مبادرة ’14 آذار’: مزحة انتهت قبل أن تبدأ

“ما في دولة”، عبارة يتردد صداها في المربع الأمني لمجلس النواب أيضاً. عسكريون، ضباط، موظفون، صحافيون ونواب يعلقون على أي موضوع يطرح بعبارة مقتضبة وموحدة: “ما في دولة”.. لم يكن ينقص ذاك النهار المشمس في ساحة النجمة سوى مبادرة “14 آذار” ليكتمل المشهد السوريالي لـ”الدولة”. ليست الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية هي الحدث. الكل يعرف أنها لزوم ما لا يلزم، في ظل المراوحة المستمرة وانتظار المتغيرات الاقليمية. مع ذلك، كان لجلسة أمس نكهة مختلفة. من حضر إلى المجلس تساءل مطولاً عن المبادرة المنتظرة. حلل معانيها وأبعادها. رأى فيها البعض تعبيراً عن انفتاح سعودي ربطاً بتقارب الرياض مع طهران.. ترى “8 آذار” أن القيام بهكذا خطوة يعوزه بداية أن يخرج الرئيس سعد الحريري من مرحلة الغموض في الموقف إلى مرحلة الخيار السياسي. ويوضح المصدر المعني أن الحريري حاور عون على قاعدة إمكانية التوافق على اسمه، وبالتالي فهو حتى الساعة لم يقل لا لهذا الخيار. وعليه، هل يمكن لغموض الحريري الذي لم يكتب له خاتمة ما ومبادرة البحث عن التسوية أن يكملا بعضهما البعض، أم هما متناقضان؟ صحيح أن المجتمعين في المجلس النيابي، أمس، أكدوا أن البحث عن اسم ثالث لرئاسة الجمهورية يعود إلى عجز عون وجعجع عن الحصول على الأغلبية في مجلس النواب، وهو ما يعني إعلان “المستقبل” رفض عون للرئاسة، إلا أنه عملياً لا يمكن لهذا الإعلان، على الأقل بالنسبة للعونيين، أن يكون ذا قيمة إلا إذا صدر عن الحريري نفسه. تقضي المبادرة بأن يقوم وفد من “14 آذار” بالتواصل مع كل الأفرقاء الممثلين في المجلس النيابي لمناقشة بنود المبادرة معهم. ذلك يقود حكماً إلى لقاء “حزب الله”.. يبدو جلياً أن المؤتمر الجامع لـ”14 آذار” لم يقنع الخصوم بأن ثمة مبادرة وضعت على الطاولة. هؤلاء لا يرونها سوى محاولة جديدة لملء الفراغ السياسي المستمر. في “8 آذار” تتكرر لازمة واحدة. شخصان فقط يستطيعان حسم اسم الرئيس: عون والحريري..

السابق
«14 آذار» موحّدة في الترشيح والتسوية
التالي
أين حملة ’سكّر الدكانة’ من مكافحتها الفساد؟