إيران ضحية استثمارها الدموي بـ: داعش!

داعش
ما حدث قبل أيام في العراق هو استكمال لحلقة الاستثمار الدموي المتبادل بين ايران و"داعش". فإيران وفّرت الدعم اللوجستي عبر أراضيها والأراضي العراقية لتنظيم "داعش" كي تحارب بواسطته فصائل المعارضة السورية. غير أنّه، بعد هجوم "داعش" على الموصل، اكتشفت إيران أنها كانت تُستخدم من قبل "داعش" أيضا لتمرير مشروعها الخاصّ، الذي يختصره اسمها: "دولة الاسلام في العراق وبلاد الشام". فكيف لم تَرَهُ إيران؟!

عندما وصلت ثورات الربيع العربي الى سوريا اجتهد النظام السوري ومن خلفه إيران وحزب الله في تحويل هذه الثورة الوطنية الى حرب وفتنة مذهبية سنية شيعية، وكان لهم ما أرادوا. ساعدهم على ذلك السعودية التي سلّحت السلفيين الجهاديين في الثورة فاستقووا على الوطنيين وضيّقوا عليهم، لإضعاف “الجيش السوري الحر” المكوّن من فصائل وطنية واسلامية معتدلة، وكان لهم ما أرادوا. فقويت شوكة “جبهة النصرة” القاعدية الفكر. ومن ثم “اشتدّ عود داعش” التي اعترف أحد أمرائها أنّ مقاتليها يتسلّلون إلى العراق وسوريا عبر إيران مع سلاحهم وعتادهم، ويتسللون كذلك الى سوريا عبر الحدود العراقية المفتوحة التي اخلاها الجيش العراقي لسبب مجهول معلوم يقضي بتسهيل مرور عناصر القاعدة وداعش لغاية اصبحت معروفة، وقد شرحها احد الضباط السوريين في احدى صحف بلاده.

فقد وصف ‘العقيد محمد بركات’ في مقاله حمل عنوان “عدو عدوك صديقك”، وصف التشكيك بالقيادة السورية وقيادة الجيش واتهامهما بالضعف والتخبط بأنّه جهل وغباء، مؤكداً أنّ مقرّات “داعش” وإحداثياتها “معلومة لدى الجيش السوري وسلاح الطيران، وأرتالهم مكشوفة، بل إنّ أرتالهم قد تمرّ قرب قواعدنا لكن كما يقول المثل: إذا رأيت عدوّك يدمر نفسه فلا تقاطعه.”

وختم العقيد بركات قائلا: “إن قيادة الجيش السوري تملي عليها حكمتها التغاضي موقتاً عن “داعش” بل وربما تقويتها إن تطلب الأمر ما دامت تحقّق لنا فوائد عظيمة، وهذا يدركه من يعرف ألف باء في السياسة والدهاء، والعقول القاصرة لا تستطيع قراءة الأحداث وتوظيفها بشكل صحيح ولا ترى أبعد من أنفها”!

إذن فداعش مرحّبٌ بها في سوريا لمقاتلة باقي فصائل المعارضة وإضعافها، ولقد فات الأخوة الايرانيين والسوريين ان الحركات الاسلامية الجهادية لديها مشاريعها الخاصة أيضا، فإذا كان دهاة السياسة في طهران ودمشق قد نجحوا في تمرير جزء من مشروعهم التكتيكي العسكري عبر “داعش” في سوريا، التي قتلت الآلاف من قوات المعارضة السورية واحتلت أجزاءً من مناطقهم وشتّت جهودهم الحربية، فإنّ مشروع هذا التنظيم الأكبر، وهو قيام الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام، ما زال هو طموحها وهدفها النهائي.

فبشكل مفاجىء، قبل أيام، ومن أجل تحقيق هدفها هذا، إنقضّ آلاف من قوات “داعش” على الشمال العراقي وغزوا الموصل واحتلوها. وبعدما دانت لهم محافظتي نينوى والانبار، كرّوا الى محافظتي صلاح الدين وديالى وبدأوا بقضمها، مهدّدين الحكومة المركزية في بغداد. وقد عدّ المراقبون هذا الامر أوّل ضربة عنيفة يتلقاها “المحور الشيعي”، بعدما نٌقلت المعركة الى قلبه، في العراق، مهدّدة بقطع خطوطه البرية بين ايران وسوريا، بل ومحاصرة سوريا في مرحلة لاحقة.

إنّه الاستثمار الدموي المتبادل الذي مارسته الولايات المتحدة قديما حين تعاونت مع “القاعدة” ضد الاتحاد السوفياتي في افغانستان، ثم انقلبت “القاعدة” لاحقا على الأميركيين، وباتت ألدّ أعدائها، لتضربها في موقع 11 أيلول في عقر دارها ببرجي التجارة في نيويورك العام 2011.

واليوم فإنّ الذين يقاتلون ضدّ نظام الاسد في سوريا هم من كان يرسلهم إلى العراق لتفجير أنفسهم بالقوات الاميركية وبالعراقيين الأبرياء تحت شعار مقاومة الغزو الأجنبي. وما يحدث هذه الأيام في العراق هو استكمال لحلقة من حلقات هذا المسلسل البائس رغم انكشاف الادوار الحقيقية لأبطاله.

فالعراق يدفع اليوم ثمن سياسة ايران التي كانت تطمح لتسيير تلك الجماعات الإرهابية في مشروعها، كما تتوافق مصلحتها السياسية، قبل أن ينقلب السحر على الساحر وتكتشف أنها كانت تُستخدم من قبل “داعش” أيضا لتمرير مشروعها الخاص. هو مشروع يختصره اسم هذا التنظيم الارهابي: “دولة الاسلام في العراق وبلاد الشام”.

فهل بدأ انكسار مشروع ايران الشيعي على مذبح سياستها في استثمار الإرهاب الاسلامي السني بين لبنان والعراق وسوريا؟

السابق
اسرائيل تهدي الجنوبيين متابعة المونديال
التالي
الخطيئة.. والسكوت عن تداعياتها