قراءة هادئة وأخيرة في فيديو الأسير وفي الأسير نفسه(2\2)

لم يحصر الأسير المشكلة مع حزب الله، بل أتْبع حركة أمل بها وعمم الوضع على كل قبائل عاملة جنوبها مع بقاعها واصلا بهستيريته حتى إلى نسف مساكنة المكان: “بعدين بنفكر كيف بنعيش معكم” أي بعد “تكسير راسكم” التي كررها مرتين.

    لا أعلم أية مساكنة ستبقى بعد حفلات “تكسير الراس” لثلث اللبنانيين التي يتوعد بها الأسير! بدا لي أنني أستمع إلى رئيس مجموعة مسلحين من زمن الزواريب وقد تمزقت تمزيقا وسحقت سحقا، لكن رئيسها الذي لاذ بالفرار، يعود بعد سنة ليرسل لكل “المدينة” لا للزاروب، رسالة من مكان خفي، من خارجها على الأرجح، يتوعدها كلها وقد نفخ وتنفخ في ذاته فتوهم من كبر خوائه وخواء ذاته أنه شيئا مهما.
   لم يستوعب الأسير، وهو هنا يتساوى مع لبنانيين كثرغيره، يشبههم ويشبهونه، ولكن على تشكل أكثر تقية أوتلبيسا، لم يستوعب، أنّ لبنان هذه هي بلاد البين بين، على توصيف وضاح شرارة، وقد زادها ارتباكا أنها ساحلية لم تستكمل ساحليتها شمالا الى الحدود التركية على غرار ولاية يروت العثمانية التي كانت أكثر انسجاما، وقابلية للعيش الهني، على توصيفي لها.
  لم تكن هذه المنطقة ولن تصير يوما عاصمة امبراطورية، أو مشروعا قياديا، هي فقط، حدود ممانعة للإتجاهين، ( كلن هذا قبل سقوط فلسطين التي كشفها من طرفها الجنوبي، وللتذكير ان عكا ونابلس كانتا تابعتين لولاية بيروت، وتحدد مسارهما تاريخيا مع هذه السلسة الجبلية أكثر مما تحدد مع وسط و جنوبي فلسطين).
  يسْلَمُ مقيمو لبنان التكوين الجغرافي، إنْ أدركوا انه ليس مستقرا لمشاريع ” كبرى”. وتنقلب احوالهم جحيما، إن اتخذوا منه ممرا، سواء لغرب أو شرق. أو توهمت أكثرية فيه بشقين ، توارثت مقاتل الطالبين، توهمت انها يمكنها التحكم بهلال يعرب ذو اسلام الأمة الجامعة أمة الدعوة. وتهلك فرقة منه تتراكض اليوم لربط عاملة ببلاد العلوين، تهلك هنا في لبنان الكيان السياسي الحالي وفي لبنان الجغرافي ان قام على التقاسم معها، فهي هالكة هناك أصلا. ( فليطمئن صديقنا العزيز وسام سعادة في مقاله الأخير “بالمستقبل“(جبل عامل ـ السلسلة الشرقية ـ وادي العاصي ـ جبل العلويين: طوق الجمع والفصل)، ولو ان سؤال قلقه كان ينتمي إلى مارونيته الطائفية مع مذهبيته الارثوذكسية.
  وتسْلم أكثريةٌ أخرى مقيمة في قسم من هذه السلسة، وقد تعرّبتْ لغةً، إنْ نأت بنفسها عن الالتحاق غربا، أومحاولة إختطاف هذا القسم المسمى تسمية مكانية لبنان الكيان السياسي المتكون لأوّل مرة في التاريخ. نخطفه كغنية حرب تتوهم انها جزء ممن انتصر في الحرب العالمية الأولى، أو متفكرة بمشاركة ” أكثرية قلقة – مقلقة” في الانفراد بها.
  لم تدرك يا أسير في تفوهك بهذا الفيدو الأقلوي الذي طلعت به علينا، أن العطف الذي حصلت عليه عندما تم اقتحام عبرا، هو تعاطف من ” أم الأكثريات”، ليس في لبنان الكيان السياسي فحسب، بل من كل هلال يعرب وتواصلها جنوبا إلى يعرب الأولى أوغربا إلى المنطقة الثانية من كل أمّة الدعوة، وعنيت به يعرب وادي النيل ويعرب بلاد المغرب العربي الكبير.
  ليس عليّ تذكيرك يا أسيربانّ معركة بدر الكبرى على أهميتها في تمزيق “أمّة” الأهل والقبيلة لصالح “أمّة الدعوة”، فإن “أمّ الأكثريات” قد تجاوزتها على قاعدة انها حملت في رحمها تفتت الملأ من قريش ((رمز أمّة الدعوة وصورة ذهنية للأصل خصتها بانها أمّة راشدية جامعة موسعة في معنى أل محمد دون الشخصنة رغم القدسية))، وأطّرتها “عمرية “رسمتها ابتداء من قطع شجرة ذات انواط الى القول بانه لا يسترق عربي ولا يجري عليه رق، إلى تربية القرّاء من أطفال منطقة مسيلمة الكذاب نافرة من المدينة موسعة وصولا إلى القادسية واليرموك مثبتة المعركتين كصورة الصراع مع الخارج مدللتان على اننا أمة وسطى لا شرقية ولا غربية، أمّة دعوة لا أمّة استجابة معنونيْهما بقيم لم يعرفها المغول(برابرتنا وإن اعتنقوا الإسلام)، متمسكين بالعنوان الأخلاقي الخارجي،” خرجنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد” ومتخذة من الابتعاد المكتوم عن بدرٍ الكبرى ضرورة لوحدة الامة من” فتن كقطع الليل المظلم”.
     إنّ “أمّ الأكثريات” يا أسير، هي خيّار ربّاني. هي لغّة عربية حيث لا تلاوة بدون العربية ولا تثاب صلاة بدونها. وهي خيّار للروح الخيّرة في أي نفسٍ حلّتْ استنادا للنفخة الأولى وهو في بطن أمّه شقي أمْ سعيد، وهي خيّار أصّله ابن تيمية في تصدّيه للمغول قبيل معركة شقجب (أصّله، بتأويله اللغوي واستدلاله الفقهي لمعنى “أكرمك عند الله أتقاكم‘”عن طريق القول انه خاص بأعيان الناس لا بجنسهم وأضاف الي التأصيل استدلال الشوافع والحنابل بعدم التكافىء في تزويج العربيات من العجم أوالترك أوالديلم)).هوخيّار شرط ابتدائه انه يسع الكل ويحمل الكل ويجبْ عمّن سبقه. وشرط دوامه فتح الاستخلاف، استخلاف الامة المؤمنة على ارضها وحاضرها ورسالتها.
 معنى كلامي هنا يا أسير أنّ غِلّكَ وظهور مكنون نزواتك وانفلات عواطفك وكل هذا لعمي بصيرتك، معناه أنك لا تنتمي تقريبا أو على طرف من أمّة الدعوة، ولو كنت أكثر منّي تعبدا أو حفظا لقال الله وقال الرسول.
  • الحريرية السياسية
الحريرية السياسية يا أسير، في قسم منها تلتقي مع فكرة المكان، لكنها في قسم آخر هي مجوّفة وفارغة لدرجة انها تعجز عن فهم المكان وعن أهمية الهوية في صيانته. مثّل الرئيس الشهيد رفيق الحريري عنوانا للقسم الأول، ولم يتورط او يسمح لنفسه بالوقع في الخواء الثاني.
  أغتيل الشهيد الحريري رحمه الله بقرار سوري إيراني مشترك، و أسماء المتورطين  مثبتةٌ، منها ما هو معلن ومنها متخيل مرسوم ومدرك في الذهن . وسيحاسب كل مشارك بشخصه. وسيتعرى تعري “الممانعجية” اليوم في سوريا. سيتعرى كيف يقرأ على روحه الفاتحة وهو شريك مشارك في قتله!!!. لكن الحريرية بعد الشهيد وبعد التوريث، إنتهت عمليا، وكما انتهى الطائف باغتيال  الشهيد، دخلت في موت سريري.
    لم يتبلور بعد حركة سياسية تستوعب معنى لبنان أولا وهويتي دوما. وهي معان كانت هذه الكلمات تحاول تحديد خطوطها. وفي نفس الوقت قطع الطريق على رئيس مجموعة مسلحة أهوج مشخصن للأمر مثلك يا أسير. وهيجانك العاطفي كشف لباسك الحقيقي.
  أتعرف يا أسير… لولا التنزيل، لما انكشف دهاء ابليس. أنا هنا لا أخْرِجَك من الملّة، بل أقول انه حين تقتل، فالواجب دفنك في مقابر المسلمين والصلاة عليك. ومن يعترض على هذا فلا هو قد فهم معنى لبنان أولا، ولا هو ينتمي الى بُعدي وأبَعاد ” هويتي”.

 

وهنا رابط جزء الأول:

http://janoubia.com/165537

السابق
سكاي نيوز: الحكومة التركية قررت حظر موقع يوتيوب بعد تويتر
التالي
الجيش يلقي القبض على أحد كبار المتهمين بعمليات الإرهاب بعرسال