حمص نحو الإعمار

تخرج حمص القديمة من دمارها إلى الحياة من جديد بعودة أهلها إلى منازلهم وبدء الدولة إمدادهم بالخدمات اللازمة. ورغم تعدّد الاحتمالات في ما يخصّ حيّ الوعر والريف الشمالي، يؤكد المسؤولون العمل على إعادة المدينة إلى سابق عهدها.

حمص؛ خرج المسلحون إلى غير رجعة من حمص القديمة. هذا على الأقل ما يوحي به كلام ضباط الجيش السوري وحراك جنوده. بعض حملة السلاح «سوّيت أوضاعهم» في منطقة الغوطة المجاورة، والبعض الآخر رحل إلى الدار الكبيرة في ريف حمص الشمالي كمحطة مؤقتة، قبل أن يستقر بهم المقام في قرية الزعفران وتلبيسة.

الخشية من تشكيل بؤر تسلّح جديدة أمر تستعد له القيادات العسكرية، التي تخشى فوضى الدخول إلى الأحياء القديمة، ما دعاها إلى تنظيم حواجز الجيش وتكليفها بمنح بطاقات دخول مؤقتة، تُسحب من المواطنين عند الخروج. منع السيارات من الدخول، باستثناء التي تحمل أوراق مهمات رسمية، هو سمة الوضع المروري، ما منح الأهالي إحساساً بالاطمئنان على أغراضهم.

مخططات الاعمار

يعتدّ محافظ حمص طلال البرازي بعودة حمص القديمة إلى سيطرة الدولة في عهده. يقضي الرجل نهاره في أحياء المدينة. يبدو واضحاً أن تعيين رجل الأعمال محافظاً لم يأتِ عبثاً. للمحافظ مخططاته التنظيمية الموافق عليها رسمياً.

وتشمل المخططات، بحسب البرازي، خرائط وصوراً مزودة بدراسات تراعي حقوق المواطنين والتجار. ويروي لـ«الأخبار» أنّ «المخططات التنظيمية لأحياء بابا عمرو والسلطانية وجورة العرايس، التي تمتد على مساحة تصل إلى 250 هكتاراً، أنجزت بالكامل». ويتوقع أن يصدر مرسوم لتصديقها خلال شهر، بهدف تنفيذها خلال مدة زمنية أقصاها 5 سنوات.

المحافظ الخارج من صلاة يوم الأحد في كنيسة أم الزنار الأثرية، بحضور مطران السريان سلوانوس القادم من أميركا، يعد بصلاة يوم الجمعة في جامع خالد بن الوليد وسط حيّ الخالدية بعد تأهيله سريعاً لاستقبال المصلّين. ويتغنى الرجل بإخراج أنقاض من طرق المدينة القديمة تصل حتى 600 متر مكعب. كما يتباهى باستنفاره المديرين العامين لإعادة المياه والكهرباء والخدمات إلى الأحياء، رغم عدم إمكان السكن في كل من أحياء جورة الشياح والخالدية والقرابيص، بسبب حجم الدمار فيها.

ويلفت البرازي إلى «توزيع 250 سلة غذائية وبعض الفرش على السكان العائدين، لتمكينهم من الإقامة في بيوتهم». ويعد أيضاً باستكمال إنارة الأحياء القديمة كاملة خلال اليومين المقبلين، بالإضافة إلى فتح طرق المدينة جميعها، وصولاً إلى بداية طريق حماه. واعتبر أن العمل على إصلاح شبكة الصرف الصحي هو التحدي الأصعب، بسبب تخريب بعض أجزائها، وإغلاق بعضها الآخر.

وفي سياق آخر، وبعد شهرين من تحويلهم إلى محكمة مكافحة الإرهاب لتسوية أوضاعهم القضائية والمدنية، جرى الإفراج عن 100 من سجناء سجن حمص المركزي، على خلفية توقيفهم بتهمة التخريب خلال تظاهرات حمص الأولى. المفرج عنهم وصلوا إلى مركز للإيواء بهدف إجراء لقاءات حوارية مع رجال دين وسياسيين خلال اليومين المقبلين، قبل العودة إلى منازلهم.

والمتوقع أن يستمر الإفراج عن عدد مماثل أسبوعياً، حتى إخلاء سبيل 1700 موقوف للسبب ذاته.

معركة الريف… مقبلة؟

وفيما تستعد «قوات الدفاع الوطني» للاتجاه شمالاً، نحو معركة الريف الشمالي، تنتشر حواجز الجيش على جميع مفارق المدينة القديمة. كذلك تحكم قواته الطوق حول حيّ الوعر المتوتر (غرب المدينة). الأخبار الآتية من الشمال توحي بنزعة المسلحين للاستسلام، بعد الهزيمة التي مني بها إخوانهم في أحياء حمص القديمة التي ملأوا جدرانها بشعارات ترفض الهزيمة.

مصدر عسكري أكد لـ«الأخبار» أنّ العملية العسكرية في الريف الشمالي «تتوقف على نوايا المسلحين». ويوضح المصدر أن الإنجاز الذي تحقق في حمص القديمة كان «تجربة يمكن تعميمها على مناطق أُخرى، إذ أثبت الجيش أنه قادر على انتزاع تسوية بشروطه». ويضيف إن «الاستعدادات الجارية شمالاً هي تحضيرات يقوم بها بهدف الوصول إلى الجاهزية الكاملة، فيما لو فشل الحل السياسي المتوقع».

السابق
داعش تهدد باغتيال العرعور والعجمي
التالي
شيريهان في انطلاقتها الجديدة