إلى “أن الأرثوذكسي أسوأ من داعش”.

السابق
كيف يُصنع الشاي؟
التالي
استمرار التوتر عند مقلبَيْ جبل الشيخ