لا يكلُّ السجناء من تكرار المحاولات، ولا يتوقفون رغم الفشل الذريع الذي بات يلازم محاولاتهم إدخال ممنوعات للاتجار بها داخل السجون، وخاصة المواد والحبوب المخدرة التي تدر عليهم أرباحاً طائلة داخل تلك الغرف المغلقة على كل انواع المحن والمآسي والامراض النفسية والقهر والعذابات النفسية والتي تجد بلا شك في مواد يمكن ان تخرج النزلاء من ذلك الواقع المظلم، ملجأً ومهرباً حتى ولو كان مكلفاً. على ضفاف تلك التجارة الرائجة داخل السجن، حكايا وحكايا غريبة عن “عبقريات” لبعض السجناء تتفق يومياً في خلق ابتكارات لتهريب الممنوعات على انواعها، الى داخل الزنزانات، وإن بقيَت المخدرات من حشيشة الكيف وانواع البودرة، وصولاً الى ما يعرف بحبوب الهلوسة المخدرة، تتعلق بطرق إدخالها الى السجن لبيعها للميسورين من السجناء لاحقاً.
ورغم ان الإجراءات الامنية التي اتخذت في بعض السجون ولا سيما في السجون المناطقية، أدت وتؤدي الى اكتشاف كميّات لا بأس بها من محاولات تهريب تلك الممنوعات الى داخل السجون، واحباطها، الا ان محاولات البعض منهم في هذا الاطار لا تتوقف ابدا وبالتالي فان “الابتكارات” تبقى قائمة على قدم وساق، نعدد بعضاً من العمليات التي احبطت بعد رفع مستوى التشدد الامني في تفتيش الاغراض الواردة السجناء خلال الشهرين الاخيرين، كان آخرها اليوم حيث أعلنت شعبة العلاقات العامة في قوى الامن الداخلي في بيان ان عناصر درك سجن عاليه ضبطوا كمية من حشيشة الكيف داخل 21 حبة من حبات الفستق الحلبي موّضبة ضمن كيلوغرام من المكسرات، بعد أن تم حشوُها بالحشيشة ووضِع لاصق (ألتيكو) عليها وجرى تمويهها بالملح، كان المدعو ع. إ. (22 عاماً)، ينوي إدخالها الى السجين ح. ح. ضمن أغراض أخرى. حشيشة الكيف قبل ذلك بنحو اسبوع يوم 8 تموز الجاري وخلال تفتيش أغراض مرسلة لسجناء في سجن زحلة من ذويهم، ضبط عناصر درك السجن كمية من حشيشة الكيف على شكل حُبيبات دائرية صغيرة 116 حبة مخبأة داخل قطع “صفيحة بعلبكية” وموضبة ضمن “كرتونة” تحتوي على ثلاثة كيلوغرامات من الصفيحة، أحضرها ج. ك. (28 عاماً) لأحد السجناء. “درزة البنطلون” في اليوم نفسه، تمكن عناصر درك سجن القبة في طرابلس من ضبط 13 غرام من حشيشة الكيف المخدرة داخل درزة بنطلون (تنية)، كان المدعو خ. ع. (24 عاما)، ينوي إدخالها الى أحد السجناء ضمن أغراض أخرى.
“شحاطة” وكوكتيل مخدرات وقبل نحو ثلاثة اسابيع في يوم 24 حزيران الماضي، ضبط عناصر درك سجن القبة – طرابلس حذاء “شحاطة” يحتوي على كوكتيل من المخدرات وهي كمية 1.7 غرام من بودرة الكوكايين و 1.5 غرام الهيرويين و8.5 غرام من حشيشة الكيف و65 حبة “بنزكسول” و 60 حبة “كبتاغون”، كان المدعو ع. ق.(27 عاما)، ينوي إدخالها الى أحد السجناء ضمن أغراض أخرى. إكتشاف هذا “الحذاء – المستودع” أتى بعيد يومين على قيام عناصر درك السجن نفسه بتوقيف أ. خ. (19 عاما) خلال محاولته إدخال ثلاثة اجهزة خليوية وسكينين (سبع طقات) مخبأين داخل قالب خشبي بطريقة مموهة كان سيستخدم في مشغل السجن من قبل أحد السجناء ، حيث تم ضبطها أثناء التفتيش. قبل ذلك بيومين ايضا في 19 حزيران الماضي تحديدا، قام عناصر درك سجن القبة بحملة تفتيش لغرف السجن وضبطت جهازاً خلوياً مخبأ داخل “طنجرة” تحتوي على الطعام عائدة للسجين ع. ب. و40 حبة “بنزكسول” داخل وعاء فيه “لبن” عائد للسجين ر. ص.، بالإضافة إلى ضبطها 30 من الحبوب المخدرة تمت خياطتها داخل قميص (تي شيرت) خاصة السجين ي. ج. حشيشة” بالمشمش وكذلك يوم 10 حزيران، ضبط عناصر درك سجن زحلة نحو 3 كيلوغرام من فاكهة المشمش في داخل كل حبة منها كمية من حشيشة الكيْف على شكل بذرة مشمش اثناء محاولة المدعو ي.ص (25 عاما ، ادخالها الى احد السجناء ضمن اغراض اخرى. عتاة السجناء أسباب الاكتشافات الامنية المتلاحقة يردها مصدر أمني في حديث لـ”النهار” الى جملة إعتبارات أبرزها انه في الآونة الاخيرة تم توزيع بعض كبار المحكومين “عتاة السجناء” على بعض سجون المناطق في إطار عملية الترميم التي يخضع لها المبنى “د” في سجن رومية، وبالتالي تم طلب التشدد في عمليات التفتيش وتفتيح العيون أكثر في سجون المناطق على غرار سجن رومية.
تشديد التفتيش وفي حين لم يغفل المصدر، العامل الامني لا سيّما في ضوء التطورات التي حصلت في الآونة الاخيرة والتي جعلت القادة الامنيين يطلبون من حراس السجون التشدد في إجراءات التفتيش عند ابواب السجون لتجنيبها اي من السيناريوهات التي يتم التداول بشأنها أخيرا. فقد قال أحد السجناء لـ”النهار” ما معناه ان محاولات تهريب المواد المخدرة الى السجون يتم تمريرها في غالب الاحيان بحجة ان الممنوعات الاخرى ما تزال تدخل الى السجون بشكل يكاد يعتبر طبيعيا نتيجة لاعتبارات متعددة ليس اقلها العوامل المادية وغيرها، كأجهزة الكومبيوتر والهواتف الخلوية واكسسواراتها وشرائحها الممغنطة، وغير ذلك من السكاكين وخلافه من لائحة لا تنحصر في هذا الاطار، وقد تصل الى ممنوعات خطرة في بعض الحالات المحدودة كمواد يمكن ان تستخدم في تصنيع المتفجرات وما شابه ذلك.
من هنا، ينطلق السجين الى القول ان تهريب المواد المخدرة الى السجون او محاولات ذلك ينظر اليه كل من السجناء وسجانيهم، على انه عملية بسيطة في مقابل ما يتم تهريبه الى المباني التي تحوي سجناء من ذوي الخصوصية الامنية، والذين باتوا يعدون ويخرجون افلاما مصورة لتهديد بعض الشخصيات، ويوزعونها عبر الشبكة الالكترونية على المواقع، كما يتواصلون من خلالها مع أعداد لا بأس بها من التنظيمات الارهابية على عيون الحراس.