هل اساءت الجمهورية الاسلامية في ايران استخدام “سيف” الوقت مع الولايات المتحدة الاميركية رغم علمها بأهميته وحساسيته، خصوصاً في ظل استحقاقات مثل الانتخابات التشريعية النصفية، التي لا تملك اي مدخل عليها للتأثير فيها من كل الجوانب وفي جميع الحالات؟
كل ايران العميقة، لاسيما المرشد اية الله علي خامنئي، كانت تعلم ان الرئيس الأميركي، باراك اوباما، سيخسر الانتخابات التشريعية الأخيرة، ليصبح “بطة عرجاء” في النصف الثاني من ولايته الثانية، مما سيفرض عليه التعايش مع أغلبية جمهورية، ضده، وضد سياسته، خصوصاً الخارجية منها وبالتحديد ايران والاتفاق النووي معها، وسوريا. رغم ذلك، فاوضت إيران على النقطة والفاصلة، وكأنه لا وجود لسقف زمني ولا محاذير ولا ردود فعل. ربما الاطمئنان والثقة بانعدام خطر اي هجوم إسرائيلي، دفع بهذا الاتجاه، يضاف الى ذلك ارتفاع منسوب الثقة لديها بأنها أصبحت تمسك ب”مفاتيح” المنطقة بعد سيطرتها الكاملة على العراق، ومنع الاسد من السقوط وصموده في الحرب، ووجود حزب الله في لبنان، وحماس في غزة والحوثيين في اليمن، وعمر البشير في السودان.
طهران مهدت لمواجهة التغيير بجملة تصريحات ومواقف تم تتويجها بموقف لافت للمرشد، وقد تم تتويج كل ذلك بعدم التصعيد ضد الولايات المتحدة الاميركية. البارز ان شعار “الموت لأميركا” بقي فردياً وليس مبرمجاً من يوم “القدس العالمي” الى يوم العاشر من محرم، وأقوى هتاف كان “مرك بر استكبار” اي “الموت للاستكبار”.
بعد ان أعلن نائب قائد الحرس الثوري ان بلاده ورثت دور واشنطن في المنطقة (اي لا حاجة للتفاوض معها حول موقع ايران الإقليمي)، أعطى المرشد توجيهاته في إطار العمل بنهج الاقتصاد المقاوم بـ”التحرر من التبعية لعوائد النفط”، اي اخراج الاقتصاد الايراني من أسر الاحادية الى التعددية في مصادر الانتاج، بعدما هبط سعر برميل النفط الى ٨٥ دولار في وقت وضعت الميزانية على أساس سعر البرميل مئة دولار، واحتمال الانخفاض هو الى ٩٣ دولار، اي ٧ بالمئة في أقصى تقدير، علماً ان الميزانية هي للسنة الشمسية التي تنتهي في ٢٠ آذار المقبل. والمعروف ان هذه الدعوة تعود الى بدايات الثورة، وحتى منذ ايام الشاه، وقد مضى على خامنئي في السلطة ٢٥ سنة، ولم يحصل اي تقدم او تغيير. فبأي عصا سحرية سيتم ذلك الآن؟
المتحدث باسم لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى، نقوي حسيني، انفرد بالتصريح عن التغيير في واشنطن وتأثيره على المفاوضات النووية فقال:
* “ان نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ كانت متوقعة، بحيث يحصل الجمهوريون على أغلبية المقاعد، الا ان تغيير التركيبة السياسية لن يؤثر على المفاوضات النووية”.
* “المفاوضات لديها إطار محدد وستستمر وفق هذا الإطار”. في هذا التحديد، النصف. أما النصف الاخر، فهو موقع ايران الإقليمي وهنا عقدة المفاوضات المهمة.
* “على الاميركيين أن يتخذوا قراراً صعباً، ونحن ندرك أن اتخاذ الساسة الاميركيين للقرارات أمر صعب بسبب اللوبي الصهيوني (وليس اليهودي كما هو متعارف عليه) إلا أنه عليهم تجرع الكأس المرة”.
* “على الاميركيين ان يعترفوا بحقوق الشعب الايراني وان يراعوها، ولوكانت لديهم القدرة على اتخاذ القرار فإننا سنتوصل الى الاتفاق النهائي”، (ينفي إستقلالية القرار الأميركي وهو يطالبهم بالتحرر من التبعية).
وزير الخارجية جون كيري، قال فور إعلان النتائج إن “المفاوضات النووية ستكون أصعب”. وهي بالتأكيد ستكون اصعب، وأول الغيث مشروع نص ديموقراطي – جمهوري سابق على الانتخابات، يطالب بـ”فرض عقوبات الية على ايران”. اعتماد ايران في عدم تنفيذه على فيتو الرفض للرئيس. إذاً، تصبح ايران مدينة في كل مرة للرئيس الاميريكي.. ولا شيء بدون ثمن.
التغطية الايرانية على هذا الوضع الخارجي المعقد والمحرج بالتشدد داخلياً. اول الغيث بعد حفلة الأسيد ضد صبايا أصفهان، والتحضير لمشروع في مجلس الشورى للتشدد في ارتداء الحجاب وادخال نص متعلق بـ”الامر بالمعروف والنهي عن المنكر”.