سجّل وزير الداخلية والبلديّات نهاد المشنوق نقطة إضافيّة إلى سجلّ الخطّة الأمنيّة ومهمّته في حمايتها. فـ«وثائق الاتصال» و«لوائح الإخضاع» كانت موضوعة على طاولة النقاش منذ أعوام وكادت في الآونة الأخيرة أن تطيح الخطّة الأمنيّة في طرابلس، ولكن «معاليه» استطاع شرح الموضوع أمام من يعنيهم الأمر، حتى ألغي القرار بالتوافق داخل مجلس الوزراء بالتعاون مع الرئيسين نبيه بري وتمّام سلام.
لا تعريف قضائياً لـ«وثائق الاتصال» و«لوائح الإخضاع»، إذ إنّها عبارة عن وثائق معلومات متداولة ضمن الأجهزة الأمنيّة من دون قرار قضائي، الأولى صادرة عن مخابرات الجيش والثانية عن الأمن العام.
وهذه الآلية، المعمول بها منذ التسعينيات، هي أمر طبيعي على اعتبار أنها تدخل ضمن عمل الأجهزة الأمنية وتجميع المعلومات عن عدد من الشخصيات، ولكن خطورتها تكمن في النتائج المترتبة عليها وعدم المرور بالقضاء، وتحتاج إلى ضبط في كثير من الأحيان، لأنها قد تكون تعسّفية ومستندة على شبهة غير مؤكّدة أو وشاية مخبر غير موثوق به.. فيما يرى البعض أن خطورة «الوثائق» هي أقل من تلك الناتجة عن «اللوائح».
ويشرح قانونيون موضوع «الوثائق» و«اللوائح» بأن يكون شخص مذكور في إحداها بتهمة إطلاق النار في الهواء ابتهاجاً على سبيل المثال، أو حتى وشاية مخبر بأنه على علاقة بسارقين أو تجّار مخدّرات من دون أن يكون لهذه التهمة أي دليل مادي عليها.
وتوزّع المعلومات المرتبطة بهذا الشخص إلى الدوائر الرسمية والمطار والحواجز على الحدود أو تلك الطيارة والثابتة وقد تسجّل على النشرة الأمنية، وما إن يمرّ على أحد هذه الحواجز حتى يتمّ استدعاؤه إلى أحد المقارّ الأمنية بهدف «الاستماع» من دون العودة إلى القضاء أو أي رقابة أخرى، بالرغم من أن المعلومات المذكورة قد تكون مغلوطة أو قائمة على تشابه في الأسماء.
وبعد الاستماع إلى الشخص (لا مهلة محدّدة للاستماع، فيما يشير البعض إلى أنّه قد يُمارَس على بعض الأشخاص أنواع تعذيب لسحب اعترافاتهم)، يصبح الجهاز الأمني أمام خيارين: إطلاق سراحه أو التأكّد من التهمة المذكورة بحقه، وفي هذه الحالة تتمّ مخابرة النيابة العامّة العسكرية أو الاستئنافية لإجراء المقتضى، أي توقيفه وإحالته إلى القضاء المختصّ.
ويشير المطلّعون على الملف إلى أنّ الأجهزة الأمنيّة هي الوحيدة التي تعرف عدد الأشخاص المذكورين في هذه «الوثائق» و«اللوائح»، في حين يؤكّد البعض أن الأشخاص المذكورين في الأولى يتعدّون الـ11 ألف شخص، وفي الثانية حوالي الـ60 ألف، وفق ما يؤكّده المشنوق.
والأهمّ في ما قام به مجلس الوزراء، أمس الأوّل، هو الإبقاء على معلومات «الوثائق» و«اللوائح» واتخاذ الإجراءات الأمنية الضرورية بحقّ الأسماء التي توجد في حقها مذكرات توقيف أو معلومات مؤكدة حول قيامها سابقاً بالاتصال بالعدو الإسرائيلي او بأعمال إرهابية.
كذلك، لم يتمّ إلغاء العمل بالوثائق الأمنية على أنواعها، بل، بحسب وزير الداخلية، إن «هذه الصلاحية لم تُسلب بل ما زالت موجودة ويجب ان نجد لها صياغة ملطفة وأكثر دقة مع النيابة العامة التمييزية، وأن نمحو ما تراكم في السابق على مدى اعوام طويلة».. ما يعني البحث عن آلية تكون أكثر دقّة وانضباطاً وأقلّ تعسفاً.
ووزير الداخليّة الذي «قطف» إلغاء «الوثائق» واللوائح»، يرفض أن يقال إن «إلغاءها هو هدية إلى منطقة الشمال، بل إن العدد الأكبر من هذه الوثائق الأمنية موزّع بين البقاع والشمال». ويقول لـ«السفير» إنا «أردنا بذلك أن لا تكون هذه الوثائق واللوائح سيفاً مصلتاً على رقاب المواطنين، وشطب ماضٍ متراكم منذ أكثر من 15 عاماً ولا يستند على معلومة صحيحة، ليكون الأمر اليوم أكثر انضباطاً وجديّة وتدقيقاً بالمعلومات».
كما أكّد، في مؤتمر صحافي عقب ترؤسه اجتماع الأمن المركزي في وزارة الداخلية، أمس، «أنّ هذا القرار يعيد الحق الكامل الى السلطة القضائية لممارسة دورها من دون أي نقصان أو تفصيل ملفات على قياس ما، وأهمية القرار ايضا أنه يحرّر القوى العسكرية والأمنية من المشكلات التي يتعرضون اليها، ويوفر لهم مظلة ووقاية من الإساءة والتجريح».
وعن إمكان أن يقيد هذا القرار الأمن العام، قال: «لا أبداً، بل يخلصه من تركة ملوثة وغير نظيفة على فترات طويلة، ولا يقيده، وهو يعرف الإجراءات التي يتخذها وأصبح يستند بها الى معلومات جدية او الى قرار قضائي».
وأوضح أنّ «هذا القرار سيريح عدداً كبيراً من الناس، والنيابة العامة ستتخذ الإجراءات القانونية لتنظيف اللوائح من الأسماء غير الضروري وجودها».
كما أعلن المشنوق «أننا قرّرنا (في مجلس الأمن المركزي) إجراءات أمنية وقائية بسبب عيد الفطر والتجمعات التي تحصل خلاله».