سلام يطالب مجموعة دعم لبنان بـ3 مليارات..الحريري يحدّد «الثوابت» السنّية

بينما تواصل طرابلس نفض الغبار عن ساحة معركتها الوطنية مع الإرهاب والتطرّف مكرّسةً أمام القاصي والداني أنها «فيحاء» اعتدال لا مكان فيها للنافخين في أبواق الفتن والخارجين عن الدولة وسلطانها، برز على المستوى الوطني الراعي للاعتدال والمعتنق لمفاهيمه الوحدوية والسيادية تشديد الرئيس سعد الحريري أمس على جملة «ثوابت ومنطلقات» تحدد توجّهات «أهل السنّة في لبنان» بوصفهم «أهل اعتدال ووحدة (…) لن يعيشوا عقدة الاستضعاف والإقصاء ولن يفرّطوا بإرثهم القومي والوطني مهما اشتدت عليهم ظروف الاستقواء بالسلاح الخارجي وأسلحة الخارجين على الدولة ومؤسساتها». أما على مستوى مستجدات الاستحقاقات الدستورية المعلّقة على حبال الشغور الرئاسي، فطغت على ساحة التصريحات والمواقف السياسية أمس مؤشرات تدل على تبلور صورة التمديد لولاية المجلس النيابي درءاً للفراغ الشامل في هيكلية الدولة، وسط ترجيح مصادر نيابية رفيعة لـ«المستقبل» انعقاد الجلسة التشريعية لإقرار التمديد في الرابع من تشرين الثاني المقبل.

إذاً، في تصريح يستصرخ «الضمائر الحيّة للاتفاق على كلمة سواء توقف مسلسل السباق إلى الفتنة وتحمي الجيش من الأفخاخ المنصوبة له»، حذّر الحريري من أنّ «ما نشهده من حوادث متنقلة في البقاع وطرابلس وعكار والمنية والضنية وسواها إنما هو نموذج صغير عن الحريق الكبير الذي شب في سوريا ونتيجة لارتداداته»، لافتاً الانتباه في هذا الإطار إلى سعي مناصري النظام السوري «لتحميلنا حصّة من مسؤولية الحريق بهدف إقامة توازن طائفي لبناني في الحرب السورية يبرّر مشاركة «حزب الله» فيها ويحقق له المساواة في ميزان الشر».

ولأنّه لم يعد جائزاً إبقاء لبنان «على حافة النار»، توجّه الحريري إلى كافة القيادات والأطياف الروحية والسياسية بالدعوة إلى «المباشرة فوراً في مشاورات وطنية للاتفاق على رئيس جديد للجمهورية»، وإلى «العمل على إعداد استراتيجية أمنية متكاملة يتولاها الجيش مع القوى الأمنية الشرعية تُخصّص للتعامل مع ارتدادات الحرب السورية وتكون مسؤولة حصراً عن حماية الحدود ومنع أي أعمال عسكرية في الاتجاهين»، مطالباً في الوقت عينه باستنفار الجهود للتوصل إلى «آلية أمنية اجتماعية تحقق التكامل بين سلامة النازحين وسلامة الأمن الوطني»، مع التشديد على أنّ «الأوان آن لتحييد المسألة اللبنانية عن المسألة السورية وتعطيل كافة خطوط الاشتباك الأمني والعسكري بين المسألتين».

 

وفي معرض تفنيده «الثوابت» السنية إزاء تحديات المرحلة، تصدّى الحريري للدعوات إلى «الانشقاق عن الجيش» وإلى «ثورة سنّية في لبنان» فأكد أنها دعوات «مرفوضة ومدانة (…) لا تنتمي إلى تطلّعات وأهداف السنة في شيء، بل هي تتساوى مع المشاريع المشبوهة لإنهاء الصيغة اللبنانية»، محذراً في هذا السياق من أنّ «المجموعات الإرهابية التي تجيز لنفسها اختراق الحدود اللبنانية إنما تعمل على إعطاء «حزب الله» ذريعة جديدة لتدخّله في الحرب السورية وتوسيع نطاق عمله الأمني والعسكري في لبنان». وختم الحريري بالتشديد على عدم تغطية «أي مرتكب يخالف قواعد العيش المشترك»، وعلى مواجهة «أي محاولة للنيل من الجيش ووحدته وسلامته ودوره في حماية اللبنانيين»، مؤكداً عدم التسامح «مع أي جهة تتخذ من المواطنين الأبرياء في طرابلس أو عكار أو المنية أو الضنية أو عرسال أو صيدا منابر للتطرف ومخالفة القوانين باسم الدين ونصرة أهل السنة».

 برلين

وفي الغضون، كان رئيس الحكومة تمام سلام يؤكد من مقر الخارجية الألمانية أنّ لبنان تمكّن خلال الأيام الأخيرة في طرابلس «من حسم الموقف في مواجهة الإرهابيين»، مشيراً في المقابل إلى وجود «تحديات وملفات كبيرة» أمام اللبنانيين أبرزها «العبء الكبير الذي يتحمله لبنان في موضوع النازحين السوريين» الذي عاد فأسهب في الإضاءة على تحدياته وأعبائه أمام اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في حضور ممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.

سلام شدد في كلمته على أنّ «الأوان قد حان للنظر في الطرق الملموسة لترجمة مواقف الدعم إلى إجراءات فاعلة من أجل مساعدة الدول المدعوة إلى مؤتمر برلين حول اللاجئين السوريين»، وحذر من أنّ «لبنان الذي يستضيف أعداداً من النازحين السوريين تفوق ثلث عدد سكانه يشهد يوماً بعد يوم تدهوراً لوضعه الاقتصادي وتراجعاً لخدماته العامة وتهديداً خطيراً لاستقراره، بينما الحكومة غير قادرة على مواجهة هذه التحديات من دون مساعدات كبيرة وعاجلة»، مطالباً في هذا السياق مجموعة دعم لبنان بتقديم مساعدات مالية بقيمة 3 مليارات دولار على أن يقدّم ثلث هذا المبلغ من خلال «منح على مدى العامين المقبلين» بينما يتم تأمين المليارين المتبقيين على شكل «قرض خاص طويل الأجل تكفله مجموعة من الدول».

وإذ طالب المجتمع الدولي بضرورة الشروع في حلّ جذري لمشكلة النزوح السوري لا يمكن أن يتحقق «من دون إعادة توطين عدد من النازحين إلى لبنان في دول أخرى أو في مناطق آمنة داخل سوريا»، عاد فلفت رئيس الحكومة أمام مندوبي الصحافة العربية إلى أنّ الدعوة إلى إقامة منطقة آمنة في سوريا بإشراف دولي «لم تلقَ تأييداً من قبل الدول والمنظمات الدولية»، معرباً في المقابل عن أمله في التجاوب مع مطلب تقديم 3 مليارات دولار لمساعدة الدولة اللبنانية، مع إشارته إلى أنّ «الدعم المالي ما زال بعيداً عن حجم الأعباء» التي يتحملها لبنان في ظل خسارته ما يقارب 7 مليارات دولار وفق ما أكدت دراسات البنك الدولي.

عون: رفض التمديد مبدئي

 

بالعودة إلى خارطة المواقف التي برزت أمس حول موضوع التمديد لولاية المجلس النيابي، فقد أوضح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بعد زيارته كلاً من مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الافتاء ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة أنّ رفضه التمديد إنما هو موقف «مبدئي» يقع ضمن «حق الاختلاف الديمقراطي»، وقال: إذا مدّدوا فسيكونون منسجمين مع أنفسهم وإذا عارضنا فسنكون منسجمين مع أنفسنا».

 

فرنجية: التمديد واقع

 

من جهته، جزم رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية أنّ «التمديد واقع إنما هناك من يتجرّأ ويقول هذا الأمر، وهناك من لا يتجرّأ ويختبئ وراء المزايدة»، مشدداً على أنّ المطروح حالياً هو واحد من خيارين «إما الفراغ أو التمديد». أما عن ميثاقية التمديد فقال: «الميثاقية تفرض مشاركة كل المكوّنات، وأنا كمسيحي سأشارك (في جلسة التمديد) بالإضافة إلى عدد آخر من النواب المسيحيين الذين بات من المعروف أنهم سيشاركون ما يمنح (التمديد) الميثاقية المطلوبة، ولننتظر لنرى من سيغيّر رأيه أيضاً ويشارك».

 

«القوات»: بين التمديد والفراغ

 

إلى ذلك، برز تأكيد نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة أنّ الوضع الراهن «لم يعد أمام تمديد أو إجراء الانتخابات بل أصبح أمام التمديد أو الفراغ»، ناقلاً عن بري قوله له: «تفضلوا تحمّلوا مسؤولياتكم كنواب وأفرقاء و«قوات لبنانية»، أنتم اليوم أمام خيار من اثنين إما الفراغ وكلنا نعلم ما يستتبعه، أو أن تتخذوا موقفاً». وأردف عدوان: «الحقيقة، البلد أمام مأزق والرئيس بري حمّلني مسؤولية نقل الجو الذي وضعني فيه إلى حزب «القوات» وحلفائنا.. وسيكون لي في الأيام المقبلة اجتماعات ولقاءات لنرى كيفية التعاطي مع الموقف».

 

«الكتائب»: لا للتمديد

 

أما على ضفة «حزب الكتائب اللبنانية» فجدد النائب سامي الجميّل بعد لقائه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب أمس موقف حزبه الرافض للتمديد باعتبار أنه «لا يجوز التمديد لمجلس فشل في كل شيء»، معتبراً أنّ البديل عن التمديد هو «نفض البلد من أساسه».

السابق
مزارعو الحشيشة شركاء للجيش في الدفاع عن أرض الوطن!
التالي
المبنى «ب» في سجن رومية .. مرآة وطن