مفاجأة التشريع: السـلسـلة الى «مقبرة» اللجان المشتركة

اذا كان التوافق السياسي على صيغة مقبولة لسلسلة الرتب والرواتب بعد ثلاث سنوات من المبارزات والاضرابات لم يشكل مفاجأة كبيرة للبنانيين، فان المفاجأة التي نزلت كالصاعقة على موظفي القطاع العام الذين وضعوا آمالهم في جلسة “تشريع الضرورة”، تمثلت باعادتها الى اللجان المشتركة لوجود ملاحظات عليها وبعدما قدم وزير الدفاع سمير مقبل اعتراضا على المشروع باسمه وباسم المؤسسة العسكرية، فسقط المجلس الينابي في اختبار المصداقية مجددا وخذل ناخبيه.

واللافت في سيناريو جلسة نصف الساعة التي لم يحدد بري موعدا جديدا لها، انه جاء مخالفا تماما لما رسم له من توقعات لم يرق اي منها الى حدود اعادتها للجان كما حصل، ذلك ان الدقائق الثلاثين كانت كفيلة “بنسف” كل التوافقات السياسية، اذ تنبه المشرعون فجأة الى النواقص في المشروع الذي اشبع درسا وتمحيصا خلال مخاضه الطويل على مدى السنوات الثلاث، وارتأوا اعادته الى مقبرة اللجان، التي يعرف الجميع موعد دخول المشاريع اليها ويجهلون وقت خروجها.

ولم تفلح التبريرات النيابية والمواقف التي اعقبت انفضاض عقد التشريع في امتصاص النقمة الشعبية، خصوصا ان العام الدراسي لم يكد ينطلق حتى عادت موجة الاضرابات، على رغم طمأنة وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب الى العمل مع هيئة التنسيق النقابية على تأمين سير هذا العام بشكل طبيعي والبقاء الى جانبها حتى اقرار السلسلة.

وفاجأ اعتراض وزير الدفاع سمير مقبل على المشروع ورفضه بالصيغة الحالية مشددا على ضرورة فصل القطاع العام عن السلك العسكري، على احقيته، الاوساط السياسية والمواطنين على السواء، الذين تساءلوا عما اذا كان من قطبة مخفية تم تنسيقها بين المعنيين لتشكل مخرجا لازمة اقرار السلسلة وتداعياتها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، في ظل اعتراض واسع من الهيئات الاقتصادية وتحذير المختصين من ارتداداتها السلبية على مستوى اصحاب القدرات المحدودة، او على الاقل رمي الكرة الى ملعب اللجان مجددا لكسب المزيد من الوقت بعدما عاد المشروع الى نقطة البداية.

واذا كان المجلس النيابي خذل اصحاب الحق بالسلسلة، فانه ضخ في عروقهم جرعة مخدر باجازته للحكومة دفع رواتب موظفي القطاع العام حتى نهاية السنة، لتتسنى لهم على الاقل فرصة الحد الادنى بقبض مستحقاتهم المالية من الدولة.

السابق
تدابير أمنية مشددة جنوبا
التالي
الحريري التقى باسيل ومفاوضات العسكريين في «ممر» التعهدات