أحمد ميقاتي للمحققين: لا تضربوني.. سأقول كل شيء

كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم السابع والستين بعد المئة على التوالي.
ينطوي التمديد وتصبح ساحة النجمة ملعبا لضحكات الصغار ودراجاتهم وألعابهم، أما النواب الممددون لأنفسهم، فينضمون إلى مساحة الفراغ التي تحاصر كل الجمهورية.
ولمن يريد أن يطعن، فان المجلس الدستوري، قد أنهى مطالعته قبل أن تأتيه، اذ يكفيه أن يتسلح بخلاصات قادة أمنيين ووزراء سياديين ورسائل دولية، بدت معها الانتخابات النيابية في خانة المستحيلات.

التمديد صار قانونا نافذا، وطالما أنه مذيل بصفة “الاستعجال”، فان صدوره صار حتميا بعد خمسة ايام من إقراره، أي الاثنين المقبل، وفق ما تنص عليه المادة 56 من الدستور.

وإذا كان التوافق الرئاسي مؤجلا حتى إشعار آخر لاعتبارات محلية وإقليمية، فان الحكومة ستخضع نفسها في كل جلسة تعقدها لاختبار التماسك والقدرة على الإنتاجية في ظل “الحروب الصغيرة” المتوقع اندلاعها على خلفية “حرب التمديد”.

وحده، ملف العسكريين المخطوفين، سيعوّض مساحة البطالة اللبنانية المستشرية، خصوصا وأن الهاجس الأمني تراجع في ضوء الخطوات الأمنية والعسكرية الاستباقية التي قام بها الجيش اللبـناني في طرابلــس وباقي أقضـية الشمال، وهي خطوات “عطلت مشروعا إرهابيا كبيرا كان يمكن أن يرتد سلبا على مجمل الواقع السياسي والأمني اللبناني” على حد تعبير مرجع معني.

وعدا عن جدول الأعمال العادي، فان جلسة مجلس الوزراء، امس، تميزت بالعرض الذي قدمه رئيس الحكومة تمام سلام حول قضية العسكريين. وقال أحد الوزراء لـ”السفير” إن الموفد القطري أحمد الخطيب سلّم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم لائحة مطالب “داعش” و”النصرة”، فضلا عن لوائح اسمية بيّنت وجود 17 جنديا لدى “النصرة” مع جثة لأحد الشهداء العسكريين و9 جنود لدى “داعش” مع جثتين لشهيدين من العسكريين.

الخيارات التفاوضية
وأوضح المصدر الوزاري نفسه أن الموفد القطري ترك المطالب بعهدة الجانب اللبناني الذي أقفل الأبواب أمام الخيارين اللذين حاولت “النصرة” فتحهما مع الجانب اللبناني وهما:

الأول، إطلاق سراح 10 موقوفين من روميه مقابل كل عسكري لبناني (فيكون مجموع المنوي إطلاق سراحهم 260 موقوفا في روميه مقابل 26 عسكريا لبنانيا)، وهذا الخيار رفض الجانب اللبناني وضعه على الطاولة لأنه يعني اطلاق سراح كل الموقوفين المتشددين في روميه.

الثاني، اطلاق سراح 7 موقوفين من رومية و30 سجينة سورية في السجون السورية مقابل كل عسكري لبناني (فيكون مجموع المنوي اطلاق سراحهم 182 موقوفا في روميه و780 سجينة سورية في السجون السورية)، وهذا الخيار رفضه أيضا الجانب اللبناني لأنه يشبه بنتائجه الخيار الأول الى حد كبير.

أما الخيار الثالث الموضوع على طاولة المفاوضات حاليا (ورقة “النصرة”)، ولو ليس بحرفيته، فهو ينص، بحسب المصدر الوزاري، على اطلاق سراح خمسة موقوفين في رومية و50 سجينة سورية في السجون السورية مقابل كل عسكري لبناني (فيكون مجموع المنوي اطلاق سراحهم 130 موقوفا في روميه و1300 سورية في السجون السورية).

وقال المصدر الوزاري ان مبدأ المقايضة حسم من الجانب اللبناني لكن ذلك سيكون من ضمن مسار تفاوضي طويل، خصوصا وأن تجربتي أعزاز وراهبات معلولا “أظهرتا أن سقف المطالب (عند الخاطفين) كان في البداية عاليا جدا ولكنه سرعان ما تواضع وصار واقعيا في نهاية الطريق”، مشيرا الى أن الأمور تحتاج الى صولات وجولات والى تقديم لوائح.. ولوائح مقابلة.

وجزم المصدر ذاته أن الجانب اللبناني ليس في وارد التساهل مع مطالب تشمل الافراج عن موقوفين متورطين في جرائم ارهابية خطيرة مثل نعيم عباس، “لكن الكل يعلم أن هناك عشرات الموقوفين ممن سيصار الى الافراج عنهم اذا تم تسريع محاكمتهم لأنه سيتبين أنهم أمضوا فترة في السجن تتجاوز مدة المحكومية التي ستصدر بحقهم”.

وأما في ما يخص البعد السوري، أي اطلاق سراح سجينات في سجون الدولة السورية، فقد أوضح المصدر الوزاري أن الاتصال بالجانب السوري وطلب مساعدته يحتاج الى قرار سياسي لبناني أولا، والى جواب رسمي سوري ثانيا، “وقبل هذا وذاك لا يمكن منذ الآن التنبؤ بكيفية تعامل السلطات الرسمية السورية مع مطالب خاطفي العسكريين اللبنانيين”.

وكشف المصدر أن الموفد القطري كان قد أبلغ السلطات اللبنانية أنه ينتظر تسليمه أول لوائح خطية بأسماء الموقوفين الذين يطلب الخاطفون اطلاق سراحهم من سجون الدولتين اللبنانية والسورية، “فاذا باتت جاهزة غدا (اليوم)، عندها سيعود الموفد القطري الى بيروت ويتوجه مباشرة إلى جرود عرسال للقاء الخاطفين.. وإذا لم تنجز، فان عودة الموفد القطري ستتأجل بضعة أيام”.

وطمأن المصدر الوزاري أهالي العسكريين الى أن المفاوضات وضعت على السكة الصحيحة وأن رئيس الحكومة تمام سلام يتابع مسار المفاوضات لحظة بلحظة مع اللواء إبراهيم، وأشار إلى أن ثمة مبادرات إنسانية يقوم بها بعض الوسطاء لتسهيل وصول حاجيات أساسية للعسكريين من ذويهم (الثياب خصوصا)، “وهذا الأمر يمكن أن يبصر النور في غضون الأيام القليلة المقبلة”.

المداهمات.. أمن وقائي
من جهة ثانية، قال مرجع أمني واسع الاطلاع لـ”السفير” ان المداهمات اليومية المكثفة التي يقوم بها الجيش وباقي المؤسسات الأمنية في العديد من المناطق اللبنانية “تندرج في سياق الأمن الوقائي، لكن لا شيء يدعو الى القلق والخوف”، وأشار الى أن الأيام العشرة من شهر محرم (عاشوراء) “كانت اياما صعبة وحساسة أمنيا، وخصوصا في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع”.

وأشاد المرجع بتجاوب الأهالي في الشمال وباقي المناطق مع الإجراءات الأمنية، وقال إن حاجز الخوف قد انكسر، والعيون الأمنية ستبقى مفتوحة في كل المعابر الجوية والبرية والبحرية، وثمة نصائح أسديت إلى شخصيات سياسية وروحية وعسكرية وأمنية بوجوب عدم التهاون مع الاحتياطات الأمنية التي درجت العادة على اتخاذها.

وإذ يعيد المرجع الأمني التذكير بكلام قائد الجيش العماد جان قهوجي بأن لا مساومة ولا مهادنة مع المجموعات الإرهابية وأن لا تنازلات للإرهابيين في موضوع العسكريين المخطوفين، يوضح المرجع الأمني أنه لا يمكننا القول أن طرابلس مدينة آمنة إلا بعد إلقاء القبض على أبرز رموز المجموعات الإرهابية وهما شادي المولوي وأسامة منصور، ويكشف أن كل التقديرات والمعلومات الأمنية تتقاطع عند احتمال اختبائهما حتى الآن في منطقة التبانة.

وأوضح المرجع ان الموقوف أحمد سليم ميقاتي “فاجأ المحققين بسرعة الإدلاء باعترافاته وبأدوار الآخرين وخصوصا المولوي ومنصور”، ووصفه بأنه “نعيم عباس جديد” (عباس اوقف سابقا في كورنيش المزرعة وهو من أخطر الارهابيين الذين اوقفوا في السنتين الأخيرتين)، وقال ان ميقاتي، وبعد تعافيه، بادر الى الاعتراف بكل ما لديه قائلا للمحققين: “لا تضربوني سأقول لكم كل شيء عندي”.

ووفق اعترافات ميقاتي، فان عملية عاصون قطعت الطريق على عملية ارهابية كبيرة على مرحلتين، الاولى، تنفيذ سلسلة عمليات ارهابية (لالهاء الجيش) في عكار وبيروت وصيدا، الثانية، تنفيذ عملية اطباق على مراكز الجيش في طرابلس وعاصون وبخعون، على ان تكون مجموعة شادي المولوي واسامة منصور جزءا من العملية الثانية، في موازاة دعوة العسكريين السنة للانشقاق عن الجيش والانضمام الى المجموعات الارهابية.

وأشار المرجع الى أن ميقاتي اعترف بتواصله الدائم مع الشيخ الفار أحمد الاسير الذي يتواجد في مخيم عين الحلوة، بالاضافة الى فضل شاكر الذي طلب في الآونة الأخيرة من بعض المشايخ “التوسط” لدى مخابرات الجيش لتسليم نفسه، شرط تخفيف العقوبة بحقه، على قاعدة “عدم تورطه باطلاق النار ضد العسكريين في معركة عبرا”!.

السابق
مرور هادئ للتمديد في مجلس الوزراء جهود لمبادرة في ملفّ المخطوفين العسكريين
التالي
الاسلاميون من بيروت الى لندن وواشنطن محور اهتمام دبلوماسي وامني واكاديمي