جعجع مرشّحاًً: حبوب «الأسبيرين» لا تعالج سلاح «حزب الله»

سمير جعجع مرشحاً لرئاسة الجمهورية رسمياً اليوم من معراب.

سيكون وقع الخبر ثقيلا على مسامع خصوم «معراب»، وما سيخفف من وطأته أن التجاذب السياسي الحادّ بين فريقي «8 و14 آذار» وانقسام البيت الواحد لقوى «14 آذار» وحساباتها الضيقة والوضع الإقليمي والدولي المائل صوب التسويات، عوامل ستشكّل «صمّام أمان» لخصوم جعجع تحول بينه وبين قصر بعبدا.. إلا إذا انقلبت هذه المعادلات القائمة فجأة!
دائما كان سمير جعجع يتخذ القرارات الصعبة في السلم وفي الحرب، يكفي أن زمن السلم سجّل له موافقة «القوات اللبنانية»، القوة العسكرية الكبرى، على تسليم سلاحها للشرعية وانضواء قائدها في اتفاق الطائف. بعد قرابة الـ9 أعوام على خروجه من السجن ها هو جعجع يخوض معركة سياسية جديدة عكس التيار. لا يطمح هذه المرة الى رئاسة حزب «الكتائب»، بل الى رئاسة الجمهورية، غير عابئ بمن يذكّرونه بماضيه وبمن يهاجمونه، معتبرا كلمات خصومه «جوفاء»، وتعليقات بعض من هم في فريقه السياسي «حرتقات أهل البيت».
هكذا كان جعجع في الحرب وهكذا هو في السّلم. سئل يوما: «هل يصلح المحاربون للسلام؟» فأجاب: «السلام يكون بين المتحاربين، هم الأكثر شوقا إليه». فهل يحقق المرشح الرئاسي سمير جعجع هذه المعادلة في مواجهته الضروس مع «حزب الله»؟ وهل سيدفع قوى «14 آذار» الى تبنيه مرشحا قوياً يمثلها، فتتجاوز الحسابات الشخصية لمكوناتها (خصوصا الموارنة منهم)؟ أم ستترك جعجع ذاهبا الى معركته وحيدا؟ وماذا إذا بقيت السعودية تضرب أخماسا بأسداس قلبها على لبنان وعقلها في سوريا؟ وماذا إذا نجحت فرنسا في «تهيئة» مرشّح تسوية بين إيران والسعودية، كما فعلت الأسبوع الفائت وكادت تنجح لولا الصفعة الأميركية لها والتي جاءت في آخر لحظات الاتفاق على «أحدهم»؟ ماذا إذا مال سعد الحريري الى غريمه عون طامحا بكرسي الرئاسة الثالثة، مناقضاً الترويج بأن اتفاقه مع الجنرال «موضعي» وانتهى مع تشكيل الحكومة الحالية؟
لعلّ هذه التساؤلات كلّها ستدور في رأس جعجع قبل ظهر اليوم في لحظة إعلانه ترشحه رسميا من «قلعته الأمنية» في معراب. لكن من المستبعد أن يغيّر الرجل رأيه، فهو «متفائل أبدي»، ولا يبني ترشحه على هزيمة محتملة، تحدوه النجاحات ولا يفكر بالخيبات. هكذا هي تركيبته «البشراوية». البعض يظنه يعيش خارج الزمن، والبعض يثمّن إقدامه وثباته و«طحشته»، ولو في المجهول، لتحقيق الهدف المعلن: «تحقيق التوازن الاستراتيجي مع حزب الله».
يقول أمام كوادره إنه في الأشهر الأخيرة وجد نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أخذ السلطة جدياً، أو بناء قوة عسكرية غير شرعية لمواجهة «حزب الله». «وبين الخيارين فضّلت الأول عبر أخذ المواقع الشرعية، وأولها رئاسة الجمهورية، على هذا الأساس بنيت الحسابات الاستراتيجية وإلا تكون قوى 14 آذار تضحك على حالها». برأيه أن «الجوّ الدولي سيمشي بما يمشي به الداخل والداخل يريد رئيسا قويا».
يرى جعجع ترشحه حاسما «في تحديد مستقبل لبنان ومصير مسيحييه». يقول: «نحتاج الى رئيس متل الخلق وحكومة متل الخلق».
يرفض الحكيم «حبوب الأسبيرين» لمعالجة سلاح «حزب الله» أو «التنظير لخطط أمنية تأخرت طويلا حتى مجيء رجالات مثل أشرف ريفي ونهاد المشنوق.
لكن، في لحظة يعود جعجع إلى الواقعية «انتخابات الرئاسة عملية ديناميكية على مستوى المنطقة، والمسيحيون يريدون رئيسا قويا لا وسطيا سيكون حتما دمية في يد حزب الله». هذا هو الجوّ الأميركي برأيه «والمجتمع الدولي سيمشي بما نمشي به». برأي جعجع أن هذا المجتمع الدولي غائب كليا والدليل «أنها المرة الأولى التي تخرق فيها روسيا اتفاقية يالطا في أوروبا عبر ضمها القرم ولا يحرك العالم ساكنا». يدرك جعجع أن وضعه صعب، لكنّه يغامر بالترشح.
لعلّ هذا ما يخيف خصومه، ومعظمهم من فريقه السياسي.

السابق
مقتل صحافية في هجوم افغانستان
التالي
UNDP في يوم التوعية من الالغام