دعا الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية، وزير خارجية إيران جواد ظريف إلى زيارة الرياض. كانت هذه أخبارا جيدة جدا للجميع، فيما عدا إسرائيل!
أعتقد أن هناك ستة موضوعات مهمة يحتاج وزيرا الخارجية إلى مناقشتها. ويمكننا أن نحدد تلك القضايا وفقا للتصنيف التالي:
1. سوريا 2. العراق 3. لبنان 4. البحرين 5. فلسطين 6. اليمن.
وأريد هنا أن أشير إلى نقطتين مهمتين، أولا: أوافق تماما على أن السعودية وإيران تمتلكان الطاقة والإمكانيات والشرعية والنفوذ العميق لحل سلسلة الأزمات الموجودة في المنطقة، أو في العالم الإسلامي عامة.
ثانيا: يقال إن السياسة هي العلم، أو قل هي فن الاحتمالات وليست الأحلام والأمنيات البعيدة. في السياسة يجب أن نضع في اعتبارنا الأمر الواقع. بمعنى، كما في الفلسفة الهندوسية، يجب أن نستخدم ثلاث أعين! فننظر بعين واحدة إلى الأفق البعيد، أو أمنياتنا أو أحلامنا. وننظر بالثانية إلى أرض الواقع، ويمكننا بالعين الثالثة أن نجمع بين رؤية الاثنتين، وأن نبحث عن استراتيجية لتحقيق هدفنا والوصول إلى وجهتنا.
ألف ريتشارد رورتي كتابا شهيرا تحت عنوان «الفلسفة والأمل الاجتماعي»؛ في الفصل 14 تحدث عن تلك القضية؛ العلاقة بين الأمل والواقع. وفيه أعرب عن اعتقاده بأننا بحاجة إلى إحساس قوي لرؤية الواقع من وجهة نظر مقابلة، وبذلك يجب علينا أن ننتقد ذاتنا. فنحن في حاجة إلى النظر إلى رغباتنا وأحلامنا وأمانينا من منظور مقابل. نحتاج إلى وضع أنفسنا مكان الآخرين. يقول نبينا محمد: «من لم يحاسب نفسه في كل يوم ليس مني».
في حقيقة الأمر، نحن في حاجة إلى تعديل برامجنا السياسية والاجتماعية على الأقل مرة في العام!
ولأقدم لكم مثالا واضحا؛ سوريا. بناء على مقالات نشرت في «الشرق الأوسط»، ظن الكثير من الكتاب – يتبنون وجهات نظر مختلفة – أن حكومة سوريا لن تتمكن من إدارة الأزمة وأنها سوف تنهار قريبا. والآن وبعد ثلاثة أعوام، ما زالت الحكومة قوية، والجيش في وضع أفضل، وعلى النقيض، تقتل الجماعات الجهادية مثل «داعش» و«النصرة» من جانب والجيش السوري الحر من جانب آخر، بعضهم الآخر، ولم يعد أمامهم سبيل سوى الانسحاب من جبهاتهم في حمص ومدن أخرى. يوضح هذا المثال أنها استراتيجية غير معقولة أن نغلق أعيننا وننسى الموجود على أرض الواقع.
ويجب ألا ننسى ما قاله المتنبي: «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن».
وفي حالة الثورة الإيرانية، يوضح تحليل لأسلوب قيادة آية الله الخميني وجود أربع صور مختلفة من الخميني على مدار الأعوام! في كل عقد، وفقا للموقف والواقع، غير آية الله الخميني أفكاره ومبادئه، بل وحتى نظرياته. لهذا السبب شهدنا ظهور نظرية ولاية الفقيه في فكر الخميني. على سبيل المثال، عندما كان في باريس، لم يقل كلمة واحدة عن الولي الفقيه، وكان في الحقيقة يركز على الديمقراطية والحرية. ولم تذكر المسودة الأولى للقانون الدستوري شيئا عن «ولاية الفقيه». حدث ذلك في مجلس الخبراء، عندما أضافوا مادة واحدة إلى القانون الدستوري، ونتيجة لذلك تغير روح وبناء القانون الدستوري.
أعتقد أن السعودية وإيران تستطيعان إيجاد استراتيجية إيجابية في المنطقة من أجل الجميع تحقق الفوز للطرفين. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهما القيام بدور عالمي أكبر، إذا ركزتا على استراتيجية مشتركة في المنطقة.
وكما كتبت مرارا فيما يزيد على 30 مقالا عن سوريا في «الشرق الأوسط»، في حين من الصعب دعم نظام بشار، إلا أننا إذا فكرنا في مستقبل سوريا ومعاناة الشعب السوري التي تفوق التصور، يمكننا أن نجد الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل «داعش» و«النصرة»، أسوأ من نظام بشار. تلك الجماعات لم تدمر شعب ودولة سوريا فقط، بل أيضا تسببت في أزمة إقليمية. بالإضافة إلى ذلك، تكشف تصرفاتها عن أقبح وجه للمسلمين في التاريخ، فهي تنتج ثقافة مضادة تنشر القتل والجهل والعنف في كل مكان.
كيف يمكننا أن نحل تلك المشكلات والأزمة في المنطقة؟ تستطيع كل من السعودية وإيران، وكأنهما يدان أو جناحان، أن تؤديا دورا تاريخيا في المنطقة. يمكن أن تتقدم الدولتان خطوة وراء الأخرى. وأعتقد أنه في مثل هذا الموقف ذي الحساسية، يستطيع الملك عبد الله وروحاني (الشبيه بهاشمي رفسنجاني في شبابه) أن يبدأا فصلا جديدا في العلاقات بين البلدين.
من منظور ديني، السنة والشيعة هما جناحا العالم الإسلامي، فمن الذي يستطيع تجاهل وجود وأهمية الجناح الآخر؟
من المؤسف أن المسلمين يقتل بعضهم البعض، ومن المؤسف أن حكوماتهم تزيد النار اشتعالا، كما يقال «يخربون بيوتهم بأيديهم».
انظر في تاريخ أوروبا المعاصر. لقد شنوا حروبا ضد بعضهم البعض، أسفرت عن اندلاع حربين عالميتين. وكان عدد الضحايا في الحرب العالمية الأولى أكثر من 37 مليون شخص – أكثر من 16 مليون قتيل و20 مليون جريح. والأسوأ من ذلك، كانت الحرب العالمية الثانية أكثر نزاع عسكري دموية في التاريخ، حيث قتل فيها ما يزيد على 60 مليون شخص، أي ما يعادل 2.5 في المائة من عدد سكان العالم في ذلك الحين. وفي الوقت الحالي، أصبح لديهم سياسة مشتركة وبرلمان مشترك واستراتيجية مشتركة وعملة مشتركة وهكذا. جعلوا من أوروبا منطقة آمنة ومريحة لشعوبها وحتى للمهاجرين. كانت هناك أنهار من الدماء والكراهية فيما بينهم، ولكنهم استطاعوا التغلب على المشاكل. غسلوا أنهار الدماء بالماء وأخمدوا الكراهية بالتسامح. وها هم يركزون الآن على المصالح المشتركة بين جميع الدول في المنطقة ويدعم بعضهم البعض.
على النقيض، نمر نحن بسلسلة لا تنتهي من الدماء والكراهية. في الداخل والخارج، نستقطب شعوبنا من سنة وشيعة، وعرب وغير عرب، موالين لأميركا وموالين لروسيا! نكرر أنفسنا وأخطاءنا. يمكن أن تكون الدعوة المرسلة إلى إيران خطوة جاءت في الوقت المناسب في الاتجاه الصحيح.
1. سوريا 2. العراق 3. لبنان 4. البحرين 5. فلسطين 6. اليمن.
وأريد هنا أن أشير إلى نقطتين مهمتين، أولا: أوافق تماما على أن السعودية وإيران تمتلكان الطاقة والإمكانيات والشرعية والنفوذ العميق لحل سلسلة الأزمات الموجودة في المنطقة، أو في العالم الإسلامي عامة.
ثانيا: يقال إن السياسة هي العلم، أو قل هي فن الاحتمالات وليست الأحلام والأمنيات البعيدة. في السياسة يجب أن نضع في اعتبارنا الأمر الواقع. بمعنى، كما في الفلسفة الهندوسية، يجب أن نستخدم ثلاث أعين! فننظر بعين واحدة إلى الأفق البعيد، أو أمنياتنا أو أحلامنا. وننظر بالثانية إلى أرض الواقع، ويمكننا بالعين الثالثة أن نجمع بين رؤية الاثنتين، وأن نبحث عن استراتيجية لتحقيق هدفنا والوصول إلى وجهتنا.
ألف ريتشارد رورتي كتابا شهيرا تحت عنوان «الفلسفة والأمل الاجتماعي»؛ في الفصل 14 تحدث عن تلك القضية؛ العلاقة بين الأمل والواقع. وفيه أعرب عن اعتقاده بأننا بحاجة إلى إحساس قوي لرؤية الواقع من وجهة نظر مقابلة، وبذلك يجب علينا أن ننتقد ذاتنا. فنحن في حاجة إلى النظر إلى رغباتنا وأحلامنا وأمانينا من منظور مقابل. نحتاج إلى وضع أنفسنا مكان الآخرين. يقول نبينا محمد: «من لم يحاسب نفسه في كل يوم ليس مني».
في حقيقة الأمر، نحن في حاجة إلى تعديل برامجنا السياسية والاجتماعية على الأقل مرة في العام!
ولأقدم لكم مثالا واضحا؛ سوريا. بناء على مقالات نشرت في «الشرق الأوسط»، ظن الكثير من الكتاب – يتبنون وجهات نظر مختلفة – أن حكومة سوريا لن تتمكن من إدارة الأزمة وأنها سوف تنهار قريبا. والآن وبعد ثلاثة أعوام، ما زالت الحكومة قوية، والجيش في وضع أفضل، وعلى النقيض، تقتل الجماعات الجهادية مثل «داعش» و«النصرة» من جانب والجيش السوري الحر من جانب آخر، بعضهم الآخر، ولم يعد أمامهم سبيل سوى الانسحاب من جبهاتهم في حمص ومدن أخرى. يوضح هذا المثال أنها استراتيجية غير معقولة أن نغلق أعيننا وننسى الموجود على أرض الواقع.
ويجب ألا ننسى ما قاله المتنبي: «تجري الرياح بما لا تشتهي السفن».
وفي حالة الثورة الإيرانية، يوضح تحليل لأسلوب قيادة آية الله الخميني وجود أربع صور مختلفة من الخميني على مدار الأعوام! في كل عقد، وفقا للموقف والواقع، غير آية الله الخميني أفكاره ومبادئه، بل وحتى نظرياته. لهذا السبب شهدنا ظهور نظرية ولاية الفقيه في فكر الخميني. على سبيل المثال، عندما كان في باريس، لم يقل كلمة واحدة عن الولي الفقيه، وكان في الحقيقة يركز على الديمقراطية والحرية. ولم تذكر المسودة الأولى للقانون الدستوري شيئا عن «ولاية الفقيه». حدث ذلك في مجلس الخبراء، عندما أضافوا مادة واحدة إلى القانون الدستوري، ونتيجة لذلك تغير روح وبناء القانون الدستوري.
أعتقد أن السعودية وإيران تستطيعان إيجاد استراتيجية إيجابية في المنطقة من أجل الجميع تحقق الفوز للطرفين. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهما القيام بدور عالمي أكبر، إذا ركزتا على استراتيجية مشتركة في المنطقة.
وكما كتبت مرارا فيما يزيد على 30 مقالا عن سوريا في «الشرق الأوسط»، في حين من الصعب دعم نظام بشار، إلا أننا إذا فكرنا في مستقبل سوريا ومعاناة الشعب السوري التي تفوق التصور، يمكننا أن نجد الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل «داعش» و«النصرة»، أسوأ من نظام بشار. تلك الجماعات لم تدمر شعب ودولة سوريا فقط، بل أيضا تسببت في أزمة إقليمية. بالإضافة إلى ذلك، تكشف تصرفاتها عن أقبح وجه للمسلمين في التاريخ، فهي تنتج ثقافة مضادة تنشر القتل والجهل والعنف في كل مكان.
كيف يمكننا أن نحل تلك المشكلات والأزمة في المنطقة؟ تستطيع كل من السعودية وإيران، وكأنهما يدان أو جناحان، أن تؤديا دورا تاريخيا في المنطقة. يمكن أن تتقدم الدولتان خطوة وراء الأخرى. وأعتقد أنه في مثل هذا الموقف ذي الحساسية، يستطيع الملك عبد الله وروحاني (الشبيه بهاشمي رفسنجاني في شبابه) أن يبدأا فصلا جديدا في العلاقات بين البلدين.
من منظور ديني، السنة والشيعة هما جناحا العالم الإسلامي، فمن الذي يستطيع تجاهل وجود وأهمية الجناح الآخر؟
من المؤسف أن المسلمين يقتل بعضهم البعض، ومن المؤسف أن حكوماتهم تزيد النار اشتعالا، كما يقال «يخربون بيوتهم بأيديهم».
انظر في تاريخ أوروبا المعاصر. لقد شنوا حروبا ضد بعضهم البعض، أسفرت عن اندلاع حربين عالميتين. وكان عدد الضحايا في الحرب العالمية الأولى أكثر من 37 مليون شخص – أكثر من 16 مليون قتيل و20 مليون جريح. والأسوأ من ذلك، كانت الحرب العالمية الثانية أكثر نزاع عسكري دموية في التاريخ، حيث قتل فيها ما يزيد على 60 مليون شخص، أي ما يعادل 2.5 في المائة من عدد سكان العالم في ذلك الحين. وفي الوقت الحالي، أصبح لديهم سياسة مشتركة وبرلمان مشترك واستراتيجية مشتركة وعملة مشتركة وهكذا. جعلوا من أوروبا منطقة آمنة ومريحة لشعوبها وحتى للمهاجرين. كانت هناك أنهار من الدماء والكراهية فيما بينهم، ولكنهم استطاعوا التغلب على المشاكل. غسلوا أنهار الدماء بالماء وأخمدوا الكراهية بالتسامح. وها هم يركزون الآن على المصالح المشتركة بين جميع الدول في المنطقة ويدعم بعضهم البعض.
على النقيض، نمر نحن بسلسلة لا تنتهي من الدماء والكراهية. في الداخل والخارج، نستقطب شعوبنا من سنة وشيعة، وعرب وغير عرب، موالين لأميركا وموالين لروسيا! نكرر أنفسنا وأخطاءنا. يمكن أن تكون الدعوة المرسلة إلى إيران خطوة جاءت في الوقت المناسب في الاتجاه الصحيح.