أحزاب لبنان ‘خارج الشباب’.. وليس العكس

احزاب لبنان
تكملة للمقال السابق الذي نُشِر في جنوبية بعنوان "جيل 2014: لا أحزاب بل نشاطات على القطعة’" بتاريخ 23 أذار 2014، نكمل بمجموعة أحاديث مع شبّان ولدوا بعد العام 1990، ونحاورهم حول تجاربهم السياسية. وخلاصة مشتركة بينهم: الأحزاب خارجنا، ولسنا نحن خارجها.

حركات شبابية عديدة تريد، وتعمل على، التغيير بكل الطرق الذكية، إن كانت فنية أو سياسية، أو بالعمل على الأرض، من تظاهرات إلى غيرها من الاعتصامات أو التحرّكات الميدانية. لكن هناك سوء فهم كبير. إذ يخلط عدد كبير من اللبنانيين بين “المستقلّين” الذين لا يتبعون حزبا ما أو “قيادة مذهبية”، وبين الشيوعيين وبين العلمانيين وبين الملحدين.

أنا على سبيل المثال لبناني من جنوب لبنان، ولدت على المذهب الشيعي، لكنّني اخترت أن أكون علمانيا. والعلمانية كما أفهمها لا علاقة لها بالدين أو بالسياسة اللبنانية. أي أنّها ليست مرادفا للإلحاد من جهة أو رديفا للشيوعية أو الإشتراكية مثلا. بل هي تعني فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة والحياة العامة، وعدم إجبار الكلّ على اعتناق وتبنّي معتقد أو دين أو تقليد ما.

على المستوي السياسي تطالب العلمانية بحرية الاعتقاد وتحرير المعتقدات الدينية من تدخل الحكومات والأنظمة، وذلك بفصل الدولة ومؤسساتها عن وصاية أيّ معتقدات دينية أو غيبية، وحصر دور الدولة في الأمور المادية فقط.

بين العلمانية والأحزاب اللبنانية شبابٌ حاورتهم من عائلات ومناطق وطوائف مختلفة، وسألتهم سؤالا واحدا: “إلى أيّ حزب تنتمي(ن)؟”. وبالطبع، احتراما لطلبات بعضهم، لم أذكر أسماءهم والأجوبة كانت على الشكل التالي:

– أنا طالب علوم سياسية في جامعة NDU، مسيحي على الهوية وتربّيت في عائلةٍ كتائبية أصلية، أي أنّني كنت أشارك في كلّ ذكرى سنوية لاغتيال الرئيس بشير الجميّل. وكنت مجبراً على الإنضمام إلى المكتب الشبابي التابع لحزب الكتائب اللبناني. كنت صغيراً، ولا أعلم ما كانت خلفيات هذا الحزب. كلّ ما كنت أحبّه هو حين كنت أذهب مع أصدقائي خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى النشاطات التي ينظّمها الحزب، لأتسلّى  مع رفاقي. لكنّني بعد فترة اكتشفت أنني لا أؤمن بمبادئ الحزب “الوطنية” (قالها بسخرية).

 -أنا طالب علوم معلوماتية (Computer Sciences) في جامعة LAU. أنا لا دين لي، فمنذ سنتين قمت بشطب الطائفة عن إخراج القيد بسبب عدم اقتناعي بالديانة التي عائلتي تتبعها. لم أنتم يوماً إلى حزب أو حركة سياسية لبنانية ولن أقوم بذلك، وعلى جثتي. التحركات الوحيدة التي أشارك فيها هي التظاهرات الشبابية من أجل نظام أفضل، فخلال السنوات الأربعة الفائتة كنت أشارك بتحرك “إسقاط النظام الطائفي في لبنان”، الذي، للأسف، سقط أمام الديكتاتورية المبطّنة التي نسميها الديمقراطية في لبنان. ومن ثم شاركت في تظاهرات “لا للتمديد” لمجلس النواب، وفي تظاهرات داعية إلى إعطاء المرأة حقوقها واعتصامات ضدّ العنف الأسري.

– أنا طالبة إخراج سينمائي في الجامعة اليسوعية ببيروت  (USJ)، لا أهتم لأي شيء في السياسة اللبنانية أو التحركات الشبابية البديلة ولا أريد البقاء في لبنان. أريد الهروب إلى دولةٍ تحترمني كما أنا وليس أكثر.

 – أنا طالب إدارة أعمال في الجامعة اللبنانية، أعاني من سلطة الأحزاب اللبنانية في الجامعة وخارجها. انضممت عام 2007 إلى الحزب الشيوعي اللبناني بصفتي أؤمن بمبادئ الشيوعية العادلة، لكنني قدمت استقالتي من الحزب حين بدأ يتحالف ويقبل بجرائم حزبي 14 و 8 آذار وترك عامة الشعب والبروليتاريا تذهب إلى الجحيم.

 – أنا علماني، مواطن مدني، ضدّ كل الأحزاب وأحلم يوماً أن يثور الشعب اللبناني على هؤلاء المجرمين في الحكم من كل الطبقات السياسية الحاكمة.

– أنا أؤيّد حزب القوات اللبنانية لأنني أعيش في الأشرفية وما زال لدي هاجس بأنني إذا لم أنتم إلى الحزب الذي يمثل طائفتي فسأقع بمشاكل كبرى ولن يكون أحداً داعماً لي.

إذا ينقسم هؤلاء. لكنّ معظمهم “خارج الأحزاب”. منهم من شطب مذهبه عن الهوية كردّ فعل على ويلات المذاهب. ومنهم من يشارك في نشاطات “مستقلّة” حقوقية. ومنهم من هو “ضدّ كلّ الأحزاب” ومنهم من هو في حزب ما “خوفا من الآخر”. ومنهم من خاض تجربة حزبية وخرج منها. والمشترك هو أنّ “الأحزاب” غائبة كبرامج، وليست “على اللائحة” التي يحلم كلّ شاب أن ينجزها في سنوات شبابه. بل هي “خارج اللائحة” و”خارج السؤال”، وليس الشباب من هم “خارجها

السابق
حزب الله أفلس عدديا.. فيجنّد مراهقين جنوبا وبقاعا
التالي
سقوط صاروخ بين بلدتي بريتال وحورتعلا