أسود إيران في سوريا ولبنان

الانتخابات السورية في لبنان

قبل أيام من مهزلة الانتخابات الرئاسية الأسدية وعراضتها في بعبدا، وفي الأيام التالية لتلك المهزلة، تعرّض السوريون اللاجئون في لبنان، والمقيمون والمشردون داخل سوريا، الى حملات إذلال وترويع مستمرة. فالنظام الأسدي في سوريا وأعوانه في لبنان، أشاعوا بين السوريين أن كل من لا يشارك في الانتخابات المزعومة، يفقد بطاقة الهوية التي يحملها. دليل النظام الأسدي وأعوانه وأتباعه الى غير المشاركين في العراضات الانتخابية، هو خلوّ بطاقات هويتهم من ثقب يؤكد حضورهم الى مراكز الاقتراع. هكذا تصبح كل بطاقة هوية سورية غير مثقوبة، ملغاة وغير صالحة للاستعمال في سوريا وخارجها، ولن يتمكن حاملها من إجراء أيّ معاملة إدارية في سوريا وسفاراتها في الخارج؛ كأن يحصل، مثلاً، على جواز سفر، أو يتمكن من تجديده في حال انتهاء مدة صلاحيته.

هذا ما روته عاملة في منظمة دولية ناشطة في البقاع في مجال مساعدة اللاجئين السوريين وحمايتهم في مخيمات اللجوء، حيث أثمرت حملات الترهيب في أوساط اللاجئين المقيمين في مخيمات البقاع. فصبيحة عراضة الذل والترويع والاستقواء الأسدية في بعبدا، ركب مئات من لاجئي مخيمات عرسال في بوسطات توجهت بهم الى السفارة الأسدية في بيروت، لثقب بطاقات هويتهم. في النهار التالي للعراضة أمام السفارة، عاش البقاع حالاً من الفوضى والهيجان في بلدات اللجوء السوري، وحول مخيمات اللاجئين. روت العاملة نفسها في المنظمة الدولية أن لبنانيين مناهضين للأسد و”حزب الله” ومناصرين للثورة السورية، اعتدوا على لاجئين سوريين شاركوا في عراضة الذل والترويع، كما هاجم بعض الغاضبين اللبنانيين مخيمات اللاجئين وأحرقوا خيماً على أطرافها. وتضاعف دبيب الرعب في تجمعات اللاجئين غداة بيان وزارة الداخلية اللبنانية عن عزمها على إسقاط صفة لاجئ عن كل سوري في لبنان يدخل الأراضي السورية، مما يحرم هؤلاء اللاجئين من الافادة من تقديمات المنظمات الدولية العاملة في لبنان. غير أن هذه المنظمات تداعت الى عقد اجتماعات لبحث الأمر المستجد، وهي تميل الى عدم الاخذ بقرار وزارة الداخلية.

من فنون النظام الأسدي ما بعد مهزلة انتخاباته، إصداره تعميماً على أجهزة أمنه ومخابراته الحدودية، بمنع كل سوري غادر بلده بسيارته الخاصة، من العودة اليه من دون سيارته، إلاّ إذا دفع غرامة خيالية تساوي ثمن السيارة. ومن فنون الحرب النفسية التي يتبعها نظام الأسد ضد السوريين اللاجئين الى دول الجوار والمشردين في ديارهم، عزمه على مصادرة البيوت المهجورة من سكانها، لإسكان الموالين للنظام فيها، وتمليكهم إياها.

ما يقوم به النظام الأسدي ومناصروه ومشاركوه في حروبه منذ ثورة السوريين عليه، يكشف عن وجه هذا النظام وأعوانه: إستعمار البلاد بعد تدميرها، والشعوب بعد تشتيتها وتشريدها، استعماراً استيطانياً، تحت شعار “المقاومة” و”الممانعة”. أما من يدّعي النظام الأسدي وأعوانه أنهم يقاومونه ويمانعونه، فيقف موقفاً سينيكياً (كلبياً) متفرجاً على المأساة السورية والمشرقية المدمرة.

هكذا تتحقق ردّة زجلية ردّدها أحدهم إبان الإحتلال السوري الأسدي للبنان: “أسد والناس تحتك عدد”. ربما علينا أن نضيف اليوم: أسود إيران في سوريا ولبنان، والناس تحتكم بلا عدد في متاهة القتل والتشريد والاستعمار الاستيطاني.

السابق
ما الطريق إلى الجنة؟
التالي
أمسية موسيقية في عيناثا