حجزنا الفستان الأبيض، والسيّارات، والزهور، ومكان الحفلة، والمصوّر… كلّ التحضيرات أنجزت، ونحن جاهزان لنقول “نعم”. مهلًا هناك حفلة وداع العزوبيّة، للاستمتاع والاحتفال مع الأصدقاء بحلاوة الحرية والاستقلال بسهرة من العمر قبل الدخول إلى القفص الزوجي.
حفلة وادع العزوبيّة، باتت تقليدًا يرافق مناسبات الزواج في الفترة الأخيرة. مستوردة من الغرب لكنها تلقى رواجًا بين اللبنانيين. تقام للمقبلين على الزواج ليحصلوا على فرصة أخيرة يمارسون فيها نشاطات يحبّونها قد لا ترضي شريكهم المستقبلي، يقضون خلالها الوقت مع رفاقهم، قد تتخلّلها طقوس عادية كالسهر والرقص وصولًا إلى الذهاب إلى نادٍ للتعري وشراء أكسسوارات جنسيّة لزوم الحفلة أو حتى تأجير راقص أو راقصة تعرٍ.
بين الرفض والقبول
تتنوّع وتختلف الآراء حول الموضوع. كارن لا تحبّ الحفلات الصاخبة التي يُركّز فيها على الأكسسوارات الجنسيّة التي تتناقض وعاداتها، بل تفضّل ما هو بسيط، خصوصًا أنّ حفلة وادع العزوبيّة تجمع الأصدقاء للتسلية وتمضية وقت ممتع، وبالتالي من الطبيعي أن تتماشى مع المبادئ التي يعيش عليها الإنسان في حياته اليوميّة.
زياد لا تستهويه هذه الحفلات ولا يشارك فيها، ويؤكّد أنّه لن ينظّم واحدة في حال أقدم على الزواج، وتوافقه رنا الرأي مشيرة إلى أنّها لم تقم حفلة وداع العزوبيّة قبل زواجها، بل فضّلت تناول العشاء مع أصدقائها.
أمّا لارا فتفضّل الحفلات الصاخبة التي تبقى محفورة في ذاكرة المشاركين فيها، خصوصًا أنّ هذه السهرة تتمّ مرّة واحدة في العمر، وتقول إنّها ستقوم بكلّ ما لا يتوقّعه العقل، حتى إنّها قد تجلب راقص تعرٍ وتوزّع الأكسسوارات الجنسيّة على الموجودين، وتشارك في ألعاب مسلية تتخلّل الحفلة.
تراجع الإقبال
في هذا السياق، يقول منظّم الحفلات والأعراس، رينيه نعمة، لـ”النهار” أنّ هذه الحفلة بمثابة إعلان وتصريح أخير عن انتهاء حياة العزوبيّة، يحتفل خلالها الرجال والنساء على حدة، كانت تنظّم بطرق مبالغ بها عندما بدأت تنتشر منذ سبع سنين، أمّا اليوم فقد أصبحت أقلّ بساطة.
ويشير نعمة إلى أنّ موضوع حفلة وداع العزوبيّة بات يتماشى مع موضوع العرس، يحضّرها الأصدقاء المقرّبون، وهي غالبًا ما تتمّ على شاطئ البحر بهدف التسلية وقضاء وقت مميّز وممتع. ويضيف: “اليوم، يطلب العرسان التواجد معًا في المكان نفسه والاحتفال مع الأصدقاء، وفي نهاية السهرة يقدّمان لهم هدية تذكاريّة متعلّقة بالعرس والسهرة، مثل قميص عليها صورتهما أو ربطة عنق أو قبعة أو غيرها من الأفكار”.
ويرجع نعمة سبب تراجع الإقبال على تنظيم الحفلات الصاخبة واللجوء إلى ما هو أكثر بساطة، إلى أنّ الناس يرون راقصي التعري والصخب في كثير من السهرات والملاهي الليليّة، وبالتالي لم تعد هذه الأمور نادرة بل من صلب الحياة اليوميّة، لذلك يفضّلون الابتعاد عنها في مناسبة مميّزة كحفلة وداع العزوبيّة، وباتوا يميليون إلى تنظيم حفلات خاصّة.
في المقابل، بعضهم لا يقيم حفلات مماثلة بل يفضل الخروج لممارسة نشاطات ترفيهيّة مع الأصدقاء على مدار يوم كامل، أو التخييم لمدّة أيّام مع الأصدقاء وتصوير هذه الللحظات وعرضها يوم العرس، خصوصًا أنّ كثيراً من الشباب اللبناني وتحديداً أهالي المدينة لم يعيشوا في الطبيعة لذلك يحبّون القيام بأمور مميّزة قبل الزواج. ويقول نعمة: “هذه النشاطات هي أقرب إلى عاداتنا وتقاليدنا، بدل أن نمسك بتقاليد الغرب، علمًا أنّ التكلفة هي نفسها”.
كسر المحرّمات
من جهة أخرى، تقول الدكتورة في علم الاجتماع، مي مارون، في حديث لـ”النهار” إنّ الاحتفال بالعروس قبل يوم الزفاف تقليد قديم في المجتمع اللبناني. كانت قريبات العروس وصديقاتها وأهل العريس يأتين إلى منزلها الزوجي لرؤية ما يعرف بـ”الجهاز” الذي تستعرض فيه ملابسها الداخليّة وملابس النوم الخاصّة بها وبالعريس، وتتخلّل العرض مواقف طريفة ولكن بأسلوب خجول. في المقابل، يحتفل أصدقاء العريس به يوم الزفاف، فيساعدونه في حلاقة ذقنه وارتداء ملابسه.
وتضيف مارون : “لكن نظرًا الى دخولنا في عصر العولمة، لحقنا الغرب وقلّدناه في كثير من الأمور، مثل الماكياج والوشم والهالووين، وحفلات وداع العزوبيّة بمفهومها الغربي كانت من ضمنها، فنحن مجتمع منفتح على كلّ الثقافات.
وعن استعمال الأكسسوارات الجنسيّة واستئجار راقصي تعرٍ وغيرها من الأمور المبالغ بها، تقول مارون: “كلّ فتاة تحتفل بوادع العزوبيّة بطريقة تناسبها، هناك حفلات عادية لا يتخلّلها طقوس غريبة أو مبالغ بها، مثل أنّ تذهب الفتاة برفقة صديقاتها للسهر أو لعب البولينغ أو غيرها… في حين تفضّل أخريات اللجوء إلى استعمال هذه الأكسسوارات في سهراتهن بهدف كسر المحرّمات، فيما يرتدي الشباب ملابس غريبة ويحملون أكسسوارت الأعضاء التناسليّة. من المعروف أنّ الجنس من المواضيع المحرّمة في المجتمع الشرقي مثل السياسة والدين، وهم يحاولون كسرها”.
ولان الزواج هو حلم الفتاة الشرقيّة، بخلاف الشاب الذي يخاف الارتباط، يبدو الاحتفال بوداع العزوبيّة متناقضًا مع ما تفكّر فيه، تردّ مارون : “الفتاة الشرقيّة تحلم بالزواج وارتداء الفستان الأبيض منذ صغرها، وكلّما اقتربت من الثلاثين من عمرها تشعر بصعوبة معتقدة أنّها بلغت سن العنوسة. والاحتفال بوداع العزوبيّة هو تقليد غربي، نقلناه كما هو من دون فرز، فالفتاة الغربيّة كما الشاب تخاف من الزواج والارتباط وتحمّل المسؤوليّة، لذلك نجدهم يتمسكون باستقلاليتهم ويفضّلون الزواج المدني أو المساكنة، لذلك من الطبيعي أن يحتفل بوداع العزوبيّة ويتحسرا عليها”.