ضيف لم تقتله إسرائيل.. فحاولت قهره!

برغم محاولة الاستخبارات الإسرائيلية، في غير مرّة، تصفية محمد الضيف، القائد العام لـ«كتائب القسّام»، إلا انها باءت بالفشل، وظلّ اسم الضيف «شبحاً» يُلاحق الإسرائيليين، ويقض مضاجعهم.

يُعتبر الضيف قائد أركان «القسّام»، وهو العقل المُدبّر لها، وأوّل من حقق حلم ضرب مدينة تل أبيب بالصواريخ، كما خطط لحفر أنفاق المقاومة في غزّة، وقاد عمليات نوعيّة أرّقت الإسرائيليين، وأوقعتهم ما بين قتلى وجرحى، وأشرف على غيرها، وهو الذي تعتبره إسرائيل المسؤول الأوّل عن عمليات استشهادية كُبرى نُفّذت داخل الكيان.
قلّة هم الذين يعرفون شكل الضيف، الذي تربّى في أزقّة مُخيم خان يونس للاجئين، في جنوب قطاع غزّة. فهو لا يظهر إلا لماماً، وعملت الاستخبارات الإسرائيلية على رسم صورة مائية له، تقول إنها تُشبهه، بينما يروي شهود عيان لـ«السفير» أن آخر مرة شُوهد فيها الضيف كان مُضرّجاً بدمائه، مُنتصباً، بينما يُحاول رجل سحبه من سيارته التي تعرضت لصاروخ من طائرة إسرائيلية في العام 2002، ونجا حينها بأعجوبة.
بعدها بأربع سنوات، تعرض الضيف أيضاً لمحاولة اغتيال، ونجا منها. وتتحدث بعض المصادر عن إصابات عديدة عانى منها الضيف خلال محاولات الاغتيال، بعضها يقول إنه مُقعد، وفقد إحدى عينيه، ويُدير «كتائب القسّام» على كرسي مُتحرّك، لكنها مصادر غير مُؤكّدة من حركة حماس.
اسمه الحقيقي محمد دياب المصري، عمره تسعة وأربعون عاماً، تولّى ميراث «القسام» بعد استشهاد «مهندس الكتائب» يحيى عيّاش في مطلع العام 1995.
ويقول عنه بعض أقربائه ممّن تحدثت إليهم «السفير» إنه شخصية تُحاط بالكثير من الأسرار، وحذر جداً، ولديه حرص شديد على الابتعاد عن الأنظار، ولا يستقر في مكان مُعين، لذلك لُقّب بـ«الضيف».
خلال سنوات الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وبعد فراره من سجون السلطة الفلسطينية، كان الضيف يتحدث بشكل نادر في تسجيلات صوتية، لا يُظهر فيها صورته الغائبة عن الاستخبارات الإسرائيلية منذ عشرين عاماً.
وآخر تسجيل له، بثته «القسّام» إبان العدوان الحالي على غزّة، أكّد فيه أنه لا وقف لإطلاق النار من دون رفع الحصار كاملاً عن قطاع غزّة. ظل اسم الضيف يتردد على ألسنة الاستخبارات الإسرائيلية خلال الحرب على غزة، وتصفه إسرائيل بـ«رأس الأفعى»، لا سيما بعد فشل خمسة قادة للشاباك الإسرائيلي في تصفيته.
مساء أمس الأول، أغارت الطائرات الحربية الإسرائيلية بخمسة صواريخ شديدة الانفجار على بيتٍ يعود لعائلة الدلو في حي الشيخ رضوان في شمال غزّة، أدّت إلى استشهاد زوجة الضيف، وابنه علي، البالغ من العمر سبعة أشهر فقط.
اعترف الاحتلال الإسرائيلي بأن قصف المنزل كان هدفه تصفية الضيف، بيد أن القادة العسكريين لم يُحددوا مصيره بعد، مُرجّحين أنه أُصيب خلال القصف الذي دمّر المنزل، وأجزاء كبيرة من المنازل المُحيطة. وبينما لم تُصرّح «كتائب القسّام» بأي معلومات عن حياة قائدها العام، إلا انها قالت في بيان لها إنها تتحدى الاحتلال الإسرائيلي أن يُعلن عن السبب الحقيقي الذي دفعه إلى استهداف عائلة الدلو.
على أي حال، يبدو أن فشل إسرائيل في تحديد مكان محمد الضيف وتصفيته، دفعها إلى اغتيال عائلته، في محاولة للضغط عليه كي يظهر في مكان ما، ويكسر صورة «الشبح» الذي تُطارده إسرائيل منذ سنوات، من دون طائل. ولا تتحدث حركة حماس عن قائدها العسكري كثيراً، إلا انها تؤكـد أنه يُسيطر بشكل كامل على جناحها العسكري منذ التسعينيات، وما زال على رأس عمله.
وفي إشارة إلى أن الضيف ما زال حياً يُرزق، بعد محاولة الاغتيال الأخيرة، قال المتحدث باسم حماس سامي أبو زهري، إن «الإسرائيليين في غلاف غزة لن يعودوا إلى بيوتهم إلا بقرار من القائد محمد الضيف».
وقاد أبو خالد «كتائب القسّام» خلال الحرب التي تشنها إسرائيل على القطاع بحنكة وذكاء، وفجّر العديد من المفاجآت على أيدي أبطالها، حينما خرج المقاومون من البر والبحـر والجـو، ونفّذوا العديد من العمليات النوعيّة ضـد جيـش الاحتلال.
مصير الرجل الذي يتوارى عن الأنظار، والمسؤول عن صد العدوان الإسرائيلي على غزّة، هو الذي سيُحدد طبيعة المعركة مع الاحتلال في الأيّام المقبلة، وما زال الفلسطينيون الذين يُكنون وافر الاحترام والحب لقائد «القسّام»، بانتظار أخبار مُفرحة تطمئنهم على حياة الرجل الذي قض مضاجع قادة إسرائيل.

(السفير)

السابق
حساب جديد للأمن العام على تويتر
التالي
’8 و14 آذار’: قراءتان متناقضتان في الحلقة المفرغة