عندما ترضّى الشيعي عن يزيد ولعنه السنّي

عاشوراء
لا يمكن إنكار وجود خلاف بين السنّة والشيعة، بل خلافات جمة، لعل أبرزها الخلاف الديني والخلاف السياسي، أما السياسي فهو ليس صافٍ بحت. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فليس كل الشيعة حزب الله، وليس كل السنة من جماعة "تيار المستقبل"، فهناك من السنة من يوالي المقاومة وهناك من الشيعة من هم في مركب المستقبل!

– إن كان صحيح ما تقول.. فاللهم ارضى عن الحسين وعن يزيد
– وإن كان ما تقوله أنت هو الصحيح فاللهم العن يزيد
بهذه العبارات، ترضّى الشيعي عن يزيد، ولَعنَه السنّي، فإذا ليس الموضوع موضوع “عنزة ولو طارت” برغم وجود هذا المنطق لدى البعض، ولكن المسألة متعلقة بالسرد التاريخي والحقائق التي جرت على أرض الواقع.
الشيعي يقول أن يزيد عندما أوتي له برأس الحسين عليه السلام، رقص طرباً عليه واحتسى الخمر فرحاً بمقتله ونشوةً بانتصاره، فقال له السني، إن فعل ذلك يزيد فلعنة الله عليه!
والسني يقول، أنه لما أوتي ليزيد برأس الحسين عليه السلام، بكى وقال أهكذا يُفعل بسبط رسول الله؟ ولم يكن أمر بقتله بل أمر بمنعه من دخول الكوفة. فقال الشيعي، إن فعل ذلك يزيد فرضي الله عنه وعن الحسين.
لو تأملنا قليلاً بهذا السياق وهذا الحوار وتلك الكلمات، لوجدنا – على الأقل في هذه النقطة – أن الخلاف اليوم تاريخي، خصوصاً أن الطرفين يعلنون محبة الحسين ويترضون عليه، ومتفقون أن قاتل الحسين ملعون، وعلى عكس ما يشاع دوماً من عدم اتفاق بين السنة والشيعة، فها قد تم التوافق وعلى أصل من أصول العقيدتين، وأسٍ من أساسات الفكرين.
فلماذا الخلاف اليوم؟ لماذا تحميل السنّة مسؤولية دم الحسين، وهم أول من بكاه؟ لماذا التنقيب بحفريات التاريخ عن أيامٍ خلت، وبالأصل مختلفون بصحة روايتها؟
لن أدعو إلى وحدة المذاهب.. فلكل مذهب مميزاته التي تعطيه لوناً مختلفاً عن غيره.
لن أدعو إلى التقريب بين الأديان، فلكل دين أساساته، وكما أساسات البناء لا يمكن تحريكها حتى لا يقع، فكذلك أساسات الدين ثابتة، ولا يمكن التقريب بينها.
لن أدعو إلى التطرف أو التشدد، فلا يوجد في أي دين تطرف ولا يصح بأي منهج التشدد.. فالدين الذي يعتبر منهج حياة، يفترض به أن تكون جميع أموره واضحة وكل تعليماته صريحة، فإما تطبق وإما لا، وبالتالي قد يكون التشدد هو زيادة مذمومة على الدين وقد يكون التطرف هو لصق ما ليس من الدين به.
سأدعو إلى التعامل ضمن الأمور المتفق عليها، ولا أقول ترك الأمور المختلف فيها، ولكن على الأقل قراءة معمقة في الأمور التي هي موقع خلاف.
لماذا علي أن أحاسبك على خطأ لم ترتكبه أنت ولا دخل لك فيه، لماذا تلطم وتشق ثيابك وتشقق وجهك على خذلان لم تكن أنت فيه، لماذا سأقاطع جاري تحت حجّة أن جد جده الأكبر، متهم بقتل جد جدي الأكبر، هل من المنطق أن أسدد فاتورة مطعم، أكل به جدي القديم ولم يسددها؟
ثم من قال أن جدي يزيد وجدك الحسين، ألا يمكن أن أكون أنا من أحفاد الحسين وأنت من أجفاد يزيد، ألا يعقل أن نكون الاثنين من سلالة واحدة؟
لا يمكن إنكار وجود خلاف بين السنّة والشيعة، بل خلافات جمة، لعل أبرزها الخلاف الديني والخلاف السياسي، أما السياسي فهو ليس صافٍ بحت. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فليس كل الشيعة حزب الله، وليس كل السنة من جماعة “تيار المستقبل”، فهناك من السنة من يوالي المقاومة وهناك من الشيعة من هم في مركب المستقبل!
كيف يمكنني أن أنتقد خصمي في السياسة تحت حجج دينية، وهناك من يشاركني سياستي من بني طائفته؟ وكيف يمكن أن أرمي بسهام الخلاف الديني ضمن لعبة الخلاف السياسي؟
أجدادنا، حملوا هم أمّة، وأنت يا من تبكي خذلانك للحسين وأنت الآخر يا من تبكي فقدان الحسين.. هلا رأينا فيكما أخلاق الحسين؟ وشاهدنا عليكما أدب تعامله مع الغير؟ يا ترى، لو عاد الحسين اليوم، هل سيرضى بما تقوم به على اسمه؟ أم هل سيسامحني على ما أدعي اتباعه؟

السابق
عاشوراء بين الأمس واليوم
التالي
صورة غريبة جداً للزعيم الكوري تثير بلبلة