من مرشح لانتخابات برلمان مصر إلى قتيل مع «داعش»

من مرشح في الانتخابات التي أعقبت «ثورة 25 يناير» لعضوية مجلس الشعب (البرلمان) في مصر، إلى مقاتل في صفوف التنظيمات التكفيرية. ومن سائر على طريق الديموقراطية، إلى كافر بها ومكفِّرٍ لكل من يعتنقها.

هذه باختصار قصة أحمد الدروي، ضابط الشرطة السابق وعضو «ائتلاف» ضباط الشرطة خلال «الثورة»، الذي قيل إنه توفي أواخر أيار الماضي لأسباب صحية أثناء علاجه في الخارج، لكن صفحات «جهادية» كشفت في اليومين الماضيين أن الدروي مقاتل في صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» وأنه نفّذ عملية انتحارية في العراق، مكذبة رواية وفاته المتداولة. ولإثبات ذلك نشرت صوراً له وهو يرتدي الزي الأفغاني ويحمل سلاحاً.
وكان أول من نشر صورة الدروي حساب «عبد العزيز مؤقتاً» على «تويتر»، المعروف بمناصرته لـ«داعش» وامتلاكه معلومات واسعة حول «الجهاديين» في مصر وفلسطين المحتلة. وجاء نشر صورة الدروي في سياق نشره صور بعض قتلى التنظيم المتشدد من هذين البلدين. وعلّق على الصورة بقوله: «أحمد الدروي كان ضابطاً في الأمن المصري ومرشحاً إلى انتخابات مجلس الشعب ثم تاب فنفر إلى أرض الخلافة فنفذ عملية استشهادية».
وأحدثت هذه التغريدة صدمة كبيرة في الشارع المصري الذي فوجئ بهول الحادثة، ليس لأنه يسمع بخبر وفاة الشخص نفسه للمرة الثانية وحسب، بل لاكتشافه حجم الخديعة التي مورست عليه، لا سيما أن الدروي كان ناشطاً سياسياً يظهر على شاشات التلفزة المصرية، لذلك كان من الصعب عليه تقبل حقيقة أنه انتهى ليكون انتحارياً لمصلحة «داعش»، الذي يتخوف الشارع المصري من تمدده إليه في ظل الظروف الأمنية التي تعيشها البلاد. ولم ينتهِ الجدل بين تصديق أو عدم تصديق الخبر إلا بعد أن أقرت والدة الدروي على حسابها على «تويتر» بمقتله وأنها تحتسبه «شهيداً».
وسرّب بعض الإعلاميين المقربين من «داعش» معلومات ضئيلة عن الدروي، مثل أن اسمه الحركي أبو معاذ المصري، وأنه كان القائد العسكري لكتيبة «جند الخلافة» في ريف اللاذقية. إلا أن ذلك لم يكن كافياً لسد الثغرات في قصة مقتله، خاصةً أن ناشر التغريدة الأولى لم يذكر تاريخ تنفيذ العملية.
ورغم أن خبر وفاته الأولى كان في 29 أيار الماضي، إلا أنه كان من الغريب أن يعلن الجيش العراقي في 4 تموز عن مقتل «جهادي» يحمل اسم أبي معاذ المصري، وذلك في حي القادسية بمدينة تكريت، وهو ما دفع بعض وسائل الإعلام المصرية إلى اعتبار أن إعلان الخبر الأول عن وفاته نهاية أيار، كان بمثابة تمويه لتغطية سفره إلى سوريا وأنه قتل كما قال الجيش العراقي في تموز. لكن تبقى فرضية تشابه الأسماء قائمة في هذه الحالة، وما يعززها أن مصرياً آخر يحمل الاسم نفسه «أبو معاذ المصري» قتل في الشهر ذاته في مدينة حلب، حيث كان مسؤولاً شرعياً في «أحرار الشام»، هذا عدا التناقض بين مقتله بعملية انتحارية أو خلال اشتباك مع الجيش العراقي.
والأرجح أن ما أشير إليه على أنه كتيبة «جند الخلافة» يقصد به كتيبة «أسود الخلافة» التي كانت معروفة في ريف اللاذقية، وتتكون من مقاتلين، غالبيتهم من الجنسية المصرية، وأميرها العام أبو حسن المصري، وقائدها العسكري أبو معاذ المصري، ويعرف من قادتها أيضاً أبو طلحة المصري وهو طبيب.
وقد أعلن أبو معاذ المصري في تشرين الثاني الماضي عن مبايعة كتيبته لـ«داعش» والانضمام إليه. وسرت آنذاك أنباء عن عدم صحة هذا الخبر، ما اضطر أبو معاذ إلى تأكيده، واعداً بأن يصدر بيانا رسميا عن «الأمير العام» للكتيبة أبي حسن المصري، وهو ما لم يحدث، ما دفع إلى الاستنتاج بأن بعض قادة الكتيبة، التي يبلغ تعدادها حوالي 300 مقاتل، لم يكونوا راضين عن «البيعة»، من دون أن يتأكد ذلك.
وأبو معاذ يغرد على حسابه على «تويتر» حتى تاريخ 7 آذار الماضي، وهو التاريخ الذي سبق حدثين مهمين قد يفسران انقطاعه عن التغريد: الأول الرتل الذي قاده «والي داعش في الساحل» أبو أيمن العراقي واتجه به إلى دير الزور لقتال «الصحوات»، والثاني انسحاب مقاتلي «داعش» من ريف اللاذقية بسبب اتساع دائرة الاقتتال بينه وبين الفصائل الإسلامية الأخرى، حيث اتجه المنسحبون إلى محافظة الرقة.
يشار إلى أن الدروي من مواليد العام 1978، وكان ضابط شرطة حتى العام 2005 حيث تضاربت الأنباء بين استقالته وبين فصله. ورشح نفسه في العام 2012 لعضوية مجلس الشعب عن دائرة حلوان حيث كان خصمه فيها الإعلامي المعروف مصطفي بكري، وحاز الدروي على أكثر من مئة ألف صوت. ورغم أنه مستقل إلا أنه كان مدعوماً من «حزب النور» برئاسة حازم أبو إسماعيل الذي سبق له تأسيس حركة «حازمون في بلاد الشام» وأرسل في إطارها عشرات المصريين للقتال في سوريا.
وإضافة إلى كتيبة «أسود الخلافة»، فان هناك كتيبة «جيش محمد» بقيادة أبي عبيدة المصري التي تتكون بغالبيتها من مقاتلين مصريين، فضلاً عن المصريين في الكتائب الأخرى.

السابق
من هي قريبة اسماعيل هنية التي تلقت علاجاً في اسرائيل؟
التالي
نينيت كيللي : قلقون على الأمن ووحدة الأراضي اللبنانية