منع تسجيل التلامذة السوريين

جلست أم أحمد أمام رصيف «مجمع بئر حسن التربوي» تحاول تقصي أي معلومة عن سبب رفض إدارة المدارس الرسمية، تسجيل التلامذة السوريين، من دون أن تحصل على جواب يرضيها، باستثناء دعوتها للتريث، ريثما تتخذ وزارة التربية قراراً بالسماح بتسجيل التلامذة غير اللبنانيين، تنفيذاً لقرار وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب.

عشرات العائلات السورية توجهت صباح أمس إلى المدارس الرسمية، وتحديداً مجمع بئر حسن، وفي مدارس الضاحية الجنوبية، لإعادة تسجيل أولادههم، إلا أنهم عادوا خائبين لأن قرار وزير التربية واضح لجهة منع تسجيل النازحين أو غيرهم من غير اللبنانيين، لأن «هناك خططاً لفتح مدارس بدوام مسائي لهؤلاء التلامذة (من الثانية بعد الظهر حتى السادسة مساء وعلى نفقة الأمم المتحدة)، بمناهج أقرب الى المنهاج السوري نظراً لعدم تكيفهم مع المنهاج اللبناني والتأثير السلبي على التلميذ اللبناني لعدم إمكانية التساوي العلمي بين الطالبين» على حد قول أحد المدراء.
ويوضح عدد من مديري المدارس في بيروت (يرفض المدراء التحدث إلا بإذن من وزارة التربية)، أنهم راجعوا الإدارة التربوية، لمعرفة ماذا يفعلون، وهل يضعون هؤلاء التلامذة على لائحة الانتظار، أم يكتفون بتسجيلهم من دون أخذ أي رسوم، ريثما يُحل وضعهم؟ وما هو مصير التلامذة القدامى، والذين لا علاقة لهم بالمساعدات؟ ويشير هؤلاء المدراء إلى انهم لم يتلقوا أي إجابة على أسئلتهم، سوى الانتظار لما سيصدر عن وزير التربية، بعد اتصالات يجريها مع الجهات الدولية المانحة لتحمل مسؤولياتها، لجهة دفع ما يتوجب عليها من مساهمات مالية، وعدم الاكتفاء بدعم النازحين كلاميا.
ولا يختلف الوضع في مدارس الضاحية الجنوبية، غير أن أحد مديري المدارس، أقدم على قبول تسجيل التلامذة السوريين القدامى، على دفتر مستقل (لحفظ الحق بمقعد دراسي)، من دون أخذ أي رسوم، بانتظار صدور قرار يسمح له بذلك. ويعترف انه أقدم على هذه الخطوة، في مخالفة واضحة لقرار وزير التربية، «بعد بضعة أيام سيصدر قرار يسمح لنا بقبول التلامذة السوريين، وفي هذه الحال أكون قد استبقت الأمور، وعرفت ما هي حاجاتي، من أساتذة ومعلمين، وعدد الشعب، وتوزيع التلامذة على الصفوف، كي تكون انطلاقة العام الدراسي جيدة…». ويقول: «في حال المنع في دوام قبل الظهر، لا أخسر شيئاً، لأنني لم أعد الأهالي بأي شيء».
وفي مدرسة ابتدائية، يؤكد مديرها الالتزام التام بالتعميم الصادر عن وزير التربية، ويشير إلى أن التعميم سيؤدي إلى انخفاض عدد التلامذة من 800 في العام الماضي، إلى نحو النصف هذا العام، وهذا يعني برأيه، «تأثيراً كبيراً في ساعات المتعاقدين، وعلى عدد الشعب، من دون نسيان ماذا سيحل بالتلامذة السوريين في حال لم يتم تأمين مدرسة لهم». ويقول: «لم نحصل على وعد بفتح المدارس في فترة بعد الظهر، ريثما توافق الجهات المانحة، «بكل بساطة سندع أولاد النازحين السوريين في الشوارع وحرمانهم من أبسط حقوقهم في التعلم». ويستغرب أن يكون التعميم قد شمل جميع التلامذة غير اللبنانيين، ومن بينهم التلامذة الفلسطينيون والعراقيون وغيرهم، «التعميم حذر المدراء من تسجيل أي تلميذ غير لبناني، من دون تحديد هويته».
وترفض مديرة إحدى الثانويات الحكم منذ اليوم الاول على مسار التسجيل، إلا بعد مرور أسبوع أو عشرة أيام. وتتوقع أن تكون نسبة إقبال الطلاب اللبنانيين أعلى من العام الماضي «بسبب الظروف الاقتصادية للناس، وأن طلاب الاول ثانوي سيكون عددهم أكبر بعد حصولهم على إفادات نجاح». وفي ثانوية للبنات، كشفت مديرتها انه تم أمس تسجيل ثلاث طالبات فقط، متوقعة ازدياد الأعداد بعد منتصف أيلول الجاري.
ولا يبدي مدير آخر تفاؤلاً كبيراً بالإقبال الملحوظ على التسجيل في النصف الأول من الشهر الحالي، عازياً الأمر إلى أن العام الدراسي في المدارس الرسمية لا يبدأ فعلياً إلا في تشرين الأول، لذلك «تكثر حجج الأهل من انشغال أولادهم في العمل، أو في قطاف موسم الزيتون وغيره».
تجدر الإشارة إلى أن العام الدراسي بدأ رسمياً في الأول من أيلول في المدارس والثانويات الرسمية، واستهل بإتمام التحضيرات الإدارية واللوجستية، لجهة توزيع الدوام على الأساتذة والمعلمين، الذين التزموا الحضور الى مدارسهم، كما سبق ووعدت «هيئة التنسيق النقابية» ببداية عام دراسي طبيعي في المدارس الرسمية.

السابق
العراق وسورية في انتظار جيش أردوغان؟
التالي
’داعش’ ثمرة سياسة الإقصاء السنّي والشيعي معاً