ربما تبدو الصورة النمطية لمقاتلي “الدولة الإسلامية”، أنهم متجهّمو الوجوه، لا يفارقهم العبوس ولا يعرف الضحك طريقاً إلى قسماتهم. إلا أن هؤلاء المقاتلين الذين أدمنوا قطع الرقاب والتنكيل بالأسرى، وإن كن نساءً، باتوا “ينكّتون”، وإن بدت طرائفهم “سمجة”، وخالية من “دسم الضحك”. وأطلق مغردو “داعش” أخيراً وسماً (هاشتاغًا) على “تويتر” بعنوان “طرائف جهادية”، خصصوه للتغريد بـ “الطُرف” ونقل الحكايات “القتالية المضحكة”.
وتضمن “الهاشتاغ” عدداً من المواقف، التي اعتقد مغردوها أنها “مضحكة”. وعلى رغم وحشية بعضها، إلا أنها لاقت استحسان المتابعين من مقاتلي التنظيم والمتعاطفين معه، إلا أن من يتصفح “النكت” أو كما أسموها “الطرائف”، يجد أنها تدور حول محاور لا تبدو بعيدة عن أدبيات التنظيم أبرزها: القتل والنحر. فيما لا تغيب “المرأة” عن هذه النكات فهي حاضرة كأمرٍ “مكبوت” و”مرغوب” في آن.
وأنشأ “أبو خالد”، وهو أحد مقاتلي “داعش”، مُعرفاً بمسمى “الجهاد” (2500 متابع)، وكتب عدداً من التغريدات تحوي “طرائف جهادية”. حصلت على عدد من “نجوم التفضيل والإعجاب”، فضلاً عن إعادة التغريد. وقال في إحدى تغريداته: “في المعسكر كان الأمير (أمير المعسكر) ينادي يومياً بـ “اجمع لنجتمع”، وفي الليل اشترى الأمير خروفاً، فصرخ الخروف “إمباع”، فظننا أنه “أجمع” وذهبنا ولم نجد أحداً”.
وكتب في أخرى: “أخ قناص يقول: خرج صليبي ليدخن فقتلته، فجاؤوا وأخذوه، وبعد ربع ساعة خرج غبي آخر في المكان نفسه فقتلته أيضاً… التدخين مضرّ بالصحة”. وكتب ثالثة: “الأخوة قاموا بنحر مرتد ورموا رأسه على قارعة الطريق، وفي اليوم التالي وجدنا القطط أكلت من رأسه ومات عدد منهم متسمماً”. وبعد أن وجد جمهوراً كبيراً يصفق لحكايته “الطريفة”، تابع التغريد في الوسم: “قمت بتفصيل سكيناً خاصاً صممته بنفسي للذبح فانتشر صيته، فاتصل بي أحد الأخوة من مدينة أخرى. وقال: لدينا غرفة ممتلئة نريد دعم ذبح”.
وكتب “أبو خالد” أيضاً: “أحد عوام الأنصار تعلّم التفخيخ، فاشترى عربة ليجرب ما تعلمه، فخخها وفجرها بناقلة جند على أمل أن يقتل واحداً منهم، فأبادهم جميعاً”. لم يكن المقاتل أبو خالد وحده من يغرد في هذا الوسم، إذ شاركه أبو مصعب في تغريدة كتب فيها: “أحد جنود الدولة كان نائماً أثناء القصف بالطائرات، فقال له آخر انهض بدأ قصف الطائرات، فأجابه قائلاً: وهل أنا مضاد الطيران؟!”. وتداول عدد من المغردين طرائف أخرى من بينها: “أن أحد الأخوة الانغماسيين (الانتحاريين)، نفذ عملية وأغمي عليه ولم يقتل؛ فقام على دخان وسيارات إسعاف ودماء وأشلاء، وفي النهاية عاد إلى معسكره بتكسي”. ومن بين الطرائف المتداولة في “الهاشتاغ”: “أن أحد الاستشهاديين (الانتحاريين) أحضر له الأمير العسكري “بيبسي وسندويتشاً”، قبل تنفيذ عمليته بلحظات، فقال للأمير: اعذرني لا أشرب البيبسي لأنه يسبب هشاشة العظام”.
وكما وُجدت المرأة في منامات المقاتلين كـ”حور عين” يشجعن المقاتلين لتنفيذ العمليات الانتحارية، وزوجات في ساحات القتال محرضات وداعمات، حضرت في “نُكتهم” أو طرائفهم. وكتب المقاتل في تنظيم داعش “ماجد الرقاوي”، طرفة: “أحد الأخوة تزوج أرملة أذرية (أذربيجانية)، يقول في أول ليلة زواج، الساعة الثانية أيقظتني لصلاة الوتر، فتكاسلت فنضحت عليّ الماء، وهي تقول قم يا “منافق”. وكتب آخر حكايته: “يبحث عن زوجة منذ عام ونصف العام فعرض عليه أحد زملائه ثلاث نساء قبلن فيه، إلا أنه تفاجأ أنهن في عمر والدته. وجاءه آخر وكان والياً على إحدى المناطق، وجد له عروساً بيضاء وجميلة ومتدينة، فوافق فرحاً، وإذ به يتفاجأ أنها في عمر ابنته، حتى جاءه آخر وعرض عليه أخرى، وحتى موعد النظرة الشرعية أدرك أنها تطلب مهراً وذهباً وبيتاً، فرفضها مطالباً بزوجة يكون مهرها الجهاد وحفظ كتاب الله”.
وعلى رغم العداوة المستفحلة بين “داعش” و”جبهة النصرة” إلا أن وسم “داعش” استقطب مقاتلين من خصومهم المنضويين تحت راية “النصرة”، فشاركوا في رواية القصص “الفكاهية” بزعمهم. وكتب “صقر الجهاد” (53 ألف متابع)، وهو مقاتل “قاعدي”، شارك في حروب أفغانستان قبل انتقاله أخيراً إلى سوريا: “كنا في أفغانستان في أحد المراكز وكان المركز خطراً جداً واشتد القصف علينا، ومعنا أحد الأخوة العجم فرفع يديه ليدعو، فقال “اللهم سدد رميهم”.
بدوره، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية حمود الزيادي، في تصريح إلى «الحياة”: “إن تنظيم داعش، يسعى عبر ذراعه الإعلامي من خلال هذا الهاشتاغ، إلى محاولة البقاء في دائرة التأثير في الوسط السايبيري، وذلك من أجل الاستمرار في الحشد والتعبئة والتجنيد للتنظيم”. وأضاف: “هم يفتقرون وبشكل واضح من خلال ما رووه من نكات وطرائف عبر الهاشتاغ، إلى الحس الفكاهي. إذ يبدو أن للغة الدماء والممارسات الوحشية التي رباهم عليها التنظيم، انعكاساً عميقاً على لغتهم ومشاعرهم”.