هل تلوح أزمة خبز في الأفق؟

وكأن لبنان لا تكفيه همومه السياسية والاجتماعية حتى بات اليوم مهدداً بلقمة الخبز، التي وإن حصل عليها فبعد عناء وكفاح في ظل أوضاع اقتصادية صعبة. فقد كشف رئيس نقابة تجار مال “القبان” وأحد أصحاب المطاحن ارسلان سنو لـ”النهار” “أنه بدأ تسليم الطحين غير المدعوم للأفران منذ الإثنين الفائت بالسعر الحر أيّ 630 ألف ليرة/طن من الطحين، لعدم تسلمها القمح المدعوم من وزارة الإقتصاد والتجارة عن أشهر آيار ونيسان وآذار خصوصاً بعد أن رفضت وزارة الزراعة باخرة القمح التي تبلغ حمولتها 30 ألف طن والتي كانت مخصصة للشهر الجاري، كاشفاً أنه بدءاً من الاثنين المقبل سوف يرفع أصحاب المطاحن سعر طن من الطحين إلى 650 ألف ليرة. وهذا ما قد ينذر بأزمة حقيقية تتمثل بإرتفاع سعر ربطة الخبز، إذ أن السعر المدعوم من وزارة الاقتصاد هو 590 ألف ليرة/طن من الطحين، في حين أن أصحاب المطاحن يتوعدون ببيعه بـ650 ألف ليرة مما يحمّل عبئاً على أصحاب الأفران بفارق 60 ألف ليرة، الأمر الذي قد يدفعهم إلى رفع سعر ربطة الخبز إن لم يحصلوا على فارق الدعم مباشرةً من وزارة الإقتصاد.

وفي هذا السياق، لفت سنو إلى أنه “في عهد حكومة نجيب ميقاتي، لم يكن يتوافر لدى وزارة الإقتصاد مخزون للقمح، فطلب أنذاك الوزير نقولا نحاس من أصحاب المطاحن تسليف الوزارة إلى حين وصول القمح من الخارج ، موضحاً إن “السعر المدعوم كان يختلف عن السعر العالمي للقمح بفارق 100 دولار”.
وأضاف” لقد وعدونا بتسديد الأموال البالغة 12 مليار ليرة، تم تسديد 4 مليارات منها فقط وما زلنا ننتظر منذ سنة ونصف السنة تسديد الجزء المتبقي، هذا بالإضافة إلى 4 مليارات ونصف المليار ثمن تأمين 80 ألف طن من الطحين للأشهر الثلاثة الفائتة”.
هذا، وعلمت “النهار” أن المناقصة التي أجريت منذ أسبوع في وزارة الإقتصاد لإستيراد القمح تم إلغاؤها، الأمر الذي يؤدي إلى عدم توافر القمح المدعوم قبل منتصف أو أواخر حزيران المقبل. وفي هذا السياق، كشف سنو “إنه قد تم إجراء مناقصة أمس في الوزارة وأرست على 309 دولارات سعر الطن من القمح”، لافتاً إلى أن إستمرار إنخفاض السعر المدعوم بعدما كان 334 دولاراً في المناقصة الأخيرة “مما يحمل أعباء مالية كبيرة على أصحاب المطاحن”.
ويذكر أن وزارة الإقتصاد والتجارة – مديرية الحبوب والشمندر السكري وزعت على الأفران أذونات تسليم بحصة كل فرن عن الشهر الجاري، إلا أن المطاحن رفضت هذه الأذونات لعدم توافر الرصيد اللازم لها من القمح المدعوم. من جهته، نفى رئيس اتحاد الافران والمخابز العربية في لبنان كاظم ابرهيم لـ”النهار” أن يكون ثمة نقص في القمح لدى أصحاب المطاحن “إذ أن الكمية المتوافرة تفوق الـ70 ألف طن”، موضحاً أن الخلفية وراء لجوء أصحاب المطاحن إلى سياسية التقنين “إنما تعود إلى الأذونات التي تسمح لأصحاب الأفران برفض الطحين الموزع عليهم ورده في حال لم يتمتع بالجودة المطلوبة”. وهنا تجدر الإشارة الى أن جمعية حماية المستهلك تقوم بالإشراف الدوري على الطحين وتخضعه للتحليل مما يبعد أرجحية فساد جودة الطحين ويدفع إلى مقاربة القضية من الناحية المادية التجارية.
في المقابل، رفض ابرهيم “تحويل موضوع الخلاف المالي بين الدولة وأصحاب المطاحن الى وسيلة ضغط على لقمة عيش اللبنانيين”. وأضاف: “نتفهم مطلب اصحاب المطاحن الداعي الحكومة الى تسديد المبالغ التي دفعتها المطاحن لاستيراد القمح، ولكن في الوقت عينه نرفض ان يعمد هؤلاء الى تحويل الخلاف والنزاع مع الدولة الى ضغط مباشر على سوق الرغيف ظناً منهم ان الناس هم الحلقة الاضعف”.
وناشد وزير الاقتصاد التدخل واعطاء المطاحن ما لهم من حقوق “حتى لا نصل الى بلبلة في سوق الرغيف اذ يكفي الناس ما يعانونه يوميا””.
وتفيد المعلومات أنه على رغم المراسلات واللقاءات التي أجراها ممثلو المطاحن مع وزير الإقتصاد آلان حكيم، وأبلغوه دقة الوضع التمويني الأمر الذي يتطلب معالجات سريعة وإستثنائية ليتمكن أصحاب المطاحن من الإستمرار في تسليم الطحين المدعوم، إلا أنه ولغاية اليوم لم تحصل أي معالجة ملموسة، مما يطرح علامات استفهام عدة: لماذا هذا التقصير من وزارة الإقتصاد منذ استقالة حكومة نجيب ميقاتي خصوصاً في ظل غياب استراتيجية تموينية واضحة ومعالجة كل حالة على حدة؟ وهل المطلوب تحرير سعر ربطة الخبز في ظل تهديد المطاحن برفع سعر الطحين؟

السابق
توقيف مطلوب ب9 مذكرات في بريتال
التالي
فندق الكارلتون الأثري..’نسف’(بالفيديو)