التفسيرات القاتلة

يتمحور رد شارل سابا في مقالته “المعادلات القاتلة” (13/5) على مقالتي “الحريري وموجبات الصفقة مع عون” (8/5) حول نقطتين: الاولى عدم جواز انتظار التسوية الايرانية – السعودية. والثانية ضرورة التوحد المسيحي قبلاً لانتاج قيادة مسيحية تصلح لرئاسة الجمهورية.

في الاولى يحذر صديقي من ان الخطر في انتظار التسوية الاقليمية هو ان يدفع المسيحيون كما عادتهم الثمن حيث لا مكان للصغار في لعب الكبار. وهنا اذكّر بأن المقالة خاليةً من اي ذكرٍ لايران ومفاوضات لها مع السعودية وكل ما ذكرته يتمحور حول خطأ تاريخي ارتكب بحق اللبنانيين في الطائف حيث اقرت تسوية عوجاء مجحفة اخلت بالتوازن الوطني واولت جماعة مصير جماعة اخرى فتصرفت بكيدية وانتقام واحتقار تجاه مكون اساسي كان له الدور الاكبر في تشكيل هذا الوطن وبنائه. وبعد ان دانت لها الامور التفتت الى الجماعة الاخرى التي ساعدتها وايدتها ساعيةً الى انهاء دورها وتحطيم مقاومتها وصمودها كما فعلت بمساعدة سوريا في تحطيم هيكلية المجتمع المسيحي وعناوين قوته ودوره. واشرت الى ان وقائع الاحداث الحالية وتداعياتها تفترض اعادة “المس” بالطائف وإلا ارساء عرفٍ يقتنع اللبنانيون خلال ممارسته بضرورة اصلاح الخطأ فتأتي التعديلات مستقبلياً بعد ان يعيش اللبنانيون في سلام وامان وبحبوحة لطالما افتقدوها منذ اقراره حتى يومنا هذا.
اما عن الثانية فاذا كان كل من السنة والشيعة والدروز يذهب كل منهم كتلةً متراصةً الى أي موقفٍ سياسي، فهذا لا يعني ان اختلاف المواقف هو من الشيطان بل إنه ربما كان من الديموقراطية. ولنناقش في هذه النقطة فهل اذا كنا موحدين كمسيحيين سيغير ذلك في الطائف حرفاً؟ طبعاً كلا. هل سنستطيع ان نفرض انعقاد جلسة لانتخاب الرئيس او حتى لاقرار اي قانون دون الحاجة لاشتراك السنة او الشيعة معنا؟ طبعاً كلا. هل سنقدر ان نستعمل حق النقض (الفيتو) على اي قرار يتخذونه في حال اتفقوا؟ طبعاً كلا. واذا كان خوف الكتائب من أن التسوية بين ايران والسعودية أي بين الشيعة والسنة ستكون على حساب المكون المسيحي. فهذه فرضية واردة بغض النظر عن التوقيت او الاستحقاق ويمكنهم السير بها في اي وقت وظرف دون انتظار استحقاق الرئاسة او النيابة او القيادة، ولا اعتقد بأن الظروف الحالية تشي بأن اتفاقهم قريب أو حتى جلوسهم الى الطاولة وارد.
ان ما نشكو منه يا صديقي هو ما اصابنا باقرار الطائف منذ خمسة وعشرين عاماً وما أصاب الشيعة منذ عشر سنواتٍ. وما نقصده بموجبات التسوية بين “التيار الوطني الحر” و”المستقبل” هو اقتناع قيادات السنية السياسية بضرورة عدم استعمال الطائف للهيمنة على البلد وترك امر تحديد الزعامات والقيادات والرؤوساء المسيحيين لابناء الطوائف المسيحية كما يحصل مع باقي المكونات الاسلامية، من خلال قانون انتخاب يحفظ هذا الحق او اقرار قانون يسمح للجميع بالتصويت للجميع عندها يتساوى اللبنانيون امام القانون ولا يعود مهماً أي رئيس سيأتي ما دامت الهيئة الناخبة للرئيس مستولدة من مساواة كاملة وعادلة.

*قيادي في “التيار الوطني الحر”

السابق
جعجع: حزب الله لا يعلن ترشيح عون
التالي
حلاق طعن صديقه بالموسى… حتى الموت