مع بدء فرار الأيزيديين من بطش تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في شمال العراق، انتشرت صور نزوحهم الجماعي بكثافة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
وبالإضافة إلى تصدّر صور النساء والأطفال العطشى في الصحراء، أثناء خروجهم من جبال سنجار، أغلفة كبرى المجلات والصفحات الرئيسية للصحف، وضع مستخدمو المواقع الاجتماعية صور الأيزيديين الهاربين جماعات من العنف، مكان صورهم الشخصية وشاركوها بكثافة على صفحاتهم.
وحازت إحدى الصور التي يظهر فيها نساء وأطفال يقيمون في العراء، في واد يكتظ بالعشرات منهم، على أكبر نسبة مشاركة على مواقع التواصل، وكتب المستخدمون شتّى أنواع التعليقات المؤثرة، والمواقف المتضامنة معهم، على أنهم نازحون أيزيديون في جبال سنجار فرّوا من المتشددين الإسلاميين.
ولكن لم يكن مستخدمو مواقع التواصل، يحتاجون إلى أكثر من مجرّد تحميل الصورة على خدمة الصور في غوغل، ليتبيّن لهم أنها تعود إلى العام 1991، التقطها المصور العالمي بيتر ترونلي، للأكراد العراقيين الفارين إلى تركيا، بعد قمع انتفاضتهم على يد نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
والمفارقة أن المصوّر نفسه أعاد نشر الصورة على صفحته على فيسبوك، في الثامن من تموز آب (أغسطس) الجاري، قائلاً إن النزوح الجماعي للأيزيديين ذكّره بها.
وكتب ترونلي على الصورة أن أخبار أزمة النزوح التي تتفاقم في شمال العراق، ذكّرته بالأزمة التي كان شاهداً عليها في الجبال، جنوب تركيا عام 1991، “حين عبر مئات الآلاف من العراقيين إلى تركيا، عندما كان صدام حسين يقصف ويلقي الغاز والنابالم، انتقاماً من الأكراد المنتفضين على نظامه، في نهاية حرب الخليج العام 1991”.
والمفارقة أن الصورة انتشرت بكثافة، بعد أن نشرها الصحافي، ولكن المستخدمين ادّعوا أنها للأيزيديين الخارجين من جبال سنجار.
وترونلي مصور صحافي أميركي عالمي، من مواليد (1955)، سافر إلى 85 بلداً، وقام بتغطية الأحداث الدولية الكبرى. ونشرت صوره على الغلاف الرئيسي لمجلة نيوزويك أكثر من أربعين مرة.
وكتب المصوّر أيضاً، في تعليقه على الصورة الشهيرة بعد إعادة نشرها، أنه “كما يجري الاقتراح الآن رداً على الأزمة، جرى آنذاك رمي كميات كبيرة من الطعام والأدوية من الجو، على تلك الجبال جنوب تركيا، رداً على الأزمة الإنسانية الكبرى، التي أدت إلى وفاة الآلاف من المرض والجوع”.