لماذا لا مساعدات رمضانية هذه السنة في الضاحية؟

أطلقت العائلات الفقيرة صرختها مع بداية شهر رمضان الذي يتميز عادة بتقديم المساعدات والمعونات. الا أن هذه السنة الامور اختلفت وتقلصت المساعدات المادية والعينية بشكل ملحوظ في ضاحية بيروت الجنوبية. لماذا؟ وما هو السبب؟

أطلقت العائلات الفقيرة صرختها مع بداية شهر رمضان الذي يتميز عادة بتقديم المساعدات والمعونات. الا أن هذه السنة الامور اختلفت وتقلصت المساعدات المادية والعينية بشكل ملحوظ في ضاحية بيروت الجنوبية. أحد مسؤولي الجمعيات الخيرية، وهو موظّف إداري رفض نشر اسمه، يقول عن سبب الشح الطارئ في بعض الجمعيات أنّه “الى اليوم ورغم مرور الاسبوع الاول من شهر رمضان لم نوزع ايّ حصة غذائية على ايّ عائلة. لماذا؟ نسأله. فيجيب: “على غير العادة كلما نتصل بالتجار للمساهمة يقولون انه لا يمكنهم المساهمة حاليا”.

 

 

في فان ينقل الركاب من حيّ السلم الى جسر المطار كانت سيدتان في نهاية الخمسينات من العمر تتحدثان معا عن المساعدات في شهر رمضان وكانت كل واحدة تسأل الاخرى كم تحّصل من مكتب فلان؟ ومن يدفع اكثر؟ ومن يقدّم الهبات والحسنات؟ وما ان وصلتا الى مدخل حارة حريك حتى دفعت الاولى الثانية وبقوة: “انزلي هياهن هون.. الظاهر عم يدفعلهم الشيخ، ستخسرين 5 آلاف ليرة ان لم تنزلي..”.

صباح كل يوم جمعة تدور الأرامل والمعوزات وأمهات الايتام على المساجد لجمع ما تيّسر من صدقات يدفعها هذا المكتب أو ذاك الشيخ. لكن هذا العام بالنسبة لـ”أم علي” ورغم مجيء شهر رمضان، الشهر الذي تكثر فيه الصدقات، لم تجد ما تطعم به صغيرتها التي تركها أبوها يتيمة لدى أمّها. ورغم ان أم علي لا زالت صبية الا انها لم تتزوج ورفضت ان ترسل بناتها الثلاث الى دار الايتام، بل فضّلت ان تربيهن بنفسها. لكن، بحسب قولها: “لم نعد نتلّقى أية مساعدة مهمة”. فالابنة الكبرى تزوجت بعد ان اكملت الصفّ الثالث في المهنية لأنّ إحدى الجمعيات التي كانت تكفلها أوقفت التكفل بحجة أن عمرها تجاوز الـ18. والثانية ايضا اقدمت على الزواج لأنّ وادلتها عاجزة عن إعالتها، فبقيت الصغيرة التي تخلت عنها الجمعية أيضا، واكتفت بإعطائها مصروفا شهريا لا تتعدّى قيمته 100 الف ليرة. فهل تكفيها هذه المقطوعة المالية؟ وكيف؟

تضيف أم علي أن الجمعية كانت ترسل حصصا غذائية شبه يومية للايتام وبعض الهدايا إضافة الى نزهات تخفّف الاعباء عن الام التي تتكل على اهلها، خصوصا أخواتها، في تأمين الثياب لطفلتها. وتسأل: لماذا هذا الشح الذي يضرب الجمعية؟ لم نتعود على ذلك سابقا.

أحد مسؤولي الجمعيات الخيرية، وهو موظّف إداري رفض نشر اسمه، يقول عن سبب الشح الطارئ في بعض الجمعيات أنّه “الى اليوم ورغم مرور الاسبوع الاول من شهر رمضان لم نوزع ايّ حصة غذائية على ايّ عائلة. لماذا؟ نسأله. فيجيب: “على غير العادة كلما نتصل بالتجار للمساهمة يقولون انه لا يمكنهم المساهمة حاليا”.

الشح إذا يضرب الجمعيات لان المساهمين قليلون. والسبب غير معلوم بالتحديد. ومع هذا لا تزال بعض الجمعيات مستمرة في تقديماتها العينية في الاغذية لاعداد محدودة في محيط ضيق كما تفعل (م. ش) التي توزع بعض الحصص التموينية على الفقراء دون اي سؤال او احراج او إلزام بأية اوراق رسمية كالتي تطلبها كما بعض المؤسسات. كذلك هو حال بعض الاغنياء المشهورين في الجنوب وهم من اصحاب الاموال والاعمال ممن باتوا مقصدا للناس في القرى غالبا حيث تستمر العطاءات شهريا.

والسؤال: ما دام العطاء مستمرا فلماذا قلصت بعض الجمعيات من تقديماتها؟ وهل السبب هو تمنّع المستطيعين من التبرع لهذه الجمعيات؟ وما هو السبب؟

يؤكد مدير مكتب الخدمات الاجتماعية في مؤسسة السيد محمد حسين فضل الله، علي ياسين، أن “لا علاقة للوضع الامني بحجم الصدقات لأنّ الصدقات سنة قرآنية ونبوية، والانسان لا يتخلى عنها. و(القجة) موجودة بكثرة في المحال والمؤسسات وعلى الطرقات وفي البيوت وبالآلاف، رغم انها غير كافية”.

وعن مدى صحة الحديث عن التقليل من المساعدات الغذائية المخصّصة للعوائل المحتاجة، يقول ياسين: “لا، الامر غير صحيح لاننا مؤسسة ولدينا لجان تحقيق واستمارات وطلبات. فتحت اطار المكتب يتم مساعدة 6000 عائلة شهريا ما بين مساعدة اجتماعية، وصحية، وغذائية، وندفع لكل عائلة 50 الف ليرة اي ما يوازي 30 مليون ليرة”.

لكن هناك امتعاض وتذمر من العوائل الفقيرة من قلة المساعدات؟ يرفض الحاج علي ياسين هذه المقولة بالقول إنّ “المساعدات لازالت هي هي، ولكن نتيجة الاوضاع الامنية خفت المساعدات في عدد من الجمعيات الصغيرة لكننا مؤسسة كبيرة ولها نظامها الثابت”.

السابق
أهم الاختراعات التي قامت بها المرأة
التالي
’داعش’ بين سخافتين