ما هو المرسوم رقم 8991؟

هي التحذيرات التي اجتاحت علب منتجات التبغ منذ أن بدأ العمل بالمرسوم رقم 8991، في خطوةٍ توعوية صحيّة للحد من التدخين في لبنان. بعد سنة تقريباً من بدء العمل بالمرسوم، لا يزال المشهد عينه إلى حدٍّ ما، فالطّلب على علب منتجات التبغ من سجائر أو معسّل النرجيلة مستمرّ والاستهلاك إلى تصاعد، خصوصاً إذا ما تم النظر إلى الفئة اليافعة ذات “الاستعداد” للإدمان على التدخين.

مفعول التحذيرات خجول والحل برفع سعر التبغ

في نظرةٍ سريعة إلى الواقع اللبناني، تبين لـ”النهار” أن المشهد لا يزال قاتماً، فالتدخين يجتاح المجتمع “لأن اللبناني يأخذ كل الأمور بخفة واستهتار، وذهب كثيرون في السخرية وإطلاق النكات من التحذيرات المكتوبة على العلب، ولم يتأثروا بها ليعيدوا النظر حتى ليتوقفوا عن التدخين” يقول الطالب إيلي ناصيف، ويوافقه الرأي صديقه كريم جابر الذي اعتبر أن “الحل يكمن في رفع سعر السجائر والمعسّل مثلما يحصل في الدول المتطورة، وفي منع بيعها للقاصرين، لأن التحذيرات غير فعّالة”.

الأمر نفسه تلفت إليه المواطنة مايا م.: “اللبناني لا يتأثر حتى لو كُتبَت التحذيرات بالخط الكبير، بل ما سيخفف من نسبة التدخين هو رفع ثمن علبة السجائر وتوزيع كمية محدودة من منتوجات التبغ في السوق اللبنانية” وتضيف أن التحذيرات الحالية لم تنفع، متأمّلةً انفراجاً ما في التوعية الصحية عند استعمال التحذيرات الصّوَرية لاحقاً: “فالصّور تؤثّر أكثر، وستخفف من التدخين إلى حدٍّ ما”، ما تلفت إليه أيضاً المواطنة ف. ع.: “فعندما يرى الشخص النتائج الصحية الفظيعة جرّاء التدخين، سيعيد النظر في استهلاكه، أي إن “الحكي مش متل الشوفة””، وترى أن “من يدخّن يعلم أصلاً بأن الأمر خطير على الصحة، والحل ليس بالتحذير بل برفع سعر التبغ”.

من جهتها، لا ترى م. ضومط أن التحذيرات الصّوَرية قد تقلّص من نسبة استهلاك منتوجات التبغ، وبرأيها الحل هو في “منع هذه المنتوجات كلياً أو السماح فقط بالسيجارة الإلكترونية”، أما يارا ع. فتشير إلى أن “التوعية منذ مرحلة الطفولة هي أفضل وقاية من التدخين، لأن البالغين المدخّنين يعانون من هذه العادة في لاوعيهم”.

لا دراسات إحصائية لنتائج التحذيرات

صدر المرسوم 8991 عن رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان في 29 أيلول 2012 بناءً على القانون رقم 174، وبدأ العمل به في 4 تشرين الأول 2013 (بعد سنة من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية). ينصّ في مادته الأولى على أنه “يجب على كلّ شخص طبيعي أو معنوي يقوم بتصنيع أيٍّ من منتجات التبغ، أو يقوم باستيراد وتوزيع وبيع بالجملة أيّ منتَج من التّبغ، أن يدوّن باللغة العربية تحذيراتٍ صحية على كل علبة أو عبوة من منتجات التبغ تصف الآثار الضارة للصحة التي يتسبب بها التبغ”.

لكن لا دراسات إحصائية لنتائجه في المجتمع اللبناني بحسب مدير الاتصال في البرنامج الوطني للحد من التدخين في وزارة الصحة عبّاس سِباعي، الذي أكد لـ”النهار” أنه “لا يجب أن يُوَزّع أي منتَج تبغي في السوق إلا إذا حمل تحذيرَين من الـ10 عبارات المحددة للسجائر والـ5 عبارات المحددة للنرجيلة، وهذه مسؤولية إدارة حصر التبغ والتنباك التابعة لوزارة المالية”. ويذكّر أن على مساحة التحذير أن تكون 40% من كل جهة من علبة السجائر أو علبة المعسّل.

“أما في حال المخالفة، فيُرسّل محضر ضبط إلى وزارتَي الاقتصاد والصحة، وتُصادِر مديرية حماية المستهلك المنتَج وتُسَلّمه للجهات المختصّة أي ريجي التبغ (إدارة حصر التبغ والتنباك)” يوضح سِباعي.

لكن ماذا عن نتيجة التحذيرات في السوق؟ لئن لا دراسات بعد لإحصاء استهلاك المنتوجات التبغية بعد المضيّ بمقررات المرسوم رقم 8991، يجيب سِباعي مستنداً إلى ردود الفعل التي لمسها شخصياً، ويشير إلى أن النتائج جاءت بالوجهَين السلبي والإيجابي: “لاحظنا توجّهاً سلبياً تمثّل في سعي البعض لشراء علب السجائر من غير التحذيرات عليها، لدرجة أنهم دفعوا ثمنها مضاعَفاً ما ينتج ربحاً للتجّار، ورأينا أيضاً تجاوباً مع التحذيرات بما أنها قلّصت من نسبة استهلاك البعض للسجائر والنرجيلة”.

مخزونٌ قديم لا يحمل التحذيرات

في الإشارة آنفاً إلى أن البعض يسعون لابتياع علب سجائر بسعرٍ مُضاعَف، لأنها لا تحمل تحذيرات على وجهَيها، أوضح الأمين العام التجاري في إدارة حصر التبغ والتنباك جورج حبيقة لـ”النهار” أن هذه العلب “كانت موزّعة قبل البدء بالعمل بالمرسوم رقم 8991، أي هي من مخزونٍ سابق عند المحال التجارية، ولهذا السبب هي لا تحمل التحذيرات من الريجي”.

ويشير إلى أننا “فكّرنا في إعادة لمّ هذه المخزونات التبغية لزيادة التحذيرات عليها، لكن تبين لنا أن الأمر سيكلّفنا 20 مليون دولار لجهة تسديد ثمنها للتجار وغيرها، فتركناها وركّزنا على كل المنتوجات التبغية منذ العمل بالمرسوم في تشرين الأول من العام الماضي”، ويؤكد بفخر أن “ليس هناك من علبة واحدة تخرج من عندنا لا تحمل التحذيرات الصحية”.

أما بعض علب السجائر لماركات معينة التي لا تحمل هذه التحذيرات، وهي تلك ذات القياس الصغير جدّاً والرفيع، فيوضح حبيقة أنها “أيضاً من المخزونات القديمة، ولا تزال تظهر من غير تحذيرات لأن الطلب عليها خفيف، خلافاً لماركاتٍ أخرى تُستَهلَك بشكلٍ كثيف”، ولا يَستبعد أن تظلّ هذه العلب موجودة في السوق لمدّة سنة بعد اليوم.

وعن التحذيرات الصّوَرية التي رأى معظم المواطنين أن مفعولها سيكون أقوى، يوضح حبيقة أن الموضوع “على الطريق، إذ نحن ننتظر المسار القانوني لتحقيقه”. بدوره، يشير سِباعي أننا “كوزارة صحة وافقنا على الأمر ونسعى للعمل على تحقيقه، لكننا ننتظر موافقة وزارة المالية لننسّق معها في هذا الشّأن” على أمل إحراز تقدّم على صعيد التوعية من مخاطر التدخين.

السابق
أوتوستراد الأوزاعي مقطوع بالاتجاهين احتجاجاً على انقطاع الكهرباء
التالي
قضية العسكريين تراوح و8 آذار تقدم ترشيحاتها النيابية