الجمهورية : الحكومة تجاوزت القطوع

كتبت الجمهورية : تميّز يوم أمس بحراك سياسيّ لافت، وتوزّع المشهد بين اجتماع هيئة الحوار الوطني الذي انعقد بغياب أقطاب أساسيين وضُرب موعدٌ جديد له في 5 أيار المقبل، وبين جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت عصر أمس وكانت عاصفةً بسبب الخلاف حول التعيينات. أمّا المشهد الأمني فتركّزَ على الخطة الأمنية لمدينة طرابلس التي «هندسَهاوزير الداخلية نهاد المشنوق وانطلقت فجرَ اليوم، ويُعدّ نجاحها نجاحاً للحكومة ومعبَراً لاستعادة عاصمة الشمال استقرارَها وحياتَها الطبيعية .
وبين المشهدين السياسي والأمني، برزَ المشهد المطلبي مجدّداً مع تحرّك المياومين الذين نفّذوا اعتصامات في المناطق وقطعَ طرقات احتجاجاً على قانون يرَونه مجحفاً بحقّهم، مطالبين بتعديله قبل إقراره، وإلّا التصعيد، فيما تتحضّر هيئة التنسيق النقابية للإضراب الشامل غداً إحتجاجاً على التسويف والمماطلة في إقرار سلسلة الرتب والرواتب.

انعكس الخلاف حول «الذهب والخشب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان و«حزب الله على يوم بعبدا الطويل الذي استهل بالحوار وانتهى بجلسة مجلس الوزراء. واذا كانت الحرب صباحا ظلت باردة بفعل غياب «الحزب عن الطاولة فإن جلسة المساء لم تنأَ عن سخونة هذا الخلاف.

فعرض التسجيل الصوتي لسليمان حول مضمون جلسة الحوار التي تم الاتفاق خلالها على «اعلان بعبدا أثار حفيظة رئيس مجلس النواب نبيه بري فاستنكر هذا الأمر وقال لسليمان: «هذا لزوم ما لا يلزم فالجميع يعرف ماذا حصل في هذه الجلسة وهذا امر اتفقنا سابقا عليه.

اما مساء فاتضح أن الأمور لم تكن رمانة بل قلوب مليانة، فتفجر الخلاف في جلسة مجلس الوزراء حول البند الذي دائما هو موصول بصاعق «بند التعيينات

وفي التفاصيل انه عندما طرح بند تعيين مدير عام قوى الأمن الداخلي بالأصالة اللواء ابراهيم بصبوص وتعيين مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، طلب وزراء «8 آذار أن يكون هناك تشكيلة تعيينات ولو كانت محدودة تتضمن تنوعا طائفيا، لكن سليمان ووزراء «14 آذار اصروا على تمرير هذا البند في جلسة الأمس باعتبار انها تعيينات ضرورية تماشيا مع الخطة الأمنية في طرابلس والبقاع.

هذا الخلاف أدى الى تعليق الجلسة لمدة ساعة ونصف الساعة انتقل خلالها رئيس الجمهورية غاضبا إلى مكتبه وعقد خلوة مع رئيس الحكومة تمام سلام. وبعد مروحة اتصالات واسعة شاركت فيها القيادات ولا سيما بري والنائب وليد جنبلاط، تقرر تأجيل هذا البند 48 ساعة للاتفاق عليه، على أن يطرح في جلسة مجلس الوزراء غدا الخامسة عصرا.

وعلمت «الجمهورية ان سليمان ووزيري العدل والداخلية اشرف ريفي ونهاد المشنوق اصرا بشدة على تمرير تعيين بصبوص وحمود تماشيا مع الخطة الأمنية الموضوعة لطرابلس، باعتبار أن الخطة لا يمكنها الانطلاق بقوة وهناك شغور في مركزين مهمين: مدير قوى الأمن الداخلي ومدعي عام التمييز المعنيين مباشرة بهذه الخطة.

وتوالت المداخلات لكن فريق 8 آذار أصر على أن الشغور يهدد مراكز أمنية وإدارية مهمة عدة والأفضل أن يكون هناك تعيين في أكثر من مركز ضمن سلة كاملة. وهنا طرح وزير الخارجية جبران باسيل أن يشمل التعيين تعيينات المجلس العسكري لقيادة الجيش نظرا إلى الشغور الحاصل فيه.

فطلب رئيس الجمهورية تحضير ملف يتضمن أسماء مقترحة لملء الشغور في المجلس العسكري ومخابرات الجيش ورئيس الغرفة العسكرية على ان يطرح هذا الملف في الجلسة التي تلي جلسة الغد.

لكن بند تعيين نواب حاكم مصرف لبنان مر بالتوافق فتم التجديد لنوابه الثلاثة : الشيعي والسني والدرزي، اما الارمني فمُدّد له لتاريخ محدد طلبه حزب «الطاشناق.

ووافق المجلس على الهبة السعودية بقيمة 3 مليارات دولار لمصلحة الجيش لكن وزير الدفاع سحب البند من جدول الاعمال بسبب تفويض التوقيع والذي من المفترض ان يكون لقائد الجيش. ووافق مجلس الوزراء على تمديد العقدين الجاريين مع اوراسكوم تليكوم ومع شركة ام تي سي لادارة شبكة الخليوي لـ3 اشهر قابلة للتجديد شهرا شهرا على ان لا تتخطى 6 اشهر. وارجأ المجلس النقاش في ملف النفط .

وعبرت مصادر وزارية لـ«الجمهورية عن استيائها لما حصل داخل الجلسة في اعتبار انه تم تضييع الوقت على بند واحد كان يفترض ان يتم التوافق عليه قبل الجلسة كما جرت العادة وان المواقف التي اتخذت كان بعضها غير مفهوم، خصوصا ان هناك توافقاً داخل الحكومة على تمرير كل البنود الخلافية بالاتفاق

الحوار

في غياب «حزب الله، المعنيّ الأساسي بالاستراتيجية الدفاعية، وأقطاب أساسيين كالنواب سليمان فرنجية ورئيسُ حزب القوات سمير جعجع، عُقدت أمس في بعبدا جلسة غير مكتملة لهيئة الحوار، لاستكمال البحث في هذه الاستراتيجية.

وأكّد البيان الصادر عن الهيئة «أنّ التهديداتِ الاسرائيليةَ وتزايُدَ خطرالإرهاب، ولا سيّما المخاطر الناتجة من تداعيات الأزمة السورية والسلاح المنتشر بصورة عشوائية بين أيدي المواطنين والمقيمين، تستوجب التوافق على إستراتيجية وطنية للدفاع حصراً عن لبنان

«حزب الله

ووصفت مصادر مُطّلعة على أجواء «حزب الله جلسة الحوار أمس بأنّها جلسة لتضييع الوقت، وقالت لـالجمهورية إنّ هناك ثلاثة أسباب وراء مقاطعة الحزب للحوار: أوّلاً، الفترة الزمنية الحاليّة هي فترة استعداد للاستحقاق الرئاسي وليس لطاولة الحوار.

ثانياً: لم يعُد الرئيس سليمان حَكماً تُجمِع عليه كلّ الأطراف، بل أصبح طرفاً، نتيجة علاقات خارجية وداخلية له، وبالتالي لم يعُد هذه الشخصية التي يمكنها أن تكون حَكماً.

ثالثاً: إجتماع هيئة الحوار أمس هو اجتماع لتضييع الوقت، ولن يثمرَ شيئاً إيجابياً لمصلحة لبنان. لذلك نفضّل أن تتأجّل طاولة الحوار إلى ما بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي، كي يأتي رئيس جديد يُجمِع عليه اللبنانيون وينطلق بمبادرة جديدة عنوانُها الحوار بين جميع الأفرقاء، ونحن مستعدّون لهذا الحوار الجديد، ويدُنا ممدودة وقلبُنا مفتوح، وليس هناك شروط تعجيزية أو عوائق، بل على العكس، سنكون مستعدّين، وليطرح الجميع هواجسَهم وسنعالجها وإياهم.

وعمّا إذا كانت شعرة معاوية قد قُطِعت بين الحزب ورئيس الجمهورية، أجابت المصادر: «نحن نحترم مقام الرئاسة، ونرى أنّ رئيس الجمهورية يحمي الدستور، وأنّه أبٌ للّبنانيين، ولكن ويا للأسف، في آخر فترة زمنية من ولايته، يصبح الشارع الماروني هو من يؤثّر في الرئيس، وليس الرئيس من يؤثّر في الشارع الماروني

وأضافت: «إنّ الرئيس سليمان لم يخطئ في حقّ الحزب فحسب، بل أخطأ مع المقاومة وجماهيرها.

الإستحقاق الرئاسي

وتابعت اللجنة التي شكّلها رئيس مجلس النواب نبيه برّي والمكلّفة استطلاع آراء رؤساء الكتل النيابية حول الإستحقاق الرئاسي مُهمتَها، فزارت امس بكركي وبنشعي والرئيس نجيب ميقاتي.

وشرح الوفد للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مسعى بري الهادف إلى الإسراع في تحديد جلسة الانتخاب، وليس التسرّع، من أجل أن تكون جلسة جامعة وناجحة، وأكّد أنّ رئيس المجلس «يشاطر البطريرك حرصَه على ان يكون هناك انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتأكيد قبل أن يأتي موعد المهلة المحدّدة، أي المهلة القاطعة.

وأوضحَ رئيس «تيار المردة النائب سليمان فرنجية «أنّ مطلبنا نحن الأقطاب الأربعة هو الرئيس القوي، وهدفنا الرئيس القوي، ونحن نتدارس كيفية وصول هذا الرئيس ضمن المهلة الدستورية، لكنّه أشار الى أنّ هذه المهلة لا تشكّل «فزّاعة لنا.

أمّا ميقاتي فأكّد أنّ الأولوية هي لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، متمنّياً لبرّي التوفيق «في مسعاه، من أجل تحديد المسار الذي يوصلنا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية.

السابق
الشرق الاوسط : هيئة الحوار في لبنان تبحث سلاح حزب الله في غيابه
التالي
اخطار المخدرات والوقاية منها