استقالة الإبراهيمي.. فرصة

استقال كلّ من كوفي أنان والأخضر الابراهيمي، وهما ممثّلان رفيعا المستوى للأمم المتّحدة، من منصبيهما كمبعوثين خاصين لحلّ الأزمة في سوريا. وفيما تشكّل استقالتهما خيبة أمل كبيرة للمجتمع الدوليّ عامّة، تسلّط الضوء على طبيعة النزاع السوريّ المعقّدة، وتبيّن في الوقت نفسه، أنّ حقّ النقض الذي تتمتّع به الدول الدائمة العضويّة في مجلس الأمن يمكنه أن يقوّض دور الأمم المتّحدة في صنع السلام.
وينبغي أن تحفّز استقالة الديبلوماسيّ المخضرم والسياسيّ المعروف الأخضر الابراهيمي في 13 أيار إعادة النظر بجديّة في دور الأمم المتّحدة في إتمام المصالحة عندما يُسمح للحروب الأهليّة بالاستمرار لأجل غير مسمّى، مع خسائر هائلة وكارثيّة في الأرواح، ولا سيّما في صفوف المدنيّين عامّة والنساء والأطفال خاصّة.
بتعبير آخر، لدى الأمم المتّحدة مسؤوليّة عالميّة لا تقضي بحلّ النزاعات بسرعة فحسب، بل أيضاً بالحؤول دون نشوبها من خلال أنظمة إنذار مبكرة لكشف الأزمات المحتملة، وبالتمتّع بقدرات تدخّل سريعة. إنّ طفرة النزاعات التي تشهدها البشريّة أو تعاني منها في هذه المرحلة من التاريخ، تلقي الضوء على الحاجة الملحة إلى مراجعة أوجه عدّة من ميثاق الأمم المتّحدة وإعادة تقييمها والنظر فيها، وإلى التركيز على إدراج آليات من أجل ديبلوماسيّة وقائيّة فعّالة، بالإضافة إلى تدابير إنفاذ سريعة التطبيق، ما يعطي مفهوم مسؤوليّة الحكومة في حماية المدنيّين معنى ومغزى.
من المؤسف أن ينسحب موظّفان حكوميّان دوليّان بارزان من مهمّتهما الإنسانيّة، وهما يشعران بخيبة أمل كبيرة. وفيما نتفهّم الغصّة والألم الناجمين عن الفشل في إتمام المصالحة في سوريا، وفي أماكن أخرى أيضاً، ينبغي أن تشكّل هذه الاستقالة فرصة لمنح منظومة الأمم المتّحدة القوّة لإنفاذ السلام وصنعه. ولا يُقصد بذلك مناصرة مبدأ الحكومة العالميّة، لكنّ تزامن العولمة والتجزئة يتطلّب إعادة تقييم سريعة لمنظومة الأمم المتّحدة ودورها.
أدرك تماماً أنّ البعض قد يعارض تمكين منظومة الأمم المتّحدة، لكن يجدر بالسياسيّين في العالم، وهم كثر، أن يبدأو بالتفكير أبعد من السيادة. إنّه تحدٍّ طبعاً، لكنّ البشريّة لا يمكن أن تسمح باستمرار النزيف بالمقدار الذي نشهده ونمرّ به في أجزاء من العالم عديدة.
ينبغي أن تؤدّي استقالة الأخضر الابراهيمي من منصبه كمبعوث أمميّ خاص إلى سوريا إلى إعادة النظر فوراً في منظومة الأمم المتّحدة ومسؤوليّة الحكومة المتعلّقة بالحماية.

السابق
دراسة «بروكينغز الدوحة»: «الجهاد السوري» تفوّق على «الجهاد الأفغاني»
التالي
فارس سعيد : نستحق رعاية الأمم المتحدة وتدويل الرئاسة وفقاً للقرار 1559