فراغ في سدة الرئاسة في لبنان

رئاسة الجمهورية

دخل لبنان منتصف ليل السبت الاحد حال الفراغ في سدة الرئاسة الاولى، مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان من دون تسلم خلف له، بعدما عجز مجلس النواب عن انتخاب رئيس بسبب عمق الانقسام السياسي في البلاد.

وبدءا من الاحد، تتولى الحكومة الحالية برئاسة تمام سلام “مجتمعة” (بموجب الدستور) صلاحيات رئيس الجمهورية في انتظار انتخاب رئيس جديد، وهو أمر يصعب التكهن بموعده.

وغادر سليمان القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت قرابة الساعة الثالثة من بعد الظهر (12,00 ت غ)، متوجها برفقة زوجته الى منزله في موكب رسمي. واقيمت له في القصر مراسم وداع صافح خلالها مستشاريه وكبار موظفي القصر، قبل ان تؤدي له التحية ثلة من الحرس الجمهوري.

ودعي المجلس النيابي الى انتخاب رئيس خمس مرات خلال الشهرين اللذين سبقا انتهاء الولاية، بحسب الدستور. ولم ينجح في المرة الاولى بتأمين اغلبية الثلثين المطلوبة لفوز احد المرشحين بينما عجز في المرات اللاحقة عن الالتئام بسبب عدم اكتمال نصاب الجلسات المحدد بغالبية الثلثين كذلك (86 من اصل 128 نائبا عدد اعضاء البرلمان).

ويعود هذا العجز بشكل اساسي الى انقسام المجلس كما البلاد، بشكل حاد بين مجموعتين سياسيتين اساسيتين هما قوى 14 آذار المناهضة لدمشق وحزب الله والمدعومة من الغرب والسعودية، وابرز اركانها رئيس تيار “المستقبل” سعد الحريري ورئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع المرشح الى رئاسة الجمهورية، وقوى 8 آذار المدعومة من دمشق وطهران وابرز اركانها حزب الله ورئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون الذي اعلن رغبته بتولي منصب الرئاسة شرط حصول توافق عليه من كل الاطراف، الامر الذي لم يحصل.

وكان سليمان أهاب في خطاب وداعي “المجلس النيابي والقوى السياسية الممثلة فيه اتمام الاستحقاق الرئاسي من دون ابطاء وعدم تحمل مسؤولية ومخاطر خلو الموقع الرئاسي بصورة تتنافى مع الديموقراطية لا بل ومع روح الشراكة والميثاقية الوطنية”.

وقال ان شغور موقع الرئاسة لكونه “موقعا جامعا ورمز وحدة الوطن”، يشكل “تهديدا لهذا الدور الذي نريده ضامنا لانتظام الحياة السياسية خصوصا اذا كان الشغور مقصودا بفعل انقسام عمودي بين القوى السياسية وغياب نقاط الالتقاء او بسبب رغبة دفينة لا تريد للبنان ان يستقر بمؤسساته”.

وشهد لبنان بين ايلول 2007 وايار2008 ازمة مماثلة، اذ بقي دون رئيس الى حين حصول تدخلات دولية واقليمية ضاغطة وتسوية بين الاطراف اللبنانيين انتهت بانتخاب سليمان الذي كان قائدا للجيش.

واعربت بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان عن “اسفها لعدم توصل المشاورات النيابية إلى انتخاب رئيس للجمهورية”، داعية في بيان بعد منتصف الليل، المسؤولين الى انتخاب رئيس “من دون المزيد من التأخير”.

كما حصل فراغ استمر سنتين في منصب الرئاسة خلال الحرب الاهلية (1975-1990) انتهى باتفاق الطائف الذي وضع حدا للحرب واجرى تعديلات جذرية على النظام السياسي اقتطعت الكثير من صلاحيات الرئيس الذي هو من نصيب الطائفة المارونية في لبنان. بينما تعود رئاسة مجلس الوزراء الى السنة ورئاسة المجلس النيابي الى الشيعة.

ودعا رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في بيان “الى وجوب التعامل مع شغور موقع رئاسة الجمهورية، وللمرة الثانية بعد انتهاء ولايتين متعاقبتين، باعتباره خطرا جديا يهدد سلامة النظام الديموقراطي ويجعل من الرئاسة الاولى هدفا للابتزاز الدائم بالفراغ والوقوع في المجهول”، محذرا من “مخاطر ابقاء الموقع المسيحي الاول في نظامنا السياسي شاغرا”.

وتتهم قوى 14 آذار فريق حزب الله بالتعطيل لان نوابه وحلفاءه امتنعوا عن حضور جلسات الانتخاب وبالتالي عن تأمين النصاب المطلوب.

ومساء السبت، دعا نواب “14 آذار” زملاءهم من الطرف الآخر الى “الالتزام بموجبات وكالتهم الدستورية من خلال الحضور الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس جديد للجمهورية”.

واعتبروا في بيان تلوه من مجلس النواب، ان “الفريق الآخر اراد لهذا الاستحقاق ان يكون مناسبة للاطاحة بالديموقراطية والميثاقية”، من خلال اشتراط التوافق مسبقا على اسم الرئيس قبل تأمين نصاب الجلسات.

وكان النائب انطوان زهرا من حزب القوات اللبنانية الذي يرأسه جعجع، قال لفرانس برس في وقت سابق ان “الحل الامثل بالنسبة الى حزب الله يتراوح بين عدم وجود رئيس او انتخاب رئيس يستسلم لارادة حزب الله في تنفيذ سياسته الخارجية والتدخل في سوريا من دون محاسبة واقتناء سلاح من دون رقيب والهيمنة على مؤسسات الدولة”.

ويأخذ خصوم حزب الله عليه مشاركته في القتال الى جانب القوات النظامية في سوريا، ويتهمونه باستخدام ترسانة السلاح التي يحتفظ بها بذريعة مقاومة اسرائيل، للضغط بهدف فرض ارادته على الحياة السياسية.

وامتنع نواب الحزب عن التعليق على هذا الاتهام، مشيرين الى ان الامين العام للحزب حسن نصر الله سيتطرق الى هذه المسألة في خطابه الاحد في الذكرى الرابعة عشرة لانسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان.

الا ان النائب محمد رعد، رئيس كتلة الحزب النيابية، أكد قبل ايام “انه لن يصل إلى كرسي الرئاسة في لبنان إلا من يحرص على المقاومة (حزب الله) وخيارها”.

السابق
اطلاق النار استهدف متحفاً يهودياً في بروكسل ومقتل اسرائيليين
التالي
25 قتيلا في اعمال عنف في العراق