يبدو أن جرائم القتل التي تحدث تغذي الخيال المريض لمرتكبي العنف ضد النساء. قالت تمارة لـ«السفير» إن زوجها ح.ح.ف (33 عاماً)، حاول «قلع» عينيها وأسنانها بعدما ربط قدميها الواحدة إلى الأخرى. وعندما لم يفلح رشّها بقارورة «السبيرتو»، ووضع منه على وجهها وفي فمها، وأضرم النار بها «لكن الله رحمني وما ولعت»، كما أكدت. ضربها بـ«الحزام وبيديه» وركلها بـ«رجليه في أكثر من مكان» على رأسها وجسدها. اتصل بشقيقتها وقال لها: «قلّعت عيون أختك وأسنانها». بعدما عنّفها قال لها: «رايح وراجع أقبرك هون». داس بقدمه على رقبتها ورأسها وتوعدها بمزيد وغادر.
كانت تمارة، نتيجة العنف الذي يمارسه عليها زوجها منذ عام ونصف عام، محتاطة للأمر. تحتفظ ابنة الـ21 عاماً بمفتاح إضافي للبيت. ما إن غادر ح.ح.ف حتى وضبت أغراض طفلتها (ستة أشهر) وحملتها بمعاونة صديقة لها، ولجأت إلى مخفر الأوزاعي حيث تسكن، بعدما اتصلت بشقيقتها.
في المخفر قال الطبيب الشرعي إنها تحتاج إلى مستشفى. وهذا ما كان. ظلت تمارة أكثر من 48 ساعة في العناية الفائقة. يقول تقرير الطبيب الشرعي الذي حصلت «السفير» على مضمونه الآتي: «هناك رضوض على العينين مع تورم وازرقاق، ورضة على الفم مع تورم في الشفتين، ورضوض عديدة على فروة الرأس، ورضة على الزند الأيمن مع ازرقاق، ورضة قوية على الخاصرة اليسرى يلزمها صورة سكانر، ورضة على الأنف مع أثر نزف يلزمها أيضاً صورة أشعة، بالإضافة إلى رضوض على الركبتين وأسفل الفخدين مع ازرقاق». وخلص إلى طلب 14 يوم تعطيل لتمارة. لاحقاً اثبتت الصور حصول النزف وكسر في الأنف ورضة قوية فوق الكلية.
بعد علمه بالشكوى التي قدمتها تمارة بحقه، حضر الزوج إلى مخفر الأوزاعي معترفاً بضربه زوجته، متذرعاً بأسباب تقول تمارة إنه «يختلقها ويفتري بها» عليها منذ اليوم الأول لزواجهما. في إحدى جولات العنف التي مارسها عليها رماها بماء «الجافيل» وأحرق وجهها وشعرها، كما قالت لـ«السفير» أمس وهي تخرج من مستشفى الزهراء. كان يهددها بالقتل كلما طلبت الطلاق.
في المخفر، أعطت النائبة العامة في جبل لبنان القاضية غادة بوعلوان إشارة بتوقيف الزوج المعتدي. اليوم سترفع عائلة تمارة، مدعومة قانونياً من «منظمة كفى» دعوى أمام القضاء المستعجل للحصول على قرار بالحماية. وأمس، حاول بعض رجال الدين ثني العائلة عن الاستمرار بالدعوى. تم طرح الطلاق كمخرج للمصالحة، بينما لمح رجل الدين بما يخيف تمارة بالقول: «يمكن ينسجن ويعاني ويطلع يعمل لها شي»، يعني «يمكن يقتلها». وهنا يطرح سؤال عن دور بعض رجال الدين في التشجيع على العنف، ومن يمكن أن يمنعهم من ذلك.
لكن عائلة تمارة، وفق ما أكدت شقيقتها لـ«السفير»، ماضية في الدعوى حتى النهاية، للحصول على حكم بالطلاق وبقرار يحميها وطفلتها بشكل نهائي، وطبعاً لإنزال العقاب الذي ينص عليه القانون بحق الزوج.
تقول مسؤولة الوحدة القانونية في «كفى» ليلى عواضة إن القضاء متعاون وفقاً للقانون، وهم يتعاطون بمهنية عالية مع ما يحصل. وأشارت عواضة إلى أن العائلة أبلغتهم أنها لن تتنازل عن الدعوى، «مع ذلك، ووفقاً لتقرير الطبيب الشرعي الذي قال ان تمارة تحتاج إلى التعطيل مدة 14 يوماً، لدينا الحق العام الذي لا يمكن إسقاطه».
اليوم يبت القضاء المستعجل في العنف الذي مورس على تمارة، اليوم تنتظر الشابة التي عانت من العنف على مدار عام ونصف عام، والتي كادت تقتل وتحرق وتخسر عينيها وأسنانها وعمرها كله، الإنصاف والعدالة.
سعدى علوه
نجاة امرأة من القتل..’الزوجي’
نجت تمارة حريصي، أمس الأول، من محاولة قتل نتيجة العنف الزوجي، على غرار الجريمة التي ذهبت ضحيتها منال العاصي.