السياسة الكويتية: الرئيس الجديد سيكون في مركز «القوة القصوى» بفعل تسليح الجيش

بات من المتوقع ان يواجه أي رئيس لبناني جديد يأتي خلفاً للرئيس الحالي ميشال سليمان تحمل مسؤولية عملية توزيع أنواع الاسلحة الجديدة المزمع ان تسلمها الدولة الفرنسية الى الجيش اللبناني, بموجب الهبة السعودية بـ3 مليارات دولار على مناطق لبنان, وكذلك سيجد على عاتقه مهمة فتح المطارات العسكرية وتأهيلها وتزويدها بأحدث المعدات الفرنسية, وهي مطارات رياق البقاعي العسكري الأضخم في البلاد ومطارا حالات والقليعات, مع إمكانية انشاء مطار عسكري رابع في إحدى المناطق الجنوبية جنوب نهر الليطاني, قبل تسليم الجيش سربين من المقاتلات الاوروبية الجوية الأحدث, تتكفل دولة الامارات المتحدة والكويت وقطر بدفع ثمنها البالغ نحو ملياري دولار, إضافة الى انشاء ستة مرابض لخمسين مروحية جديدة تضاف الى ما لدى الدولة من مروحيات ذات العدد المتواضع.
وقالت أوساط ديبلوماسية خليجية في باريس لـ”السياسة” أمس, انه على الرغم من عدم وجود أي شروط على لبنان مقابل الأسلحة, لا من المملكة العربية السعودية ولا من فرنسا, إلا أن هناك نقطتين تدخلان الستراتيجية العسكرية اللبنانية الجديدة, اتفق عليهما لبنان وفرنسا والسعودية, هما “تحديد أماكن تخزين السلاح البري الجديد في مناطق معينة ومحددة, كي لا تقع عند اول صدام مذهبي أو طائفي محتمل في الأيدي الخطأ, مع إبعاد تلك المخازن ما أمكن عن الحدود الجنوبية مع اسرائيل كي لا تتعرض للتدمير في حال وقوع أي مغامرة ايرانية جديدة ضد الدولة العبرية”.
أما النقطة الثانية فتتعلق بـ”التزام الدولة اللبنانية بتوسيع المطارات العسكرية وحمايتها بأعداد كبيرة من القوات المسلحة وإحاطتها بدفاعات يصعب اختراقها ووضعها في عنابر محصنة بالصواريخ”. وسيكون سلاح الدبابات اللبناني الجديد المكون من آليات فرنسية وبلجيكية وألمانية مشتركة التصنيع (نحو 150 دبابة بموجب الهبة السعودية) مشمولا بالقرار 1701 الدولي المسند تطبيقه الى قوات دولية في الجنوب, بمعنى ألا يكون له مكان في جنوب الليطاني, فيما ستنشر بطاريات الأسلحة المضادة للطائرات ابتداء من حدود الليطاني الشمالية حتى العمق اللبناني قرب الحدود السورية في أقصى شمال البلاد.
ومن الاتفاقات السرية الملحوظة مع الدولتين المانحة والبائعة, حسب الأوساط الديبلوماسية الخليجية, “إجراء عمليات تبديل في القيادات العسكرية جنوب الليطاني وفي البقاع, خصوصاً في قيادات الاستخبارات العسكرية التي أصيبت بلوثة التعاون مع قيادات “حزب الله” و”حركة أمل”, بعدما تسلل الحزب والحركة إلى مفاصلها خلال الاعوام الاخيرة, كما انهما تسللا بالاتفاق معها إلى قيادات الوحدات العسكرية ذات الغالبية الشيعية في عقر دار قوات “اليونيفيل” لتهديدها والتجسس عليها”.
وأعربت الأوساط عن يقينها بأن هناك “نقاط اتفاق محددة لا يمكن خرق مضامينها أو مفاعيلها” في صفقة المليارات الثلاثة, كما ستكون هناك اتفاقات سرية أخرى في صفقة سلاح الجو الممولة من هبات الامارات والكويت وقطر, التي يتردد أن الموافقة عليها تمت على هامش القمة العربية في الكويت الشهر الماضي, التي ركزت على دعم لبنان عسكريا وأمنيا وسياسياً, تجاوبا مع الهبة السعودية.
وفي حال رفع عدد القوات المسلحة اللبنانية الى نحو 120 ألف ضابط وجندي, كما هو متوقع, ستدفع الدول الخليجية ميزانية استيعابهم في الجيش حتى إشعار آخر, كي يتواكب ارتفاع هذا العدد مع دعم المليارات الخليجية الى المؤسسة العسكرية, فإن الرئيس اللبناني الجديد أو الرئيس سليمان ذا “الخطوط المحترمة” في تجديد أو تمديد ولايته ثلاثاً أو ست سنوات أخرى, “سيبدأ عهده من مركز “القوة القصوى” ويجعله متحكماً أكثر في مفاصل البلاد, ما يبعد أكثر فأكثر شبح أي حرب أهلية مذهبية أو طائفية يتسبب بها “حزب الله” تبعاً لانتصاره أو هزيمته في الحرب السورية, ويضاعف قوة الجيش في الدفاع عن نفسه وفي التمدد بشكل أكبر لاستعادة أراضيه المتحولة الى “مربعات امنية” للايرانيين, الذين يعتقدون ان بإمكانهم التحكم بكل شبر من ارض لبنانية عائدة للطائفة الشيعية, وهو أمر مناف للدستور وللثقافة اللبنانية وللمعتقدات ذات الاطراف المتعددة.
كما أن الأمور, حسب فرنسا والسعودية والولايات المتحدة الموافقة على تسليح الجيش من خارج ترسانتها, ستحدد معالمها تبعاً لمصير النظام السوري, فإذا انهار ستكون سيطرة الجيش بقوة على مناطقه وحدوده الشمالية مع سورية أسهل, كما سيسهل ذلك, بدعم مجلس الامن مجدداً وقوات “يونيفيل”, تطبيق كامل القرار الدولي 1559 الداعي الى تجريد الميليشيات المسلحة اللبنانية (حزب الله وحركة امل وتوابعهما) وغير اللبنانية (الفلسطينيون داخل المخيمات وخارجها) بحيث يمكن اقفال الملف اللبناني شديد التعقيد والخطورة بإقفال ملف الثورة السورية وملف الوجود الايراني المسلح في المنطقة بكاملها.

 

السابق
المقاربة الأميركية للأزمة السورية
التالي
مجلس النواب بدأ التصويت على اقتراح تثبيت متطوعي الدفاع المدني