لماذا يضحك الأسد؟

العدوان الاسرائيلي على غزة واعلان قيام “الدولة الاسلامية” وتصرفاتها المتطرفة على امتداد العراق، حدثان استطاعا أن يصرفا أنظار الرأي العالم الغربي والعربي عما يجري في سوريا بين المعارضة والنظام والحلفاء العسكريين. ورغم حال الفوضى التي تعم الأراضي السورية وانهيار أعمدة الدولة في الكثير من المناطق، إلا أن الارتياح حليف الرئيس السوري بشار الأسد هذه الأيام، فما السبب؟

لأن كا ما يجري حوله يساهم في دعم ادعاءاته بمكافحة الارهاب ومساندة القضية الفلسطينية، وبعيداً عما إذا كان للأسد اليد في صناعة “داعش” إلا أن الاخيرة استطاعت أن تجمع المجتمع الدولي والنظام السوري في خندق واحد لمواجهة الارهاب.
ربما يصفق النظام لاسرائيل لـقيامها بـ”الجرف الصامد”. أمرٌ أبعد أنظار وسائل الإعلام والرأي العام عن الأزمة السورية، فلا إنتخاب رئيس جديد للائتلاف السوري المعارض أحدث ضجة أو تغيير، ولا خطاب الأسد الأخير غير من المعادلات.
في رأي نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي إن “التصرف الدولي ازاء العدوان الاسرائيلي في غزة، أكان على مستوى المؤسسات الدولية أو الجامعة العربية أو الرأي العام العالمي، كان مردوده ايجابياً جداً لصالح الدولة السورية”.
دولياً، وبحسب فرزلي “ظهر تصرف الكيل بمكيالين، ورد الفعل على اطلاق نار عادي في سوريا كان يتجاوز سقف الاستنكار إلى التهديد والتسليح والتحريض، فيما في غزة حيث قتل الاطفال وتدمير الابنية على رؤوس قاطنيها نرى وجود تعتيم كامل”.

طرد سوريا

ويعتبر أن “قضية غزة حرفت الانظار والتركيز عما يدور في سوريا من احداث باتجاه القضية المركزية في غزة، وهي القضية التي عمل الاعلام الغربي وبعض الاعلام الاقليمي على إعتبارها قضية هامشية وبحسب زعمهم، وحل مكانها الصراع العربي والفارسي”.
ورغم خلاف “حماس” وإيران بعد موقف الأولى من الاحداث في سوريا إلا أن الفرزلي يؤكد أن “العالم العربي يعرف أن المقاومة الفلسطينية التي استبسلت للدفاع عن فلسطين حصلت على سلاحها من سوريا وإيران”.
يتفق الجميع على ان “داعش” عنصر استفاد منه النظام السوري أكثر من الضرر منه، ويقول فرزلي: “قصة داعش وظهورها كطرف رئيسي واعلان دولة خلافة على امتداد سوريا والعراق، وضعا الغرب الذي كان يقود المعركة ضد سوريا في حال احراج كبيرة، لأنه أصبح في خندق موضوعي واحد وتلاقت المصالح بينه وبين الدولة السورية في محاربة الارهاب”.
ويذّكر برسالة “الألم والأمل” لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري التي تحدث فيها عن خروج “داعش” عن النهج والعقيدة، وأحد الأسباب اعتبار انها خالفت الاتفاق على ابقاء “القاعدة” غير معلنة في بلاد الشام حتى لا تخدم النظام السوري في حربه، لأنه سيستفيد بالادعاء انه يحارب الارهاب.
ويشدد الفرزلي على أن “هذا القول يؤكد أن النظام السوري استفاد من هذا الوجود”، معتبراً أن “المجتمع الدولي بين النظام وداعش سيفضل النظام”.

تحذير الأسد

في المقابل، يربط عضو المكتب السياسي في “تيار المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش الأوضاع في المنطقة بطموح الأسد وتهديداته، ويقول لـ”النهار”: “ينطلق المبدأ الاساس من تحذير بشار الاسد، منذ انطلاق التحقيق الدولي وقبل قيام المحكمة الدولية بقوله ان الفوضى والدمار سيعمّان المنطقة في حال تم انشاء المحكمة، وها هي رؤيا بشار الاسد تتحقق”.
وفي الحديث عن نظرية الشر والأقل شراً، يوّضح علوش أن “انتاج منطق التكفير السني الحاصل في سوريا والعراق وجزئياً في لبنان، يجعل من منطق الشر الأقل الذي اعتمدته الادارة الاميركية أمراً واقعاً، وبات يعوّل بشار الاسد على أن الادارة الاميركية والغرب سيعودان للتعاون معه على أساس انه الشر الاقل أكان هو أو منظومة ولاية الفقيه”.
المستفيد من تطورات المنطقة وانشغال العالم بحسب علوش، ثلاثة أنظمة، “نظام الأسد ليستفرد بالسوريين، نظام ولاية الفقيه ليستفرد بالعراق والنظام الصهيوني ليستفرد بالفلسطينيين”.
ويلفت علوش إلى “عمليات تكبير رقعة الصراع من صراع فلسطينيين يريدون حقوقهم ودولتهم مع دولة غاصبة ومحتلة اسمها اسرائيل، إلى صراع بين منظومة إسلامية متطرفة، خصوصاً أن الغرب أصبح يعتبر حماس جزءاً من المنظومة، لابعاد القضية عن مسألة حقوق الفلسطينيين لذلك”، مضيفاً: “الأسد ونتنياهو وولي الفقيه في ايران والمالكي في العراق يستفيدون من هذا الواقع ليستمروا في التنكيل بالمواطنين وارهابهم”.
ويصف علوش “داعش” بـ”اكبر انقاذ للانظمة المتطرفة في المنطقة، لأنه جعل الاولية الآن ليس لمحاربة الظلم والانظمة المتطرفة ذات الطابع التسلطي بل هذه المجموعات التي عوّمت هذه الانظمة من جديد”.

 

السابق
صدمة شروف قاطع الرؤوس
التالي
عزة سامي تموت بعد تحريضها على ’غزة’